بعد رحيله.. لفتة إنسانية من متحف النوبة تجاه "أثري كبير" (صور)

كتب وتصوير- محمد مهدي:

توافد العشرات من أهالي محافظة أسوان على متحف النوبة منذ أيام قليلة لمتابعة فعاليات الاحتفالية التي أقيمت بالمكان حيث شملت تكريم الراحل راجح زاهر، أحد الأسماء اللامعة في عالم الآثار، ومدير المتحف الأسبق من خلال إطلاق اسمه على مركز الوثائق الجديد في حضور أبنائه والدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية والمشرف العام على صندوق انقاذ اثار النوبة.

كان زاهر قد توفى متأثرا بإصابته بفيروس كورونا اللعين في مايو الماضي، تاركا خلفه إرث كبير من جهود عظيمة في مجال الآثار من بينها التنقيب عن الآثار في دولة ليبيا رفقة بعثة أثرية مصرية بجانب أبحاثه العديدة عن معابد النوبة لذلك جرى اختياره كمدير لمتحف النوبة "وكان له فضل كبير في التطوير اللي حصل بالمكان" يقولها أحمد عبدالرحمن، مدير عام متحف النوبة الحالي، مشددا على أنه كان لابد من تكريم مسيرة الراحل بأفضل طريقة ممكنة.

اختارت إدارة المتحف الإعلان عن مركز توثيق باسم الدكتور راجح بالتزامن مع المعرض الأول لمكتبة متحف النوبة، وصل إلى المكان عدد كبير من الجمهور، تحدث المشرف العام على صندوق إنقاذ آثار النوبة عن قيمة الراحل واهتمام الدولة بالاحتفاء بالأساتذة دائما قبل أن يتجه رفقة مدير المتحف الحالي وأسرة الراحل لافتتاح المركز "السبب الرئيسي وراء إطلاق اسم الدكتور راجح هو دوره الكبير في تجهيز المركز للاحتفاظ بالوثائق النادرة الخاصة بالنوبة".

عند الوصول إلى قاعة داخلية بالمتحف تنحى الجميع جانبا لمنح الفرصة لأبناء الراحل في افتتاح المركز قبل أن يُكشف الستار على اسم وصورة الدكتور راحل، سادت لحظات من الصمت قبل أن تظهر الدموع في أعين ذويه في مشهد مؤثر ليحاول الجميع تقديم العزاء والمواساة "بابا توفى لكن أثره لسه باقي، والنهاردة بنفتتح أكتر شيء كان بيحبه".

تتفق ابنته "ريم" مع الأمر "بابا عمل المركز الوثائقي من الصفر، عمل مجهود جبار كان بيستلم كراتين ورق كتير ويقراها ويرتبها وينضفها باتقان وضمير" تشعر أن إطلاق اسمه هي خطوة جيدة "بتقول إنه ساب اثر وسيرة طيبة هنفتخر بيها العمر كله" لذلك كانت تتمنى زيارة أكبر عدد ممكن من الناس والطلاب إلى المركز من أجل الاستفادة "وعشان يوصله حسنات كل واحد بيستفاد من الوثائق".

من بين الحضور وقف نادي محمد، عم الدكتور راجح ينظر مشدوها إلى صورته وعلى وجهه علامات التأثر ، يحرص على التقاط صور تذكارية داخل المكان "الفكرة دي فرحتنا جدا، حسينا باهتمام المسؤولين في الأثار وزمايله بالمتحف" خاصة أن يظل اسمه داخل التجربة التي غاص داخلها خلال الفترة الأخيرة، وفقا للدكتور أحمد عبدالرحمن، المدير الحالي للمتحف "كنا بنملك وثائق وخرائط أثرية بترجع لعام 1930 ومحتاجة لعمليات الترميم، وتمت الخطوة بمساعدة الدكتور راجح والزملاء المرممين والأثريين".

بعد إعادة الروح لعشرات المخطوطات "تم التفكير في إنشاء المركز لحفظ الوثائق لكن الدكتور توفى" كانت فترة صعبة على الجميع، وفاة الرجل صاحب العلاقات الطيبة مع الجميع ومسيرة كبيرة في مجال الآثار ، شعروا بضرورة تكريمه "قدمنا مقترح بإطلاق اسمه على مركز الوثائق عند افتتاحه وحصلنا على موافقة من الدكتور أحمد غنيم" وهو ما جرى خلال الاحتفالية وسيصبح اسم الرجل العظيم باقيا في أذهان الجميع وخاصة زوار المكان.

وتأتي أهمية المركز وفقا لمدير عام المتحف الحالي إلى "إن الوثائق خاصة بحملة اليونسكو لإنقاذ معابد النوبة، مجهود خطير تم لنقل 22 معبد وقطعة أثرية، جرى إنقاذهم على مدار فترة طويلة، بجانب عقود بيه وشراء لبيوت النوبة قديما"ويقدم الدكتور أحمد عبدالرحمن الشكر لكل من قام بإهداء مخطوطات هامة عن النوبة إلى المتحف عقب الإعلان عن افتتاح المركز ليتم عرضها داخله.

ويعتقد مدير عام متحف النوبة أن إدارة المكان تبذل قصارى الجهد من أجل تكريم الأسماء البارزة في الآثار النوبية "بنكرم الناس في حياتها لكن القدر لم يمهلنا مع الدكتور راجح" يشعر بالسعادة تجاه ردود فعل أسرته حول الأمر فيما ينوي الاحتفاء برموز آخرين خلال الآونة المقبلة "تكريم المرحوم حسني عبدالرحيم، مدير عام المتحف السابق في حفل قريب، وإطلاق اسمه على قسم التربية المتحفية".