لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

علي بهجت علي

د. جمال عبد الجواد

علي بهجت علي

د. جمال عبد الجواد
10:19 م الثلاثاء 03 ديسمبر 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

في الزمالك شارع كبير يحمل اسم بهجت علي. لو كتبت هذا الاسم على محرك البحث جوجل فسوف يظهر لك اسم الشارع وخريطة تبين موقعه، موازيا لشارع أبو الفدا، بطول القسم الشمالي من جزيرة الزمالك، ممتدا في المسافة بين كوبري مايو والطرف الشمالي للجزيرة، بداية من شارع الجبلاية وانتهاء بشارع محمد مظهر. اللغز المحير هو أنك لن تظفر بأي شيء لو حاولت الحصول على أي معلومة عن هذا البهجت علي، والسبب في ذلك هو أنه لا يوجد أي شخص يحمل اسم بهجت علي. ربما يكون هناك من يحمل هذا الاسم، ولكنه بالتأكيد ليس بالأهمية التي تدعو جوجل لتذكره، فلماذا تطلق محافظة القاهرة اسما لشخص وهمي على شارع بأرقى أحياء العاصمة؟

حل هذا اللغز هو أن الاسم الحقيقي لصاحب اسم هذا الشارع هو علي بهجت، وليس بهجت علي. وقد جاء الالتباس من الطريقة التي كتبت بها اللوحة التي تحمل اسم الشارع، والتي تم كتابتها بطريقة فنية راقية، كعادة الخطاطين المحترفين، والذين كان يعهد لهم في الماضي بكتابة لوحات الشوارع. لقد قرر الخطاط العبقري أن يرسم لوحة فنية لا أن يكتفي بلافتة تحمل اسم شارع، فكتب اسم الرجل بخط رقعة رائع، جاء فيه الاسم الثاني "بهجت" أعلى الاسم الأول "علي"، فظن الناس أن اسم الشارع هو بهجت علي، وشاع الخطأ حتى وصل إلى الحي والبريد والمرور وجوجل، فلم ينل صاحب الاسم الحقيقي أي تخليد لذكراه رغم أن هناك شارع كبير في أرقى أحياء القاهرة يحمل اسمه.

علي بهجت هو أول عالم آثار مصري، ينتمي لنفس الجيل الذي ينتمي إليه الأثري المشهور أحمد كمال باشا، وإن كمال باشا قد سبقه بسنوات قليلة. تخصص أحمد كمال في المصريات، بينما تخصص علي بهجت في الآثار الإٍسلامية. كان أحمد كمال هو أول مصري ينضم لعشرات من الفرنسيين والهولنديين والانجليز والأمريكيين الذين تخصصوا في دراسة الآثار المصرية، وبالمثل كان علي بهجت أول مصري ينضم للقائمة الطويلة من المستشرقين الذين تخصصوا في دراسة الآثار الإسلامية، وكان أول مدير مصري لدار الآثار العربية، المعروف الآن بمتحف الفن الإسلامي، بعد أن ظل المتحف لعدة سنوات تحت رئاسة أثريين من الأجانب الذين تولوا تأسيسه.

قاد علي بهجت جهود الكشف عن الآثار الإسلامية في منطقة الفسطاط، وفي مناطق أخرى من القاهرة الإسلامية. كشف علي بهجت عن سراديب بناها الخلفاء الفاطميين تحت المدينة لاستخدامها في تنقلاتهم، فقد كان من عاداتهم أن يحتجب الخليفة عن العامة، فلا يظهر عليهم إلا في مناسبات دينية محددة. عشق علي بهجت الفنون والحرف الإسلامية، فقام بتدقيق وتسجيل المصطلحات، ووصف ما يقابلها من الإنتاج المادي والأدوات التي يستخدمها الحرفيون، فعرفنا عن طريقه مصطلحات "المزرر" و"الجفت" و"المكفت" و"الحشوة". قام علي بهجت بتحقيق وإعادة نشر مخطوطات عربية، منها "صبح الأعشى" للقلقشندي، و"بدائع الزهور في وقائع الدهور"، المعروف بتاريخ ابن إياس، و"قانون ديوان الرسائل" لابن الصيرفي.

لعلي بهجت إسهامات كثيرة في حفظ آثار مصر العربية الإسلامية، وليس أقل من تصحيح اسم الشارع ذي الاسم المغلوط في الزمالك. لتبقى لوحة فنان الخط على حالها، ولكن لنضيف تحتها لوحة أخرى تصحح الاسم، وتعرف الناس ببعض من تاريخ وإسهام المثقف الكبير وأول من تخصص في الآثار العربية والإسلامية.

إعلان

إعلان

إعلان