حصل على جائزة الدولة التشجيعية.. كيف حافظ أبو شنب على الطنبورة؟
كتبت-رنا الجميعي:
منذ صغره كانت آلة الطنبورة حاضرة بقوّة في جميع المناسبات التي حضرها محمد أبو شنب داخل مجتمعه النوبي، لم يكن يعلم أن بعد ذلك بسنوات سيكون هو حارس تلك الآلة، والمُحافظ عليها من الزوال، فيما خبّأ له القدر فوزه بجائزة الدولة التشجيعية في مجال الفنون عن كتاب "العناصر الموسيقية الشعبية المرتبطة بالبيئة النوبية.. الطنبورة نموذجا".
قبل عامين حضر أبو شنب، الباحث في مجال الفولكلور، مؤتمر علمي دولي تابع لأكاديمية الفنون، عنوانه "الفن الأفريقي: أيقونة الإبداع الإنساني"، وخلال المؤتمر كان ابن النوبة يُقدّم أطروحته البحثية عن آلة الطنبورة "لأنها الآلة الوترية الوحيدة في منطقة النوبة"،
بعد المشاركة قرر أبو شنب استكمال بحثه عن آلة الطنبورة، كان مُهمًا بالنسبة له توثيق تلك الآلة التي لم يتناولها أحد قبله بعمق "صحيح فيه ذكر ليها في بعض الكتب، لكن مش بشكل كافي"، استغرق عمل الكتاب مدة تصل إلى أربعة أشهر، وثّق خلالها عناصر الآلة وتعريفها ومكانتها وأنواعها وأماكن انتشارها "الطنبورة ظهرت في النوبة وانتشرت بعد ذلك في شرق أفريقيا وشرق السودان والدول المقابلة مثل اليمن وعمان".
كذلك رصد الباحث أوجه التشابه بينها وبين آلة السمسمية "تم اقتباس شكل الطنبورة أثناء حفر قناة السويس، واللي تحولت للسمسمية في مدن القناة"، ويعتبر الفارق بين الآلتين في الحجم وعدد الأوتار وطريقة ضبط المفاتيح، وتُشبهها في المناسبات التي تُعزف فيها "الاتنين بيتم العزف عليهم في الأفراح وجلسات الونس".
وقد ظهرت الطنبورة في الدولة المصرية الوسطى، منذ ما يقرب من ألفين عام قبل الميلاد، ويؤكد أبو شنب أنها حافظت على الشكل والتصميم والهيئة حتى الآن، ويدلل الباحث على ظهورها منذ ذلك الوقت من خلال النقوشات الموجودة في بعض المعابد النوبية.
وخلال رحلة البحث رصد أن الطنبورة في طريقها إلى الانقراض، غير أنه لازال هناك بعض الأمل، فقد سجّل الباحث مع أحد عازفي الآلة، وجنسيته سوداني، وفي عمر الأربعين "هو بيصنع الآلة وبيعزف عليها وبيلحن كمان"، ليس ذلك فحسب بل إنه يقوم بتعليم الشباب من الجنسين عبر مؤسسة غير حكومية في أسوان "وده بيدي الأمل إن الآلة متنقرضش".
كانت تلك المرة الأولى التي يشارك فيها أبو شنب في جائزة رسمية، ولم يتوقع فوزه أبدًا، فكانت المُشاركة هي كل همّه، غير أن الحصول على جائزة الدولة التشجيعية أسعده كثيرًا، وأشعل فيه الحماس الذي يُحفّزه لتقديم المزيد، خاصة أن البحث العلمي في مجال الفولكلور الشعبي صار شغفًا كبيرًا له، فمنذ دراسته بأكاديمية الفنون في 2018 ويُحاول الإبداع دومًا "وبحاول أقدم منهجية علمية في الكتب اللي بقدمها، وازاي أوثّق أي عنصر ثقافي".
وبعد حصول أبو شنب على شهادة الدراسات العليا من الأكاديمية، استكمل دراسة الماجستير في كلية الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، ليُكمل طريقه وشغفه، فيما يتمنّى أبو شنب أن يتم إنشاء مراكز حكومية تقوم على صناعة آلة الطنبورة، والاهتمام بتعليم الشباب من الجنسين "عشان نحافظ على التراث الشعبي المصري".
فيديو قد يعجبك: