لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالصور- فريق إنقاذ "الروح".. يومٌ من أجل قطة (معايشة)

07:31 م السبت 23 فبراير 2019

الحماية المدنية تحاول إنقاذ قطة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - رنا الجميعي:
تصوير - روجيه أنيس:
بدا أنه يومًا عاديًا بالنسبة لسلمى محمود، خصصته لنقل حاجياتها للشقة الجديدة، ولتنظيف المنزل، غير أن قطة صغيرة تخاف البشر غيّرت مسار اليوم.

منتصف نهار اليوم، داخل أحد الشوارع بمنطقة المهندسين، كانت سيارة الحماية المدنية تقف بعرض الشارع، يحسب المارّ بجواره أن كارثة حلّت هُنا، يتجمهر البعض أمام المبنى السكني سائلين "هو في ايه؟"، ليردّ أحدهم الواقف منذ فترة "الحماية المدنية بتنقذ قطة"، علامات الدهشة تبدو على الوجوه التي تتابع الحدث، ناظرين إلى أعلى، تتجه أبصارهم نحو الفتاة مُتجهمة الملامح التي تنظر تجاه الحُفرة الصغيرة حيث قبعت فيها القطة الصغيرة خائفة من الخروج.

صباح اليوم كانت سلمى تُوضب أغراضها، برفقتها سيدة تُنظف المنزل الخالي من الأثاث، وأثناء ذلك ظهرت قطة أمام باب الشقة، ترّفقت بها الشابة، فجلبت إليها اللبن، غير أن من خشيتها دخلت مُسرعة نحو الشقة، قابلت الخادمة في طريقها ليزيد خوفها فقفزت عبر النافذة الواسعة، مُختفية داخل حُفرة بالجدار.

1

لم تربي سلمى سابقًا أي حيوانات، غير أنها تُحبّ التعامل معهم "أحب أطبطب عليهم أو أحطلهم أكل، بس محطتش قطة في حضني أبدًا"، شعُرت سلمى أن على عاتقها مهمّة حماية القطة ذات اللون البني الفاتح "هي شكلها مضروب عشان كدا ممكن تكون خايفة بزيادة"، خافت الشابة أن تقفز القطة من الطابق الخامس التي تسكن فيه، اتصلت بصديق لها لديه قطط "قالي كلمي الحماية المدنية".

تلك كانت المرة الأولى التي تتصل فيها سلمى بفريق الحماية المدنية، الواقع في منطقة بين السرايات، لم تتعامل الشابة سابقًا مع أي جهة إنقاذ رسمية "دا احنا اتسرقنا قبل كدا ومفكرتش أتصل بالشرطة"، تقول ضاحكة، لم تتوقع الشابة الردّ السريع منهم، إلا أن الفريق المُكوّن من أربع أشخاص جاء بكامل عتاده خلال نصف ساعة.

2

"احنا فريق إنقاذ أي روح".. يقول واحد من رجال الحماية المدنية-غير مُخوّل له بذكر اسمه- لمّا جاء بلاغ سلمى إلى الفريق، كان طبيعيًا بالنسبة لهم الاستجابة السريعة "احنا أنقذنا كلاب وقطط قبل كدا كتير"، يتفرّع فريق الحماية المدنية إلى عدة مهام، هُناك المطافئ والإنقاذ، يوكل إلى فريق الإنقاذ نجدة البشر والحيوانات "احنا بيجيلنا بلاغات كتير، زي ناس عطل بيهم الأسانسير، أو حادثة أو انهيار مبنى سكني"، غير أن الأصعب بالنسبة لهم هو "لما يجيلنا بلاغ بناس اتردم عليها وهي بتبحث عن آثار"، يعلمون أن في تلك الحالة "بيطلعوا أموات".

نحو الطابق الخامس صعد أفراد الإنقاذ ذوي الزي الأزرق، يبدو على ملامحهم الجدّية، يأمرهم رئيسهم بتحضير أدواتهم من قفازات والحبال البرتقالية، تختفي القطّة داخل الحُفرة التي يصعب الوصول إليها، ينتظرون سماع أي صوت لها.

3

مرّت نصف ساعة أو أكثر حتى بدا صوت مواءها، تهرول سلمى نحو النافذة لتراها، واللهفة تبدو عليها قائلة "ظهرت أهي"، يُشير رئيس الفريق للجميع بأن يصمت "لو سمعت صوت ممكن تختفي تاني محدش يتكلم"، صمت تام ثُم وشوشة يُشير بها إلى واحد من رجال الإنقاذ صغير الجسم، يتأهب للاستعداد،ـ يرتدي الحبل البرتقاني، ويُمسك فيه خُطّاف مثبت داخل الغرفة التي تعلو الحُفرة، وينزل نحو الإفريز الضيق، فيما تبدو قدميه على نحو مسافة صغيرة من السقوط، مُحاولًا الوصول إلى القطة التي تختفي سريعًا، ليست المرة الأولى التي يُنقذ فيها الرجل الحيوانات، اعتاد على ذلك طيلة سنوات عمله التسع، ورغم سماعه تعليقات ساخرة مرارًا إلا أنه لم يعد يكترث بذلك "احنا مش بنعمل ده عشان هو شغل ورزق بس، احنا بنعمله كعمل إنساني".

لم يكن ذلك أخطر موقف مرّ بالرجل، لازال يتذّكر الرجل ما جابهه سابقًا في حوادث عديدة، الغُرز الخمس وعشرين داخل يديه مازالت تُذكّره بذلك "في مرة كنا بننقذ ناس اتقلبت بيهم العربية، ومعانا منشار استخدمناه عشان نطلعهم، المنشار جه على إيدي".

4

يستعدّ فريق الإنقاذ بكل الاحتمالات الممكنة، لذا يحملون معهم أدوات عديدة بينها جهاز لتحطيم الخرسانة، كان ذلك الحل مُحتملًا لإنقاذ القطة "ممكن نكسر جزء من الحيطة ونطلعها"، لكن سلمى رفضت ذلك، لم تُحب المخاطرة بينما تقع مواسير الصرف الصحي داخل ذلك الجدار بطول المبنى السكني.

مُفاوضات عديدة تدور بين أفراد الفريق، يُشاورهم رئيسهم في الحلول الممكنة، وما الذي يمكن فعله الآن، بينما تشعر سلمى أنها قامت بإزعاجهم دون جدوى، تعتقد أن القطة يُمكن أن تظهر وحدها "طيب يا ريس أنا آسفة إني تعبتكم، يمكن تظهر لوحدها"، تبدو ملامح رئيس الفريق مُتجهمّة حين يجيب "لا دي روح بردو، لازم نحاول"، لذا انتظر الفريق على أمل أن تظهر القطة مُجددًا، فتُفكر سلمى في وضع اللانشون لها عند النافذة لعلّه يجذب القطة.

5

بعد نصف ساعة أخرى يُسمع صوت القطة، يعبث الأمل بهم مُجددًا، وتدور الحركة بينهم ثانية، يستعد رجل آخر للنزول، غير أن تلك المرة تبوء بالفشل أيضًا، حيث تهرب القطة حين تشعر بقدوم أحدهم، وتدخل ثانية إلى الحُفرة، لازال فرد الإنقاذ يتذكر حين جاءه البلاغ الأول بإنقاذ حيوان "أول مرة استغربت، أنا فاكر لما طلعت على الشجرة عشان أجيب القط، والست صاحبته تقولي حاسب ليقع ويتكسر عموده الفقري، أنا قولت لنفسي يعني هي خايفة عليه وأنا لا"، يقولها ضاحكًا.

غير أنه تعوّد منذ ذلك الحين على تلك النوعية من البلاغات، فبالنسبة له هي أخفّ وطأة مما تعرّض له من حوادث أخرى، يعود بذاكرته قبل 25 عامًا حين عمل كفرد إنقاذ لأول مرة "وقتها كان بيجيلي كوابيس من اللي بشوفه بس اتعودت، أصل دي شغلتي خلاص، لو أنا مأنقذتش الناس، مين هينقذهم".

مرت ساعتان دون جدوى، تشعر سلمى بخيبة الأمل من عودة القطة بهذه الطريقة "مفيش حل غير إنها يمكن تطلع لوحدها"، لكنها خافت من الجمع، تشكر أفراد الإنقاذ على محاولاتهم، بينما تُغلق جميع النوافذ عدا مسافة صغيرة تركتها في الشُباك المجاور للحفرة على أمل عودتها.

فيديو قد يعجبك: