خرائط.. الطريق إلى شمال غزة مفروش بالركام: كيف فتحت الشوارع المغلقة؟
-مارينا ميلاد:
على ضوء فجر اليوم، مضى سيل من سكان غزة عبر شارع الرشيد عائدين إلى ديارهم شمالا بعد أن نزحوا منها إثر الحرب التي شنتها إسرائيل على القطاع وامتدت نحو 15 شهرًا.
وأظهرت لقطات فيديو حشوداً من الناس يسيرون على الأقدام على طول طريق الرشيد الساحلي بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من ممر نتساريم الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه، وحيث وقع بعض من أسوأ المعارك والدمار.
ووصفت "حماس" تلك العودة بأنها "انتصار" ضد ما وصفته "بخطط التهجير القسري للفلسطينيين"، خاصة بعد تصريحات دونالد ترامب (الرئيس الأمريكي)، حول احتمالية نقل سكان غزة باتجاه الأردن ومصر، الأمر الذي رفضته الدولتان.
وضمت الصفوف العائدة والتي يجثم عليها المشاعر المختلطة؛ نساء حاملات بعض الأمتعة، وأطفالاً وشبابًا يغنون، ومسنين يمشون على عكاكيز وآخرين مصابين. وعلى الجانبين، عُلقت اللافتات المرحبة بهم.. في الوقت نفسه، كانت بلدية غزة تعمل على قدم وساق لفتح الشوارع المغلقة بفعل الركام الهائل حتى تسهل مرورهم.
وتستعين بلدية غزة، كما ذكرت، بآليات متبقية من القطاع الخاص لرفع الركام في ظلّ تدميرِ آليّاتها ونقصِ المُعدّات اللاّزمة.
رغم ذلك نجحت في إعادة فتح عدد من الشوارع أبرزها شارعي الرشيد وصلاح الدين، حتى يمر منهما نحو 300 ألف نازح، حسب تقديرالمكتب الإعلامي الحكومي في غزة للعائدين، اليوم الإثنين. ولازال هناك عدد من الشوارع الرئيسية مخطط لفتحها خلال الأيام المقبلة.
وعاد هؤلاء بموجب أحد بنود اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، الذي يقضي بانسحاب القوات الإسرائيلية من أغلب المناطق المأهولة وعودة النازحين إلى مناطقهم وزيادة عدد شاحنات المساعدات القادمة.
ويقول سمير قنوع (مدير دائرة الإشراف والصيانة بالبلدية) إنه "منذ بدء الهدنة ونعمل ليلا ونهارا حتى نستطيع استقبال النازحين في الجنوب وفتح الشوارع أمامهم، وكان أولهم الشوارع الرئيسية الواصلة بين الجنوب والشمال".
وغير مرور القادمين من الجنوب، فمن المفترض أن تمر شاحنات المساعدات وسيارات الطوارئ من تلك الطرق بكثافة خلال الأيام المقبلة، فتتحدث تمارا الرفاعي (مديرة العلاقات الخارجية والإعلام في الأونروا) عن حاجة سكان غزة إلى كم كبير من المساعدات المختلفة، فتقول: "رأيت عشرات الآلاف من الناس تجمعوا للعودة إلى منازلهم، أو ما تبقى منها في الواقع، وبينما أشاهد اللقطات وأستمع إلى مدى سعادتهم وارتياحهم، فإن حجم ومدى الدمار الذي ينتظرهم غير متوقعين".
بينما قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن العائدين إلى الشمال يحتاجون إلى ما لا يقل عن 135 ألف خيمة ومأوى.
لذا تشترك بلدية غزة مع الهيئةِ العربية الدولية لإعمار فلسطين، وعدد من المؤسسات الأخرى لمواصلة فتح الشوارع. وتطالب كافة المنظمات الدّولية بضرورةِ دعمها وتوفير الآليات والمعدّات اللازمة للقيام بأعمالها.
وكانت إسرائيل قد أعلنت أمس إغلاق معبر نتساريم متهمة "حماس" بتنفيذ خرقين، أولهما عدم إطلاق سراح الرهينة المدنية أرييل يهود والذي قالت إنه أولوية، إضافة إلى عدم تقديم حماس قائمة بالرهائن الأحياء منهم والأموات. لكن قطر أصدرت بيانا في وقت مبكر من صباح الإثنين، بأن حركة حماس ستسلم "يهود"، مع اثنين آخرين من الرهائن قبل يوم الجمعة، مقابل سماح إسرائيل لسكان شمال قطاع غزة بالعودة.
وأفرجت حركة حماس عن أربع مجندات، السبت الماضي، مقابل إطلاق سراح 200 من السجناء الفلسطينيين. وما زال من غير الواضح ما إذا كان وقف إطلاق النار سوف يستمر بعد المرحلة الأولى، التي تنتهي في مارس. وتلزم المرحلة الثانية "حماس" بإطلاق سراح كل الرهائن المتبقين و"إسرائيل" بالإنسحاب الكامل من القطاع. ثم يبدأ الجانبان والوسطاء في المناقشات حول كيفية إعادة إعمار غزة وحكمها.
وفي طريق العودة إلى الشمال والذي يستغرق وقت طويل، ربما يتجاوز الـ8 ساعات، قالت إحدى السيدات العائدات، وهي أم لخمسة أطفال: "لا أصدق أننا مازلنا على قيد الحياة ونعود إلى ديارنا. اعتقدت أنني لن أعود أبداً "، فيما قال مواطنون أخرون خلال سيرهم وسط الشوارع المدمرة، "إنهم رأوا طرقا يمتد عليها تلال من الركام، ورائحة الجثث المتحللة تفوح بها"، حيث ما تزال جثث العديد من القتلى تحت الأنقاض، بينما تتعفن أخرى في الشوارع.
وعبر من وصل منهم إلى منازلهم، عن صدمتهم "لأن بيوتهم قد اختفت، ولم تعد لها ملامح". (اقرأ: منشورات يافا: "حتى لا ننسى خريطة غزة").
اقرأ أيضا:
فيديو قد يعجبك: