"نوبا تيوب".. أول قناة إعلامية بصوت أهل النوبة
كتبت-إشراق أحمد:
وجوه سمراء، تضخ الطيبة من ثنايا ابتسامتهم، كبار وصغار. بيوت بسيطة، ألوانها الزاهية تزيدها تميز، الصحبة والأهل، موسيقى الدفوف الشهيرة، النيل وأشرعته، الخضرة المناسبة لقلوب أهل أقصى جنوب الصعيد، الذين يكملوا مشهد تجلي أرضهم على الشاشة، بلهجة غير مألوفة على الأذن، لكنها لغة أهل النوبة المحفوظة في نفوس أهلها، وقرر جمع من شبابها أن يحافظوا عليها، ليس بتعلمها فقط، لكن بنقلها، والخروج بها للنور، هي وكل ما تحمله الأرض السمراء من طباع وتفاصيل لا يعرفها عنها الكثير، فكانت الفكرة بإطلاق قناة "نوبا تيوب".
قبل نحو خمسة أشهر، وتحديدا في 1 سبتمبر 2015، تم العمل على إخراج قناة على الانترنت، تكون منصة إعلامية لأهل النوبة بلغتهم، "مشروع مجتمعي للحفاظ على التعددية الثقافية" هكذا أوضح محمد عزمي المدير التنفيذي للقناة، الهدف الذي اتفق عليه جمع من الشباب، أعضاء مركز حدود للدعم والاستشارات، في إطار سعيهم الدائم لتنمية النوبة، إذ أن القناة الإلكترونية تعد أحد المشاريع التثقيفية العاملين عليها، لكنها كانت الأنسب والأسهل للوصول للناس وتحقيق ما يطمحون إليه "إحياء اللغة النوبية اللي تكاد تكون ماتت" كما يقول "عزمي".
ساعة لمدة ثلاثة شهور، تزيد إلى ساعتين تبث بها "نوبا تيوب" برامجها، المعتمدة على 3 برامج رئيسية "أركي" أو قريتي ويحكي عن قرى النوبة، مشاهيرها، والناس الذين يعيشون بها، كافة التفاصيل التي ربما لا يعرفها الكثير عن مناطق أرض الذهب، ولأن الفن جزء أصيل من النوبة، فيأتي "البرنامج الفني"، كصالون يستضيف فنان يتحدث عن موهبته وما يقدمه، وارتباطه بأهله، ويكتمل الأمر بالنشرة الإخبارية، ولا يخلو الأمر من فقرة لتعليم اللغة النوبية كما يقول "عزمي".
نحو 40% من أهل النوبة يعرفون ويتقنون لهجة الأجداد، فيما نحو 5% فقط من خارجها على دراية بها كما يقول "عزمي"، وهو ما جعل مركز القناة يكون بالنوبة، بينما يؤكد المدير التنفيذي للقناة على السعي للتصوير مع أهالي النوبة في القاهرة، موضحا أن خروج القناة بالكامل باللهجة النوبية، لا يعني اقتصارها على شؤون النوبة فقط "هنتناول أخبار مصر كلها".
35 شخص من أهل النوبة وأسوان بشكل عام يعملون على ما تنتجه القناة، المخطط إطلاقها بشكل رسمي في 18 فبراير الجاري، مدعومة بالترجمة لخمس لغات "العربية، الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، البرتغالية"، فالقناة تستهدف أهل النوبة في مقدمة أولوياتها، ثم المصريين من المهتمين لكن لا يعرفون الكثير عن الأرض السمراء، يليهم المهتمين خارج مصر، وتلك الخطوة رغم مشقتها على فريق العمل، لكنهم حرصوا عليها في بداية الإعداد لأول قناة نوبية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وفي ذلك رسالة أيضا "دورنا على اللي يميزنا ويكون نقلة لناس غيرنا في أي مكان".
ضعف الإمكانيات أحد العوائق التي واجهت فريق "نوبا تيوب"، لكنه كان في باطنه باب مفتوح لشباب الإعلاميين بجنوب الصعيد "في شباب لما سمع عن اللي بنعمله بعت لنا يشاركنا خاصة أن مفيش فرص إعلامية في الصعيد بشكل عام"، غير أن أكثر ما أرهقهم هو عدم تصديق أهل النوبة أنفسهم، أنه يمكنهم الحديث بلغتهم أمام الكاميرات "ما بينهم كانوا يتكلموا كويس جدا وأول لما الكاميرا تصور وسط الكلام تلاقيهم اتكلموا عربي"، فيظل الفريق يردد "بعد إذنك تتكلم نوبي"، وهو ما تسبب في تأخرهم بعض الشيء عن تسجيل مادة جيدة لإخراجها للنور.
لم تكن محدودية الإمكانيات وراء إطلاق القناة على الانترنت –يوتيوب- بل الأمر مقصود، وجاء بعد دراسة كما يقول "عزمي"، فإلى جانب أن "السوشيال ميديا" بات له مكانة كبيرة وسريعة بين الناس، يرى المدير التنفيذي أن القناة النوبية لا مكان لها بين القنوات التليفزيونية "الحسابات كتيرة، بخلاف التراخيص مفيش معلنين هيقبلوا دعم القناة.. أي قناة هتطلع من الصعيد أو الجنوب صعب شوية".
تعليقات إيجابية جاءت لفريق العمل بعد نشر الفيديو الافتتاحي للقناة، أغلبها حمل ذلك المضمون "إزاي الناس على وشوشها الطيبة كده"، فيما حملت تعليقات الأصدقاء، نصائح تقنية تتعلق بجودة التصوير، وهو ما يدفع فريق "نوبا تيوب" كما يقول "عزمي" أن يبذلوا مزيد من الجهد، ويتحلوا بالأمل للوصول إلى مبتغاهم " الناس تتفرج وتستمتع ونفيد المجتمع اللي عنده جهل بالنوبة وأهلها".
فيديو قد يعجبك: