لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

احتجاج طلاب الجامعة الأمريكية.. ما الذي حدث؟

09:58 م الثلاثاء 07 فبراير 2023

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- عبدالله عويس:

منذ أيام ظهرت مقاطع فيديو، يحتج فيها طلاب بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، على أسعار مصروفاتهم الجامعية، ووصولها لضعفي ما دفعوه من قبل. قوبل الأمر بسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ سبقتها مقاطع فيديو اعتبرها البعض «مستفزة»، يتناول فيها طلاب من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، أحاديث عن أنواع سياراتهم، ومصروفاتهم الشهرية أو الأسبوعية. تصل قيمة بعض السيارات لملايين الجنيهات، ويصل مصروف البعض لمئات الدولارات.

ما بين الفيديوهات الأخيرة وما سبقها، تفاصيل يرويها طلاب بالجامعة. يعتبرون الأولى تصرفات فردية لا ينبغي تعميمها ولا تنطبق على الجميع. كان محمود (اسم مستعار لرغبته الشخصية) أحدهم. يشتكي الشاب من زيادة ما يدفع في الفصل الدراسي الواحد، إذ أنه وشقيقته يدرسان بالجامعة، في فرق مختلفة وكليات مختلفة.

«في ناس قادرة تدفع فلوس الدراسة بدون مشكلة، لكن في ناس بتعاني بشكل حقيقي عشان تقدر تكمل» يحكي طالب الجامعة، الذي زاد الدولار من معاناته خلال العام الدراسي الجاري.

في مارس الماضي، كان سعر الدولار يصل لنحو ١٦ جنيها مصريا. لكنه الآن يصل لضعفي المبلغ، بما يزيد عن ٣٠ جنيها. أمر كان له تأثير في زيادة سعر مصروفات الجامعة التي تحصل من الطلاب المصريين مصروفاتهم بالجنيه المصري، لكن بسعر صرف الدولار في يوم الدفع.

ظهر الطلاب وهم يحتجون، يهتفون للآخرين بالانضمام إلى احتجاجهم «ياللي ساكت ساكت ليه أبوك حرامي ولا إيه». فيما كانت اللافتات تحمل عبارات حول تسليع التعليم. وهتافات أخرى حول دفعهم ملايين الجنيهات. يظهر أحدهم في مقطع فيديو وهو يتحدث عن الجالسين في مكاتبهم المكيفة، دون شعورهم بمآسي الآخرين.

يقول محمود إنه دخل إلى الجامعة الأمريكية بمنحة، وفي المقابل يدفع أقل من آخرين، ورغم ذلك فإنه يشتكي عدم ربط الجامعة سعر الدولار بقيمة معينة: «لما بدأنا السنة كان بـ١٦ جنيه، دلوقتي بـ٣٠ فلو تم تثبيته برقم معين هيكون أحسن لينا، الجامعة مفروض مش هادفة للربح، لكن هي كده هادفة للربح».

يقول الشاب الجامعي إن أسرته ميسورة الحال، ورغم الأمر فإنها اضطرت لبيع بعض أصولها لاستكمال دراسة محمود وشقيقته في الجامعة الأمريكية بالقاهرة: «وده ممكن ميبقاش متوفر لكل الناس، أعرف ناس فكرت وبتفكر تحول لجامعات أسعارها أقل».

وكما تعامل البعض مع الفيديوهات الأولى المتعلقة ببعض تفاصيل المعيشة سخرية كبيرة، جاءت الفيديوهات الأخرى وقد حملت سخرية أيضا. ويُنظر لطلاب الجامعة الأمريكية في القاهرة على أنهم أبناء الطبقة المتوسطة وما فوقها، أو بما اصطلح عليه مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي «أهل إيچبت». لكنها نظرة غير سليمة بحسب محمود.

يرى الشاب أن التعليم الجيد، أهم ما تبحث عنه أسرته. ولا ينفي أنه يحصل عليه هناك، لكنه يبحث عن مصاريف يدفعها تكون أكثر عدلا: «أنا بعد ما كنت مفروض بدفع ٣٥٠ ألف جنيه، دلوقتي بدفع ٧٠٠ ألف ومعايا أختي كمان». لكنه إذ حصل على منحة فإنه يدفع أقل من ذلك بنحو ٣٥٪ ويطلب أن يكون هناك ربط لسعر الدولار عند رقم محدد.

المشهد بحسب كثيرين، يمنح ملامح أخرى تتعلق بتأثير الدولار على حياة المصريين بشكل كامل، الطبقات الدنيا والمتوسطة ومن فوقهما، ولذلك كانت أصوات جادة تعتبر ما حدث أمرا يتجاوز السخرية. فيما اعتبر آخرون المشهد كله، بداية من الفيديوهات وحتى السخرية، نتاج تفاعل طبقات متفاوتة على مواقع التواصل الاجتماعي.

يقول الطلاب في وقفتهم الاحتجاجية إن نفقات الجامعة ارتفعت من ٣٧٠ ألف جنيه سنويا، إلى ٧٠٠ ألف. ولم ترتفع نفقات الجامعة بشكل مباشر، وإنما كان انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية السبب في الأمر، ولم يتمكن طلاب من دفع تكاليف الفصل الدراسي الثاني، لتقرر الجامعة تخفيضا قيمته ١٠٪ لمن يدفع قبل التاسع من فبراير الجاري، بحسب رحاب سعد، المتحدثة باسم الجامعة.

تقول رحاب، إن هناك منح دراسية ومساعدات تصل لـ٤٥ مليون دولار سنويا، ويستفيد منها ٣ آلاف طالب، بما يصل لـ٤٠٪ من أعداد الطلاب بالجامعة، كما تقدم منحا كاملة بـ٨٥٠ طالبا. كما أنشأت الجامعة صندوقا للطوارئ لدعم الطلاب الذين لا يستطيعون سداد المصروفات بسعر الصرف الجديد. كما أن نفقات التشغيل بالجامعة تكون بالدولار لا الجنيه المصري.

وعقدت الجامعة حوارا مع الطلاب، كإجراء متبع، لتوضيح بعض الأمور، على أن يتم استكمال تلك الجلسات الحوارية، للنقاش مع الطلاب والوقوف على طلباتهم، وتفصيل ما يستجد. وكانت الجامعة قد تعهدت بألا يُجبر طالب على ترك الدراسة في الجامعة بسبب عدم قدرته على دفع الرسوم الدراسية، كما أوضحت في بيان لها.

تضيق سلمى (اسم مستعار) بالتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي الساخرة من وقفة الطلاب الاحتجاجية، والتعليقات بشأن مصاريف الجامعة: «في ناس تقدر تدفع ٣٥٠ ألف جنيه و٧٠٠ ألف وقدرتهم كده، وفي ناس لأ، فالتعامل مع ده إنه دي مشاكل عالم أول سطحية».

تؤمن الطالبة الجامعية بضرورة وأهمية التعليم الجيد في الفترة الحالية، وفي حين أنها ترى ذلك أولوية بالنسبة لها، فإنها تؤمن أيضا أن ذلك ربما لا يكون أولوية لآخرين: «أنا لي صحابي في الجامعة أسرهم بتستلف عشان يكملوا فلوس الجامعة، وأوضاعهم صعبة جدا».

واشتبكت الطالبة مع تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي تسخر من مطالبهم، فتوضح وتشرح، لكنه مجهود يضيع في رأيها مع التعليقات الساخرة، الراغبة في حصد الإعجاب فقط.

تقول الدكتورة عبلة البدري، وهي أستاذ علم الاجتماع، واستشاري حقوق الطفل والأسرة، إن الطبقات التي تشتكي من هذه الزيادة، تعود للطبقة الوسطى، وهي «رمانة ميزان» المجتمع والتي يتعلق بها استقرار أي مجتمع: «هؤلاء يرسلون أولادهم للتعلم ولو في أماكن بقيمة مرتفعة، باعتبار أن التعليم أولوية» وتعتبر أن تلك الطبقة ومشكلاتها في غاية التعقيد والأهمية: «لأنها الطبقة التي تحقق التوازن في المجتمع، على عكس طبقة الأثرياء الجدد أو بالغي الثراء».

تفرق البدري بين ثلاث طبقات في مصر، تقع المتوسطة بينهما، وتحمل بعض صفات الطبقتين، وفيما تعتبرهم الطبقة الفقيرة أغنياء، فإنهم لا يصلون لتلك المرتبة، وقد يكون التعليم باعتباره أولوية يدفعهم لإرسال أولادهم لجامعات مرتفعة التكاليف مقابل تعليم جيد.

وعن تداخل الطبقات على مواقع التواصل الاجتماعي، تعتبر البدري أن ذلك خلف حالة إيجابية وأخرى سلبية، فالأولى تتعلق بإظهار معاناة حقيقية يعبر عنها أصحابها، وتعطي انطباعا بأن المشكلات يتعرض لها الجميع وإن اختلفت النسب وتفاوتت أشكال المعاناة، لكن الجانب السيء الذي أظهرته، السخرية من تلك المعاناة، ممن يعتبرون أن مثل هذه الوقفات الاحتجاجية تتعلق بأمور ترفيهية، طالما أنها لا تدخل في المأكل والمشرب.

لهذا السبب ربما، هرب كثيرون من طلاب الجامعة الأمريكية، للتعبير عن مشكلاتهم على تطبيقي تويتر وتيك توك، بدلا عن فيسبوك، الأكثر شعبية في مصر، خوفا من التعرض لسخرية كبيرة.

يرى الدكتور محمد البنا أستاذ المالية العامة، أن التضخم وانخفاض قيمة العملة الوطنية، أثرا على المجتمع بشكل كامل، وليس طبقة بعينها، والمضار هم أصحاب الدخول الثابتة لا المتغيرة. ويعتبر أستاذ الاقتصاد أن تسديد الرسوم بالعملات الأجنبية، في الجامعات أو غيرها مشكلة لكثيرين، تنخفض لديهم قيمة العملة الوطنية. ومع أزمة التضخم الركودي ستصبح المشكلة أكبر.

فيديو قد يعجبك: