لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ليجد الأهالي أحبتهم| طالبة تُنشئ قاعدة بيانات للمفقودين بانفجار بيروت

07:08 م الخميس 10 سبتمبر 2020

000

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- إشراق أحمد:

على شاشة التلفاز، تؤرق أخبار انفجار مرفأ بيروت اللبنانيين، تجلس إيما سليمان مشدوهة أمام ما ترى، تتقاسم نظراتها بين اللقاءات المذاعة وما يُكتب على مواقع التواصل الاجتماعي، من مستشفيات تستغيث، أهالٍ يبحثون عن ذويهم، والتخبط لا يترك أحدًا، تدور رأس الصبية بما حدث، يطل وزير الصحة على الشاشة، تسأله المذيعة عما إذا سيصدر بيان يضم كل أسماء المفقودين، لم تنتظر صاحبة الخامسة عشر عامًا الإجابة، انقضت على جهاز الكمبيوتر الخاص بها، حدثت نفسها "بتعرفي شو يا إيما بلشي ها الموقع"، وفي دقائق أصبح هناك منصة إلكترونية تسعى لعمل قاعدة بيانات لمن فُقدوا في الكارثة اللبنانية.

في الساعات الأولى للانفجار، تداول الأهالي صور ذويهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ومع اليوم الثاني بدا ملحوظًا انتشار نداءات البحث ملحقة باسم locate victims Beirut (حدد مكان ضحايا بيروت)، ثم صار وسم (هاشتاج) معروف للبنانيين، اجتمعواعليها لتوحيد الجهود الشعبية لأجل البحث عمن اختفى جراء الحادث.

بدأ الأمر عبر موقع إنستجرام، شابة في العشرين من عمرها، الزهراء عيسى تنقل صور مَن فقدوا من خلال حسابها المتابع له نحو 100 ألف شخص، في ذلك الوقت أسست إيما موقعًا إلكترونيًا باسم missing people (المفقودين)، جمعت القوائم التي نشرتها بعض المستشفيات ووضعت الأساس لقاعدة البيانات على المنصة "قلت لحالي أحسن ما الواحد يضله ساعة ينبش هون وهونيك أفضل شيء نحط المعلومات في مكان واحد".

كانت كلتا الصبيتين تعمل وحدها في الوقت ذاته، حتى التقيا؛ اقترح رفاق إيما تجميع الجهود بين الموقع ومبادرة الشابة صاحبة حساب الإنستجرام، وبالفعل تواصلت إيما مع الزهراء، واندمج جهد الشابتين في حساب وموقع يحمل اسم "locate victims Beirut". باليوم التالي للانفجار صار هناك فريق من نحو 20 شابًا أكبرهم بعمر 22 عامًا يسخرون وقتهم لدعم بحث أهالي المفقودين.

1-

أصبح نداء البحث عن مفقود منظم؛ يرسل الأهل رسالة على إنستجرام أو يدخلون إلى الموقع ويسجلون بيانات وصور ذويهم، ثم يتأكد الفريق من المعلومات المرسلة "نشوف في شيء غلط أو منو منطقي"، وإذا كانت الأمور بخير انضم المفقود إلى الأسماء الموجودة على المنصة، إلا أن مشكلة ظلت تواجه المتطوعين "ناس كتير من اللي بيلاقوا أحباءهن ما بيرجعوا يحاكونا"، فيما لازم أعضاء الفريق الشعور بالحرج والتحسس من معاودة الاتصال بالأسر، فوجدوا الحل في المتابعة الدقيقة لكل وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، يتلمسون نبأ العثور على مَن لديهم بياناته، وبذلك تتغير خانة المفقود إلى تم إيجاده سواء حيًا أو ميتًا.

ظلت الأيام تمضي، ومعها يستقبل الفريق مزيدًا من الأسماء، وفي المقابل يتقدم العديد للتطوع، يصل عدد الرفاق إلى 50 شخصًا، تتجاوز مهمتهم انتظار الرسائل "حكينا مع الصليب الأحمر وعدة جهات رسمية ومستشفيات حتى نتعاون معهم"، لكن لم يكن هناك استجابة "كانوا مشغولين ونحنا بنتفهم هاي الشيء"، فبات الاعتماد الأساسي على الأهالي والمتابعين.

2

لم تكن المهمة يسيرة، رفضت العديد من المستشفيات مد الفريق بما لديهم من بيانات عن الضحايا، أخبروهم أن عليهم التعامل فقط مع وزارة الصحة. انتظرت إيما إصدار قوائم المفقودين لكن لا جديد، فقد أرقام متناثرة خرجت على استحياء منتصف أغسطس المنصرف عن عدد محتمل تحت الأنقاض يصل إلى 70 شخصًا ثم تقلص إلى 7 مع مطلع سبتمبر الجاري.

رغم صغر عمر إيما، إلا أنها ما التفتت لهذا، كل ما طمحت إليه هو المساهمة في ظل هذا الدمار "قلت لو فينا نساعد شخص واحد أكون ممنونة"، لتبلغ المراد عقب الأسبوع الأول من الانفجار؛ استقبل الفريق رسالة من أحد أهالي الضحايا، أخبرهم بالعثور على فقيده، وأن موقعم كان السبب في هذا. تأثرت الصبية حينما رأت صورة الشاب يجلس في المشفى بعدما كان في عداد المفقودين "قلت لحالي هلا توصلنا لهدفنا"، وزاد حماسها ليس ليجد الأهالي من فقدوهم، بل ليبقى "locate victims Beirut" وثيقة تساعد المسؤولين اللبنانيين الجادين في مساعدة الضحايا.

3

631 اسمًا سجلها الفريق التطوعي منذ الانفجار، بينهم 20 لم تصل معلومة عن إيجادهم حتى الآن، لم يعد يستقبل الموقع المزيد عن المفقودين في المرفأ، لكن هذا ما أوقف إيما ورفاقها "صار في ناس تبعت لنا صور مفقودين بس مش من ورا الانفجار"، واصل الفريق المسير، عقدوا العزم "راح نضل نحط صور ومعلومات عن الناس المفقودة"، فيما استقبلوا قصصًا لضحايا يحتاجون المساعدة، فقرروا وضع قسم خاص للتبرع، لعلهم يكونون سببًا في نجدتهم.

ما كانت منصة البحث عن المفقودين تجربة إيما الأولى في إطلاق المواقع الإلكترونية، سبق أن فعلت مطلع العام، حينما أسست موقعًا لمساعدة صانعي المنتجات اليدوية في التسويق، لتعين جدتيها ومَن في مثل عمرهم للحفاظ على الصناعات اللبنانية، لكن مساعدة أهالي الضحايا تركت أثرًا كبيرًا في نفس طالبة المدرسة الثانوية.

ما عاد الغائبين بالنسبة لإيما رقمًا تقرأه وتسمعه على شاشة التلفاز، تلاحمت مع ألم الأهالي، شعرت أنها تخبر اللبنانيين "هون الأرقام اللي عم بيحكوا عنها بالأخبار.. هن بشر هاي صورهم وأسرهم"، فيما زادت ثقتها بقدرتها، ما دفعها لإطلاق موقع أسمته "lebanetic" لجمع أصحاب الأفكار ممن لديهم حلول عملية للمشاكل في لبنان، باتت الصبية على يقين بعد الانفجار أن "نحنا الصغار اللي بدنا نغير ونشتغل كرمال لبنان".

تابع موضوعات الملف:

7 أيام خلف الأمل.. قصة المفقود الأشهر في مرفأ بيروت

"كرمال يخلص الكابوس".. بطولات "الحماية المدنية" في قلب كارثة بيروت

50 ألمانيًا بين أنقاض بيروت.. قصة فريق تطوع للبحث عن المفقودين (حوار)

"كعب داير" في بيروت.. رحلة البحث عن الضحايا المصريين بانفجار المرفأ

فقدتها أسرتها 12 ساعة.. رحلة البحث عن "ديانا" في انفجار بيروت

معدات خاصة وكلاب مُدربة.. طُرق البحث عن المفقودين في كارثة بيروت (تقرير)

فيديو قد يعجبك: