لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

في شارعنا مكتبة.. أهالي الدقي يتبرعون بـ"فاترينة" كتب مجانية

09:08 م الثلاثاء 10 نوفمبر 2020

أهالي شارع لطفي حسونة يتبرعون بمكتبة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-إشراق أحمد:

خاطرٌ راود مي المهدي، لم تتخيل تحقيقه سريعًا ولا أن يدعمها أحد؛ في إبريل الماضي نزلت الشابة إلى الشارع الذي تسكنه وتحدثت إلى الجيران من أصحاب المحال، عرضت عليهم فكرة "نعمل مكتبة. أصحاب المحلات وأهالي المنطقة يستعيروا منها الكتب ببلاش ويقرأوها في الوقت الفاضي". توقعت مي أن تلقى استنكار، أو على أقل تقدير أن تٌترك لتنفيذ فكرتها وحدها، لكن العكس هو ما حدث.

"مكتبة الشارع" أصبحت حقيقة؛ ما إن صرحت مي بمبادرتها حتى لاقت تفاعل من أصحاب المحال في شارع لطفي حسونة بمنطقة الدقي، في دقائق تشكلت حلقة نقاش حول شكل المكتبة ومكان تواجدها. فكرت مي أن تصنع خزانة خشبية وتضعها أمام العقار الذي تسكنه، لكن أهل الطريق أعلموها بالعواقب المتعلقة بـ"البلدية وإشغال الشارع"، وبينما يدور الحديث خرج مالك محل لبيع الهواتف المحمولة بالحل "اتبرع بجزء عنده ما بيستخدموش.. عبارة عن فاترينة خارجية في المحل".

لمع الطرح في أعين الجميع، وجدوا فيه أمان للفكرة، وسريعًا لملم أصحاب المحال الخيط "لقيت بتاع المكواه بينضف المكان والكهربائي بيظبط نور للمكتبة"، فيما تولت الشابة صاحبة الاثنين والثلاثين ربيعًا دور أمينة المكتبة، أخذت تجمع الكتب من معارفها، وفي غضون أيام امتلأت رفوف "الفاترينة" الأربعة بالكتب وانتظرت القراء.

كانت أجواء الحظر جراء تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد19) هي ما دفعت مي للتفكير في المكتبة "بحب القراية جدًا. ولقيت أن أصحاب المحلات خاصة اللي مش بيقفلوا زي السوبر ماركت ممكن يقعدوا 24 ساعة ما بيعملوش حاجة"، لم تجد الشابة الثلاثينية ضررًا من الطرح، بل تفاجأت بالنتيجة.

1

على مدار سبعة أشهر تبدل حال شارع لطفي حسونة "معظم الوقت كنت أعدي ألاقي اللي شغالين في المحلات ماسكين الموبايل دلوقت بقى عادي أشوف حد قاعد ماسك كتاب". أغلب العاملين في المحال من متوسطي التعليم، وأصغرهم عمرًا في الثلاثينيات من العمر كما تقول مي، وهناك مَن لم يُكمل تعليمه لكنه صار من أرباب الفاترينة "في سباك معاه الابتدائية لكن بيحب يقرأ القصص جدًا وطلب مني أحطها في المكتبة".

ليس لـ"مكتبة الشارع" شروط سوى القراءة ورجاء بإعادة الكتاب بعد الانتهاء منه أو وضع كتاب بديل، فضلت صاحبة الاثنين والثلاثين ربيعًا أن تدع الأمر مفتوحًا "مش عايزة أعقد الموضوع على الناس دي حاجة أحنا اللي عاملينا مع بعض"، وفي المقابل وجدت دعمًا كبيرًا ممن عرفوا بالفكرة "بقى يتواصل معايا ناس تتبرع بالكتب لدرجة أن في حد بعت لي من اسكندرية"، لا تخلو المكتبة يومًا، بل تتبدل محتوياتها كل أسبوع بكتب جديدة.

لمست مي أثر المكتبة فيمن حولها "الناس في الشارع بقت تتفاعل أكثر مع أي حاجة تحصل"، تذكر صاحب العقار المتواجد فيه محل الهواتف المحمولة –مكان المكتبة- حين افتعل أزمة لظنه أن المكتبة بالإيجار "قال الكتب تتشال لإما هيبقى في مشكلة"، لكن أهل الشارع كانوا له بالمرصاد "لاقيتهم حلوا الموضوع من قبل ما أنزل وقالوا لي ما تقلقيش أي حاجة هنقف لها".

لم تكن "مكتبة الشارع" شيئًا جديدًا على مي، اعتادت رؤيتها في شوارع أيرلندا حين كانت تقيم لسنوات قبل العودة لمصر عام 2017، وقرأت عن وجودها في اليابان ودول شرق آسيا، لكنها لم تتخيل يومًا أن تصبح في أحد شوارع مصر.

تغير شكل "فاترينة"محل الهواتف المحمولة، لم تعد فارغة، كما تخلت عن محتوايتها القديمة "كان المحل في الأول بازار بيتحط فيها تماثيل". جرعة من السعادة تتسلل إلى دارسة علم النفس كلما مرت على المكتبة، تنشرح نفسها لرؤية أطفال حراس العقارات بينما تمتد أيديهم وتسحب كتابًا، تبتسم كلما تذكرت هواجسها الأولى قبل طرح المبادرة "توقعت يتقالي لي مالهاش لازمة محدش هيقرأ أو أعمليها بس ما تجيش ناحية محلاتنا"، لكن اليوم تأكدت أن التجربة وحدها هي ما تصنع الأفكار.

فيديو قد يعجبك: