لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مؤلف "خلف خطوط العدو": سجلت بطولة أسطورية جرت في حرب أكتوبر (حوار)

07:22 م الثلاثاء 06 أكتوبر 2020

حوار- هبة خميس:

تحل ذكرى أكتوبر بمزيد من الفخر وأمارات الفرحة بالانتصار التاريخي، فيما تبقى الكتب والوثائق دليلا دامغا ضد محاولات الالتفاف على أحقية النصر ورونقه، من بين العديد من المؤلفات التي تتحدث عن حرب أكتوبر و التي مازالت ملهمة للكتاب، تألقت مؤلفات الكاتب الصحفي "خالد أبو بكر" صاحب الاهتمام الخاص بتاريخ مصر العسكري والدبلوماسي، والذي صدر له في ذلك كتب عدة، التقى مصراوي بالكاتب ليحاوره عن أهم كتاباته عن حرب أكتوبر مثل كتاب "سعد الدين الشاذلي القائد الثائر " و كتاب "خلف خطوط العدو " للواء المندوه.

تحل ذكرى انتصارات أكتوبر في هذه الأيام بما تمثله من فخر للمصريين.. ماذا تمثل لك هذه الذكرى وأنت كاتب مهتم بتاريخ هذه الحرب المجيدة؟

إن إحياء ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة التي تتجدد كل عام أجد فيها مناسبة عظيمة لتذكير المصريين بواحدة من أروع لحظاتهم وإنجازاتهم في تاريخ مصر الحديث، فالأمم الكبرى تعيش على انتصاراتها، التي تستدعيها في لحظات الخطر فتكون ملهمة لها في تجاوز أي أزمة تواجهها؛ ذلك أن تذكر تلك الانتصارات يمنح الشعوب الثقة في نفسها في مواجهة التحديات، وفي الوقت نفسه تدفعها إلى السعي لتحقيق انتصارات جديدة، ليس بالضرورة أن تكون في الميدان العسكري، فقد تكون في الارتفاع بجودة الحياة، من خلال تحقيق نمو اقتصادي يقود الوطن إلى تبوأ مكانته التي يستحقها إقليميا وعالميا.

- بالرغم من اقترابنا من مرور 50 عاما على حرب أكتوبر إلا أن لديك دأبا مستمرا للكتابة عن هذه الحرب ورموزها.. لماذا؟

أنا مهموم بموضوع "الذاكرة الجماعية" للمصريين، وعندما نتحدث عن "الذاكرة الجماعية" فنحن أمام أمر في أبسط مفاهيمه يشير إلى كيفية تذكر الشعوب بأجيالها المتعاقبة لماضيها، وهذا أمر شديد الارتباط بموضوع الهوية الوطنية؛ فنحن في حالة انتصارات أكتوبر مطالبين بأن نبذل قصارى الجهد للتذكير بهذه اللحظة الخالدة في تاريخ مصر، من خلال عرض حقائقها وحقائق الرجال الذين صنعوها، بداية من كبار القادة إلى الضباط والجنود في التشكيلات الصغيرة ضمن قواتنا المسلحة التي خاضت هذه الحرب المجيدة.

و الذاكرة الجماعية تتغير بمرور الوقت، فنجد الآن كم من الأفكار المغلوطة والحقائق المشوهة التي يتم ترويجها بغية التقليل من الانتصار المصري في هذه الحرب، والتي يتلقاها الكثير من شبابنا من دون تفنيد، وهنا يأتي دور كل كاتب ودور الدولة أيضا في إنعاش الذاكرة الوطنية الجماعية المستمر بعرض حقائق انتصارنا في هذه الحرب، والتعريف بمن صنعوا هذا الانتصار، بأحدث ما توصل إليه العلم من طرق جذابة للعرض وتلاءم المتلقي في اللحظة الراهنة، وإلا فإن الأمة المصرية ستتعرض لما يمكن أن أسميه "النسيان الجماعي" للحظة من أروع لحظاتها التاريخية.

2020_10_6_19_19_34_79

- صدر لك كتاب في سنة 2012 بعنوان "الجنرال الثائر سعد الدين الشاذلي".. لماذا اخترت الفريق الشاذلي تحديداً للكتابة عنه من دون بقية قادة حرب أكتوبر؟

الحقيقة أن مسألة تأليف كتاب يتناول سيرة الفريق الشاذلي، رئيس أركان حرب القوات المسلحة قبل وفي أثناء حرب أكتوبر كان حلما يراودني منذ أن كنت طالبا في كلية الإعلام في تسعينات القرن الماضي؛ لأنه منذ حرب أكتوبر التي اقتربنا من مرور نصف قرن عليها وهو القائد الأكثر إثارة للجدل دونا عن رفاقه من قادة هذه الحرب، بسبب الخلافات التي نشبت بينه والمشير أحمد إسماعيل، وزير الحربية، والقائد العام للقوات المسلحة، خلال الحرب، والرئيس الراحل أنور السادات على بعض القرارات الإستراتيجية في سير العمليات العسكرية، خصوصا ما يتعلق بعملية تطوير الهجوم المصري نحو خط المضايق الجبلية الإستراتيجية في سيناء، أو بسبب خلافه مع الرجلين (السادات وإسماعيل) بخصوص تصفية ثغرة اختراق العدو للخطوط المصرية عند منطقة الدفرسوار.

هذا الجدل الذي حاق بشخصية سعد الشاذلي جعل الناس ينقسمون حوله، فتراهم إما متعصب ضده تعصب لا يعرف اللين (وهم أقلية).. أو منحاز له تحيز لا يعرف الهوادة (وهم الأكثرية)؛ فكتبة السلطان كانوا يتعاملون مع الرجل المغضوب عليه من ساداتهم بالطريقة التي يريدها هؤلاء الحكام الكارهين له.. والفريق المنحاز للشاذلي يتعامل معه وكأنه من دون أخطاء.. وكلا الفريقين ظلم الرجل.. إما بالتقليل من شأنه وبإلصاق تهم باطلة في حقه.. أو بعرض وجهات نظره مجردة من وجهات النظر المقابلة لها، كما في حالة المنحازين له. وقد حاولت في كتابي عرض حقيقة هذا القائد العظيم، وإظهار عظمة الدور الذي لعبه في خدمة الوطن، من خلال عرض الحقائق الموضوعية، البعيدة كل البعد عن التعصب له أو الانحياز ضده.

- هل كان لتنحي مبارك عن السلطة في سنة 2011 دور إيجابي في إبراز دور سعد الدين الشاذلي الحقيقي في حرب أكتوبر؟

في البداية يجب أن نتوقف أمام المفارقة التاريخية أو أمام ما أسميه "مكر التاريخ"، فقد توفى الفريق الشاذلي يوم 10 فبراير 2011، وأقيمت له جنازة عسكرية وشعبية مهيبة، في نفس اليوم الذي تنحي فيه مبارك عن السلطة. ومنذ هذه اللحظة عاد سعد الشاذلي إلى واجهة المشهد المصري.. الرسمي والشعبي معا، وعادت سيرته لواجهات الصحف وقنوات التلفزيون المصرية؛ فمصر كانت مشتاقة إليه.. انتظرته طيلة نحو 35 عاما.

ولكي يعرف القارئ سياق خلافات الشاذلي مع الرئيسين السادات ومبارك، أقول إن الأمر بدأ بمحاولة الرئيس السادات في كتابه "البحث عن الذات" تحميل الشاذلي مسئولية حدوث ثغرة الدفرسوار في حرب أكتوبر، وهى تهمة باطلة تنفيها كل المراجع العسكرية المعتبرة.

توفي الرئيس السادات، وقرر الشاذلي العيش في المنفي الاختياري في الجزائر، مخافة عدم تمكنه من التعبير عن آرائه بحرية داخل مصر، وسار مبارك على ذات نهج السادات المعادي للشاذلي، والمنكر لدوره في صناعة النصر المصري المبين في حرب أكتوبر ومحاولة طمس حقيقته، بل عندما قرر الشاذلي العودة لمصر في أوائل التسعينات سجنه مبارك بتهمة نشر أسرار عسكرية في كتابه "مذكرات حرب أكتوبر".

2020_10_6_19_19_30_361

- لك كتاب عسكري آخر قمت بتحريره وتوثيقه صدر في سنة 2017 بعنوان "خلف خطوط العدو.. من بطولات حرب أكتوبر 1973".. ما هي قصة هذا الكتاب؟

في خريف سنة 2016 استدعاني المهندس إبراهيم المعلم، رئيس مجلس إدارة "دار الشروق"، وقال إن بطلا من أبطال حرب أكتوبر، هو اللواء أسامة المندوه، وكيل أول المخابرات العامة سابقا، يريد أن يسجل بطولة أسطورية قام بها في هذه الحب المجيدة، وأنا أرى أنك خير من يقوم بهذه المهمة التي تحتاج درجة عالية من الدقة، خصوصا أن اللواء المندوه حاول مرات عديدة للكتابة مع آخرين، ولم يكمل.

التقيت باللواء المندوه، وسجلت روايته عن تفاصيل هذه البطولة، وقد حرصت على وضعها في سياقها العام المرتبط بمجرى الحوادث على جبهات القتال في حرب أكتوبر، وفي نهاية المطاف خرج "خلف خطوط العدو" الذي يروي قصة بطولة من أروع البطولات التي قام بها رجال القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر 1973، تتمثل في مجموعة استطلاع مصرية«المجموعة لطفي»، بقيادة النقيب «أسامة المندوه»، دفعتها القيادة للتمركز خلف خطوط العدو وفي قلب تجمعاته، حيث مركز القيادة والسيطرة الإسرائيلية الرئيسية في «أم مرجم» و«مطار المليز»الحربي،في وسط سيناء.

- ما سر ولعك بكتابة السير الذاتية؟

هذا نمط من الكتابة يستهويني على نحو خاص، فبجانب أنه الأكثر مبيعاً في العالم كله، فإنه اختبار حقيقي لحرفية الكاتب، والحرفية هنا لا أعنى بها فقط القدرة على الصياغة الجيدة، فالأمر يتخطى ذلك على الإلمام العميق بمهارة البحث العلمي، المضني الذي يضع الحوادث في سياقاتها الزمنية والسببية.

وهنا يجب أن أشير إلى أن هناك أوجه اختلاف رئيسية فيما يتعلق بمصادر معلومات السيرة الذاتية والمذكرات؛ فعلى الرغم من أن كليهما مبنيان على الحياة الحقيقية لمن يكتبهما فإن السيرة الذاتية تحتوي على حقائق عالية التوثيق، ومعلومات شديدة التفصيل، وتواريخ غاية في الدقة. كما أنها تتطلب تحقيق الروايات على نطاق واسع، وإجراء المزيد من المقابلات مع شهود العيان أو شركاء صاحب السيرة في محطات مفصلية من حياته أو مواقفه وأدواره، مع الاستعانة بما يؤكد صدق روايته من الوثائق الرسمية والأرشيفات الصحفية، خصوصا في حالة السياسيين، الذين ساهموا في صنع/ أو كانوا شهودا على أحداث تاريخية في أوطانهم.وهو ما طبقته في السيرة الذاتية للسيد عمرو موسى.

أما المذكرات بحسب ديفيد ناساو David Nasaw- الذي ترأس لجنة تحكيم فرع السيرة الذاتية لجوائز بوليتزر The Pulitzer في سنة 2015 - فهي: "جزء من الحياة، أو لحظة من الحياة لم يتم توثيقها، فلا توجد بها وثائق تدعم ما يقوله كاتبها، ولا توجد بها مقابلات إضافية مع شركاء أو شهود عيان، ولا يستعان فيها بمقالات صحفية، ولا يوجد فيها سياق يوضح كل حادثة يتعرض لها صاحبها. المذكرات هي عمل - كما يوضح العنوان - من الذاكرة. أما السيرة الذاتية ليست من أعمال الذاكرة". وللأسف كثيرا ما يتم الخلط بين السير الذاتية والمذكرات في العالم العربي، وهو ما حاولت تفكيكه من خلال سيرة السيد عمرو موسى.

- هل يوجد لديك طقوساً معينة تمارسها في أثناء الكتابة؟

أحرص على النوم لمدة 7 ساعات يوميا تحت أي ظرف، تبدأ في السابعة مساء وتنتهي عند الثانية بعد منتصف الليل، حيث أبدأ يومي، وأظل في مكتبي ببيتي إلى التاسعة صباحا، حيث موعد ذهابي للجريدة. كان ذلك هو طقسي قبل أن أتفرغ كلية لتأليف وتحرير الكتب، أما الآن فصار لدي متسع من الوقت، بعد الإجازة المؤقتة التي أخذتها من العمل الصحفي الذي كان يلتهم الكثر من الوقت والجهد، ما كان يحد من قدرتي على الانتهاء من الكتب في المواعيد المتفق عليها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان