لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

وحدة الدعم النفسي بالأزهر لمواجهة الانتحار.. من يقدم المساعدة ولمن؟

07:56 م الجمعة 01 يوليو 2022

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمود عبدالرحمن:

صباح الأحد الماضي، استقبل أحد الباحثين بوحدة الدعم النفسي بمركز الأزهر للفتوى الإلكترونية، اتصالا هاتفيا من سيدة تخبره بلهجة مقتضبة "أبني قافل على نفسه وحاول ينتحر"، و أرجعت السبب إلى حالته النفسية السيئة، والتي أدت إلى عزوفه عن دخول امتحانات الثانوية العامة وحالة الخوف والقلق الدائم لديه، بحسب وصف الأم للباحث، الذي طلب منها عنوان المنزل لعمل زيارة سريعة، للجلوس مع نجلها لإقناعه بتغيير أفكاره.

أغلق الباحث الخط وأخبر زملاءه ورئيس الوحدة بتفاصيل الاستغاثة التي تلقاها من السيدة، تحرك إلى منزل الأسرة للجلوس مع الطالب: "الوحدة تقدم الدعم هاتفيا ومن خلال الزيارات المنزلية أو حضور الشخص إلى المركز"، يقول محمد عماد رئيس قسم بنك فتاوى الأزهر والأرشيف الإلكتروني، ويكون اختيار آلية التعامل على حسب ما تستدعيه كل حالة.

1

منتصف سبتمبر 2021، أطلق مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية، وحدة "الدعم النفسي والمعنوي"، لتنضم إلى مجموعة الوحدات الأخرى التي تقدم خدمات مختلفة، بهدف تعزيز استقرار المجتمع في تلك الفترة، ودعم الشباب والفتيات في مختلف المجالات المتعلقة، مثل علوم الدين وتقديم الدعم النفسي والمعنوي والفكري، ومساعدتهم في تجاوز المشكلات والتحديات التي يعانون منها، والتي قد تدفعهم للانتحار في حالة تعقد الأزمة وعدم التعامل معها بمعرفة المتخصصين، بحسب ما يقول الدكتور أسامة الحديدي مدير المركز.

التحديات والظواهر الاجتماعية المتعددة منها ظاهرة حالات الانتحار التي تتكرر بين الحين والأخر، هي ما دفعت الأزهر الشريف للبحث عن طرق لمعالجة تلك الظواهر وإيجاد حلول عاجلة لها، كما يقول الحديدي: "لما كنا نسمع عن حالة انتحار نتألم آلام شديدا وندرك مدى خطورة هذا الموقف"، الذي يتطلب من كافة المؤسسات في الدولة تكثيف الجهود لإيجاد حلول تمنع أبناءنا من الوصول إلى هذه الحالة الصعبة، التي يصبح فيها الشاب ناقم على نفسه وعلى أسرته وعلى المجتمع بأكمله.

داخل غرفة بمبنى مشيخة الأزهر، تعرفها لافتة بوحدة الدعم النفسي، بشارع صلاح سالم، بمنطقة الدراسة، جلس مجموعة من الباحثين والباحثات من خريجي كليات الدعوة الإسلامية وحاملي درجة الماجستير والدكتوراه، يرتدي كل واحدا منهم الزي الرسمي للأزهر، في انتظار استقبال أي الاتصالات يطلب أصحابها الدعم أو المشاور.

2

"الشخص لما يتصل على الخط الساخن يتم الرد عليه إلكتروني في البداية"، يقول محمد عماد أحد العاملين بالمركز، ليتم تحويله عقب سماع الخدمات المتاحة إلى الوحدة المختصة بالخدمة التي يريدها: "لو عاوز دعم نفسي يتم تحويله للمتخصصين". يشرح محمد طبيعة عمله التي تبدأ بمعرفة بعض المعلومات عن المتصل ثم سماع المشكلة التي يحتاج فيها إلى مساعدة: "لما أسمع المشكلة بعرف حالة المتصل وظروفه"، وبناء على هذه المعرفة يتم تحديد الطريقة الأنسب في التعامل مع المتصل.

"أحيانا المتصل مش بيكون محتاج حكم شرعي فقط على أد ما بيكون محتاج احتواء في أزمته"، يستكمل عماد الباحث في الفقه المقارن، وفي هذه الحالة يبدأ بتعريف المتصل بأهميته في الحياة وتذكيره ببعض الأمور منها النظر إلى الدنيا بنظرة أشمل وأن ليس كل ما يحتاجه هو خير له "أغلب المتصلين الذين يمروا بأزمات يكونوا عندهم شعور أنهم ليس لهم قيمة في الحياة".

3

على مدار العام الماضي، منذ إطلاق وحدة الدعم، تمكن الأزهر من تدشين مجموعة من المبادرات لمساعدة الشباب على حل المشكلات التي توجههم، ودعمهم نفسيا لتجاوز التحديات الصعبة آخر تلك المبادرات، كانت مبادرة "أنت غالي علينا"، التي تم إطلاقها خصيصا لمكافحة ظاهرة الانتحار ومنع الشباب من التفكير في التخلص من حياتهم.

الوحدة التي تضم عشرات الباحثين وأساتذة في الطب النفسي وأساتذة علم اجتماع، تعاملت خلال مع آلاف الحالات الذين كان لديهم رغبة في الانتحار لمرورهم بأزمات مختلفة وتغيير أفكارهم، بحسب ما يقول الدكتور أسامة الحديدي مدير مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية.

"لما بلاقي المتصل يفكر في الانتحار بكون حريص أثناء كلامي معه"، يقول معاذ عبد الرحمن، عضو بوحدة الدعم النفسي، موضحا أنه في هذه الحالة يتم تقديم الدعم ممزوج بين العلوم الدينية والعلوم النفسية، وتختلف هذه الطريقة بناء على حالة المتصل وقناعته وبيئته "لو المتصل حالته صعبة يتعامل معه مباشرة طبيب نفسي".

8

"أنا كنت عاوز أعرف حكم المنتحر إيه شرعا وهل هو كافر ولا لا"، أحد الأسئلة التي تلقاها معاذ، من أحد المتصلين قبل أيام، ليبدأ الباحث الذي يعمل رئيس قسم النشر بالوحدة، في الاستفسار من المتصل عن دوافع هذا السؤال وما الغرض من معرفة الإجابة: "في الحالة دي مينفعش أجاوب إجابة نمطية على الشخص بالحكم"، وذلك لرغبة المتصل في الحصول على إجابة يبني عليها تصرفه "ممكن لو قولت ليه المنتحر مش كافر يقدم على الانتحار".

يسرد معاذ الذي تخرج من كلية الدعوة الإسلامية بالأزهر الشريف قبل 7 سنوات، كيفية التعامل والتجاوب مع المتصل على حسب حالته والتي تمكنه من اختيار الطريقة الأمثل: "تلقيت العديد من الدورات التدريبية للتعامل مع كافة الحالات"، موضحا أن كل متصل له لغة خطاب معينة تتوافق مع حالته "ممكن نخاطب الجزء العاطفي لدى الشخص أو العقلي أو الديني والشرعي على حسب الموضوع"، يقول معاذ.

4

المشاكل العاطفية والخلافات الأسرية والاجتماعية"، هما أكثر الأسباب التي تدفع الإنسان إلى الانتحار، يقول محمد عماد العضو بمركز الفتوى الإلكترونية الذي يستقبل مئات الاتصالات يوميا من المواطنين للحصول على خدمات المركز ما بين الاستفسار عن فتاوى أو تلقي المساعدة والدعم: "الناس بقت أسهل حاجة بالنسبة ليها الانتحار"، يستكمل عماد الذي تلقى مكالمة الأسبوع الماضي من إحدى الفتيات تخبره رغبتها في الانتحار نتيجة فشلها في الارتباط.

يرى عماد من وجهة نظره، أن من الأسباب التي تساعد على انتشار فكرة الانتحار، هو التناول الإعلامي لمثل تلك الحوادث دون التطرق إلى وضع نصائح للحد منها: "ممكن شخص يكون يفكر في الانتحار بس ليس لديه القدرة على فعل ذلك"، موضحا أنه في حالة علم الشاب ببعض حالات الانتحار من حوله من الممكن أن تأتي له الشجاعة بتنفيذ ما يفكر فيه بالتخلص من حياته.

WhatsApp Image 2022-06-27 at 2.48.13 PM (2)

ويناشد الدكتور أسامة الحديدي مدير المركز، كافة فئات المجتمع وأول تلك الفئات الآباء والأمهات، بالسعي لاحتواء أبنائهم من خلال الحديث معهم، ليس في فترة الشباب فقط بل وهما أطفال، وتنفيذا لدورهم في بناء الأسرة ورعاية الأطفال: "لازم الأب والأم يكونوا صندوق الأسرار للأولاد"، مضيفا أنه من الصعوبة أن يفقد الأبن أو البنت الثقة في مصدر ثقته "الأب والأم"، موضحا أن أبناءنا يبذلون كل الجهد للتواصل مع أسرهم، ولم تدرك الأسرة خطر عدم التواصل الا بعد فوات الأوان.

فيديو قد يعجبك: