لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"مش مجرد مسلسل رعب".. مُحبو أحمد خالد توفيق يحكون ذكرياتهم مع روايات "ما وراء الطبيعة"

06:03 م الجمعة 06 نوفمبر 2020

كتبت-رنا الجميعي:

ربما يستغرب البعض لم كل هذه الضجة على مسلسل رعب، يدعى ما وراء الطبيعة، منذ شهر يترقب العديد طرح المسلسل على شبكة نتفليكس العالمية، وفي العاشرة من صباح أمس كانت الوجبة كاملة مُعدّة، موسم جاهز للمشاهدة بحلقاته الخمس.

لا يعتبر العمل الدرامي مُجرد مسلسل رعب فحسب، بل عمل مقتبس من سلسلة روايات مصرية للجيب "ما وراء الطبيعة"، التي ألفها دكتور أحمد خالد توفيق، من إنتاج المؤسسة العربية الحديثة، وقد ظهرت للنور عام 1993، وصدر منها ثمانين عدد، وتوقف النشر فيها عام 2014، وبسبب تلك السلسلة فُتح الباب لأجيال كاملة نحو عالم من الثقافة والمعرفة اللامحدودة، والآن يستعيد هؤلاء ذكرياتهم الأولى مع السلسلة.

2

منذ أن شاهدت انجي ابراهيم التريلر الخاص بالمسلسل، منذ شهر، شعرت بالخوف، لم تدري هل العمل الدرامي سيوافق توقعاتها أم لا، هي التي تربّت على سلسلة ما وراء الطبيعة، كانت في المرحلة الإعدادية حين تعرّفت عليها "كان فيه مكتبة بتبيع الروايات دي وماما اشتريتهم لي"، بدأت بقراءة أسطورة النافاراي وأسطورة التوأمين، كانت وقتها لا تقرأ انجي سوى سلسلة رجل المستحيل، لمؤلفها دكتور نبيل فاروق، "لكن حسيت إن الأعداد دي مختلفة جدًا".

فُتنت انجي بقراءاتها الجديدة، وفيما قرأته تأثرت بشخصية النافاراي "كان شخص وحيد مع نفسه تمامًا، شعرت أنها قريبة منه "وأنا كنت شخص انطوائي وتخينة ومفياش حاجة مميزة"، تتذكر انجي في لحظة ما تفاعلت فيها مع الأعداد بشدة "بصيت على صورة الكاتب اللي على الغلاف الخلفي، وكنت بقوله انت ازاي كتبت حاجة زي كدا".

فرط التفاعل ذلك جاء بفضل الشخصية التي ألفها خالد توفيق، وهو رفعت اسماعيل، الطبيب العجوز الذي لا يشبه أبطال الروايات في شيئ "ودي كانت أول مرة أشوف فيها بطل الرواية يكون إنسان عادي، محدش أبدًا قبل دكتور أحمد قالنا إن ممكن إنسان عادي يبقى مهم ويكون فيه شيء مميز"، وبسبب حبها لبطل السلسلة صار هو صديقها الحقيقي الوحيد في دنياها الخالية من الأصدقاء "لحد أولى جامعة مكنش في دوايري حد بيقرا، ومكنش ليا صحاب غير رفعت، كنت بكلمه قبل ما أنام وبقوله كل خططي".

3

بنفس الشكل تعرف مارك سيمون أيضًا على روايات ما وراء الطبيعة، غرق تمامًا في العوالم التي حاكها أحمد خالد توفيق "حبيت الأساطير اللي بيقدمها، المصرية زي النداهة والأجنبية زي الموتى الأحياء وأوراق التاروت"، عوالم كانت تأخذ الطفل السكندري بعيدًا عن دنياه الضيقة "وكنت بحب طبعًا البطل الكحيان اللي قدّمه، رفعت اسماعيل".

ومثلما حدث ذلك لانجي وسيمون، حدث ذلك لغادة محمود، القادمة من مدينة المنزلة بمحافظة الدقهلية، بلدة صغيرة لا تحتوي سوى على مكتبتين تبيع تلك الروايات، في ذلك الوقت الذي تعرفت فيه على السلسلة، وهي بالمرحلة الإعدادية أيضًا، في نهاية التسعينيات "كنت بقرأ روايات بس مكنش ليا في الرعب، فكنت قلقانة شوية بس بسبب شخصية رفعت وأسلوب الكتابة البسيطة وتوصيل المعلومة بشكل حلو، خلتني أتعلق بيه جامد".

بخلاف الثلاثة الذين بدأوا القراءة صغارًا، تعرّف عبدالله عبد الناصر على عالم ما وراء الطبيعة في سن الـ18، بعد وفاة أحمد خالد توفيق عام 2018، ورأى الشاب جنازته التي ازدحمت بشباب من مختلف المحافظات دون سابق معرفة "استغربت جدًا إن فيه شخص الناس بيحبوه بالشكل ده، وبدأت أقرا له وقتها"، بالفعل تأثر عبدالله برواياته كثيرًا "حتى أنا ندمت إني معرفتوش وأنا صغير".

لم يُحبّ القراء ما وراء الطبيعة بعيدًا عن مؤلفها، بل إن محبتهم غير النهائية وصلت إليه أيضًا، فبينما لم يترك عبدالناصر حوارًا لدكتور أحمد خالد توفيق، يتعرّف من خلاله على أفكاره، ويقترب منه أكثر، بعدما رحل عنّا بجسده، امتلأت مكتبة سيمون بكل الكتب التي أنتجها ذلك الرجل من روايات ومقالات مجمعة، ولم يقتصر حبه على ذلك بل إنه هو الشخص الذي وضع اللافتة الحجرية من الرخام الأبيض على مقبرته في مدافن قحافة بمدينة طنطا، المكتوب عليها "جعل الشباب يقرأون"، هكذا وصل حب سيمون لمن يُطلق عليه لقب العرّاب.

4أأما غادة فوجدت أن من واجبها تعريف الجيل الأصغر به، رغم أنها لم تسعْ أبدًا لمقابلته شخصيًا، لكنها تعرف جيدًا أثره في حياتها، "لما بشوف ناس أصغر مني بيحبوا يقروا بعرّفهم بدكتور أحمد وبكتبه"، لكن إنجي كانت أكثر حظًا؛ فبفضل دكتور خالد توفيق ورواياته امتهنت مجال كتابة، وكانت تكتب في نفس الصحف والمواقع التي كتب فيها دكتور خالد توفيق مثل؛ جريدة اليوم الجديد وموقع إضاءات، وبص وطل.4

ليس ذلك فحسب، بل إنها سمعت صوته عبر مكالمة تليفونية يقول لها "سلامتك"، وقتها كانت انجي طالبة جامعية، وتمرّ بفترة نقاهة بعد عملية أجرتها "وواحد من صحابي كلمنى قالي إنه عاملي مفاجأة، وفجأة سمعت صوت الدكتور في التليفون"، تحكي إنجي أنها كانت لا تستطيع بعد التحرك "لكن لقتني بقوم بتنطط على السرير من الفرحة".

حب القُراء الكبير لما وراء الطبيعة، ودكتور خالد توفيق، جعلهم ينتظرون المسلسل بشغف كبير، يتخلله بعض القلق والخوف، فكما يقول مارك "الموضوع شخصي جدًا بالنسبة لنا كأبناء العراب"، لكن ما يُطمئنه هو والبقية أن مخرج ومؤلف المسلسل، عمرو سلامة، والبطل الذي يجسد شخصية رفعت اسماعيل، أحمد أمين، هم أيضًا من أبناء دكتور خالد توفيق "الحب ده عُمره ما هيطلع حاجة وحشة"، كما تذكر انجي، يكفي أن واحد من أحلام المؤلف، وهو تحويل ما وراء الطبيعة إلى عمل فني، يتم تحقيقه على أكبر منصة للبث الرقمي وهي نتفليكس.

5

لم ترى بعد غادة المسلسل، لكنها تثق فيما يقدم "لما شفت التريلر حسيت أد ايه متكلّف، واتبسطت إنهم جايبين شكل البيت المصري بتاعنا زي ما كتب عنه دكتور أحمد في الروايات"، كذلك لم يره بعد عبدالله، أما انجي فقد أنهت الموسم كاملًا "مجهود كبير مبذول في المسلسل بس فيه مشاكل تقنية ليها علاقة بالصنعة نفسها"، أما ماركو فقد شاهد حلقة واحدة فقط، يودّ أن يتمهل في المشاهدة "مش عايزه يخلص بسرعة"، يقول ضاحكًا، ويعلق حتى الآن فيما رآه عن شخصية رفعت اسماعيل "أحسن من اللي كان في خيالي عن رفعت، خاصة إنه خسّ، فباين أكبر من عمره".

"ولد صالح يدعو له".. هكذا يرى ماركو تجربة العمل الدرامي بالكامل، فإن الميزة الأكبر هو وصول خالد توفيق للعالمية عبر نتفليكس "كفاية إننا عرفنا العالم بإن في مصر أديب عظيم متواضع بيكتب من التمانينيات للألفينات، قدر إنه يبقى في الوجدان الجمعي بتاعنا، ويعرّف الناس بالعالم برة عامل ازاي، في وقت مصر كانت فيه فقيرة ثقافيًا ومكنش فيها مستوى عالي من الإطلاع".

في العديد من البيوت المصرية الآن ربما لا تكف ألسنة عن الدعاء بالرحمة لكاتبها المفضل، منحه الله الهبة الأكبر، وهي الحب، ذلك الحب من قوته جعل اسم الرجل لا يزال بيننا، فيما يمتلأ قبره بورود ونباتات جعلته بعيدًا عن الكآبة المعتادة التي تحيط بالمدافن، حتى أن عامل المدافن هناك، عم صالح عبد النبي، الذي لم يسمع باسم دكتور خالد توفيق من قبل، شعر بتلك المحبة "أنا بقالي 8 سنين هنا وعمري ما شفت قبر بيزوره الناس دي كلها".

6

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان