لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"كعب داير" في بيروت.. مهمة العثور على ضحايا مصر بحادث المرفأ

09:55 م الخميس 10 سبتمبر 2020

نقل الضحايا المصريين في انفجار بيروت

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد مهدي:

توقفت الحياة فجأة في شارع الحمراء الذي لا يهدأ، هزة أرضية خفيفة شعر بها الجميع، توجهت الأعين ناحية البحر، دخان كثيف يتصاعد في منطقة المرفأ، ارتباك حل في المكان أحس به "علي جوزو" أمين سر رابطة الجالية المصرية بلبنان، قبل أن يدوي انفجار عنيف، سقطوا على الأرض، زجاج متناثر في الأنحاء، صراخ وبكاء، كان "جوزو" يحاول التماسك بينما تدق على رأسه فكرة واحدة "الاطمئنان على المصريين المتواجدين في منطقة الانفجار والمساحة القريبة منها" كما يقول لمصراوي، لتبدأ رحلة عسيرة للبحث عن ضحايا مصر في الحادث الأليم.

منذ اللحظات الأولى لم تتوقف الاتصالات بين المصريين، أخبار متواترة تأتي إلى "جوزو" من هنا وهناك عن مفقودين من الشباب المصري في لبنان "حدث تواصل مع السفارة المصرية سريعًا والقنصل وائل السيسي" كانت الأوضاع مُربكة، بيروت تغط في ظلام دامس، انقطعت الكهرباء، سيارات الإسعاف تنقل المئات من القتلى والآلاف من الجرحى "روايات عديدة وصلتنا عن العثور عن ضحايا عند المرفأ" جرت عمليات بحث متفرقة وعند الساعة الواحدة صباحًا تأكد سقوط أول شهيد مصري خلال الانفجار.

غرقت مستشفيات بيروت بدماء الضحايا، امتلأت عن أخرها خلال ساعات قليلة من الحادث، لم تعد قادرة على استقبال المزيد من القتلى أو المصابين بعد اكتمال العدد داخلها " لم يكن سهلًا الدخول بسبب الأوضاع، كان لزاما علينا الانتظار إلى الصباح" ومع الخيوط الأولى للنهار توجه أمين سر رابطة الجالية المصرية بلبنان إلى مستشفى الجعيتاوي بمنطقة الأشرفية للتعرف على جثمان الشاب المصري "علي إسماعيل".

"الوضع بالداخل مزري، أسقف المستشفى منهارة، العاملون في حالة إنهاك كامل بسبب العمل لـ 18 ساعة متواصلة، يحاولون إحصاء أعداد الضحايا ومعرفة الأسماء" شكل ذلك صعوبة في العثور على جثة "إسماعيل" ليكتشفوا أن بردات المستشفى لم تعد تستوعب القتلى لذلك لجأ القائمون عليها إلى وضع باقي الضحايا في باحة المكان "بحثنا في البرادات والساحة حتى وجدناه" طالبت إدارة المستشفى بإتمام كافة الإجراءات الرسمية قبل تسليمها الجثمان "وهو ما تم بتعاون كبير بين المستشفى ومندوب السفارة المصرية في لبنان".

بينما يتحرك "جوزو" في طرقات مستشفى الجعيتاوي رفقة عدد من المصريين المتطوعين، وصلت إليهم معلومات بنقل قتيل مصري آخر في مستشفى "أوتيل ديو" ليتوجه على الفور أمين سر رابطة الجالية إلى هناك "لم نستطع في البداية العثور على جثة الفقيد الثاني" المستشفى أبلغتهم بعدم وصول أي ضحايا مصريين "راجعنا الأوراق ولم نرَ اسم الشهيد (إبراهيم) بين الأسماء المسجلة بالمستشفى" كان الحل وقتها اصطحاب أحد معارفه إلى المكان للبحث عنه بين الجثامين " وهو ما تم خلال ساعات "طلبنا من المستشفى أن نمر على كل الشهداء كمحاولة أخيرة".

تجربة مُرة خاضها "جوزو" رفقة أحد أصدقاء القتيل، التجول وسط الجثامين، والتدقيق في وجوههم علهم يصلون إلى المراد، رائحة الدماء تزكم الأنوف، وآثار الانفجار البادية على الضحايا تؤلم القلب، فشلت محاولاتهم في أول غرفة، دلفوا إلى واحدة ثانية، وخلال جولتهم وقف صديق "إبراهيم" مصدومًا، عندما التقت عيناه بالفقيد، أشار إلى جثمانه بينما تهتز يداه من هول اللحظة "تم التعرف عليه في الغرفة الأخرى" أخبروا المستشفى بالأمر ليُصبح في عداد الضحايا المصريين.

الأخبار السيئة مستمرة وسط الكارثة، أبلغت أسرة "رشدي الجمل" بأنه مفقود منذ لحظة الانفجار، شقيقه الذي يعيش في لبنان يبحث عنه في كُل مكان، يتطوع العشرات للذهاب في المستشفيات من أجل العثور عليه "حاولنا التخفيف على شقيقه، وضعه النفسي كان سيئًا للغاية" انقضى نصف اليوم دون جديد، لم يصل الجمل سواء كان مصابا أو قتيلًا إلى أي مستشفى ببيروت فانتقلت عمليات البحث إلى الأماكن المجاورة "عثرنا عليه في مستشفى بعبدا خارج بيروت" .

بجانب جهود الرابطة والمتطوعين كان مندوب السفارة حاضرًا، وفقا لـ "جوزو" لإتمام المعاملات الرسمية "والتأكد من التعامل باحترام مع الجثث رغم حالة الفوضى الكبيرة التي تعم البلد في تلك اللحظات" انطلق الشباب المصري في مجموعات لإحضار وثائق خاصة بالضحايا "أو الذهاب إلى مخبر الدرك لإثبات حالة الوفاة وأنهم سقطوا في الانفجار المشؤوم" تعاون بين أشخاص تلتقي للمرة الأولى "ظهور معدن المصري الأصيل في الأزمات".

خلال اليوم التالي تمت تحضيرات سفر الجثامين إلى مصر، حيث ينتمى القتلى الثلاثة إلى قرية بمنطقة سمنود بمحافظة الغربية "كان لابد من تحضير الجثامين الكريمة، وإتمام إجراءات خاصة قبل السفر" مر "جوزو" مع عدد من المصريين هناك على كل مستشفى لتغسيل الجثامين "من خلال متخصصين في مسألة الغسل الشرعي" ثم الصلاة عليهم قبل التوجه إلى مطار بيروت الدولي، ليستكمل مندوب السفارة التفاصيل الأخيرة قبل انطلاق الطائرة لمصر.

لا وقت لالتقاط الأنفاس "حاولنا في كل لحظة التأكد بأنه لا يوجد مفقودين آخرين" تمنى أمين سر رابطة الجالية المصرية بلبنان أن يكتفي القدر بهذا الكم من الأحزان "أن لا نفجع مرة ثانية في أي شخص" وبعد أكثر من شهر على الانفجار الضخم لم يُعلن عن أي ضحايا جُدد بين المصريين "مجرد إصابات أغلبها بسيط والحمدلله" فيما يعتقد "جوزو" أن تلك التجربة من الصعب نسيانها.

تابع موضوعات الملف:

7 أيام خلف الأمل.. قصة المفقود الأشهر في مرفأ بيروت

"كرمال يخلص الكابوس".. بطولات "الحماية المدنية" في قلب كارثة بيروت

50 ألمانيًا بين أنقاض بيروت.. قصة فريق تطوع للبحث عن المفقودين (حوار)

فقدتها أسرتها 12 ساعة.. رحلة البحث عن "ديانا" في انفجار بيروت

ليجد الأهالي أحبتهم| طالبة تُنشئ قاعدة بيانات للمفقودين بانفجار بيروت

معدات خاصة وكلاب مُدربة.. طُرق البحث عن المفقودين في كارثة بيروت (تقرير)

فيديو قد يعجبك: