بخط استغاثة.. أصحاب سيارات "الجيب" يستعدون لموسم الأمطار في التجمع
كتبت-إشراق أحمد:
مساء أمس، مع استمرار هطول الأمطار ونشر صور وقصص عن الشلل المروري "والخنقة" التي أصابت وسط وشمال القاهرة خاصة، تداعت ذكريات العام الماضي على شريف خيري، حينما ضربت السيول منطقة سكنه في التجمع الخامس. كل شيء مر أمامه، من غرق السيارات والاستغاثات، وتدخل أصحاب سيارات "الجيب" وقتها للمساعدة، وعلى الفور قرر مهندس الكهرباء ألا ينتظر وقوع الكارثة، وكتب منشور على فيسبوك، يتضمن "خط نجدة" لسكان القاهرة الجديدة ليكونوا على استعداد إن ما أصابهم المطر الأيام القادمة.
"أحنا جروب ملاك جيب في التجمع وعربياتنا جاهزة لنجدة أي حد يجراله أي حاجة في أي وقت بعربياتنا ومعداتنا الكل يسجل الرقم لو احتاج حاجة" في غضون الثانية عشر مساءً كتب شريف رسالته هذه، مطالبًا من يعرف بنشرها على أوسع نطاق لعل أحدهم يحتاج مساعدة يومًا.
لم تكن الفكرة حديثه بالنسبة لشريف "الموضوع مش فكرتي لوحدي جروب عربيات الجيب السنة اللي فاتت أصدقاء اتجمعوا وساعدوا. اللي طلع عربية أو اللي ساعد يخرج الناس"، كان المهندس صاحب الثمانية والثلاثين ربيعًا متابعًا فقط لما يجري، كان يمتلك سيارة عادية حينها، لكن ما وقع دفعه بشدة لامتلاك عربة من طراز الدفع الرباعي "السيول خليتني اشتري جيب وعملت ده من 3 شهور بس".
وجد شريف أن يبادر بالمساعدة هذه المرة مسبقا "قلت ألحق قبل ما الدنيا تبوظ. بحيث لو لا قدر الله حد غرقت عربيته أو اتحجز من المطرة في مكان يكون عارف يعمل ايه أو يسجل الرقم لو حد تاني وقع في مشكلة".
لم تشهد القاهرة الجديدة أمس أمطار غزيرة، لكن ما تابعه شريف سبق أن عايشه "عربيات كتير غرقت وبيوت" والدفع الرباعي كان خير معين العام الماضي كما يقول مهندس الكهرباء، ففضلا عن ارتفاعها، فهي بها خاصية تمكنها من التحرك في المياة مثل الغواصة، كما أن البعض من محبي الصحراء يحتفظ فيها بمعدات إنقاذ.
لم يتردد شريف في التطوع بما يجيد، فهو مهندس كهرباء منذ 17 عامًا، ويعمل في مجال السيارات، ومنذ نحو 6 سنوات ويشارك في العديد من التجمعات الإلكترونية الخاصة بالسيارات، فذلك ما يهوى ولديه من الخبرة ما يؤهله للتعامل في الأزمات حسب قوله.
ما إن كتب مهندس الكهرباء المنشور، حتى انهالت عليه المكالمات، البعض يعرض عليه الانضمام لمجموعة الإنقاذ، يقول شريف إن نحو 11 سيارة حتى الآن على استعداد إن ما وقعت أزمة.
كما لم تتوقف الاستغاثات منذ مساء أمس، خاصة من منطقتي مدينة نصر ومصر الجديدة، لكن الرجل الثلاثيني كان يعتذر مضطرا "معرفش أنزل بسهولة في مكان مش عارفه وفي أزمة ده ممكن يعمل مشكلة أكبر غير إن لو حصل حاجة في منطقتي هبقى في حيرة ويمكن معرفش أرجع"، فضل شريف أن يركز في مساعدة ما هم في محيطه، متمنيًا لو فعل أخرين الأمر ذاته، كل في منطقة سكنه.
لم يتمهل الكثير أمام رؤية أن دعوة شريف موجهة لسكان القاهرة الجديدة، حتى أنه تلقى اتصال من أحدم فجرًا على طريق الساحل، يستغيث من احتجاز سيارته بفعل المياة، لكن شريف لم يستطع التحرك أيضًا، نظرًا لحظر عبور سيارات الدفع الرباعي من نفق الشهيد أحمد حمدي.
مشاعر حزن انتابت شريف من رده الاستغاثات، لكن لم تكن وحدها التي أهمته، فقد تلقى العديد من المكالمات والتعليقات المشككة في دعوته بالمساعدة "ناس كانت بتتصل تتأكد أن الرقم شغال وتانيين كانوا بيقولوا إني بعمل كده بمقابل"، ما اضطر المهندس لتعديل المنشور والتأكيد أن الأمر تطوعي.
اندهش شريف من عدم ثقة الكثير في وجود مبادرة تطوعية للمساعدة، يذكر أن سيدة نشرت دعوته، هاتفته لتشكو من اتهام البعض لها "أنها تروج إشاعات"، لا يشعر الرجل بغرابة إزاء مبادرته، يجد أن المساعدة شيم إنسانية لا تحتاج تبرير "أحنا بلد بنشيل كتير اللي حواليا مش هنقدر نشيل بعض في الأزمة"، فيما يواصل متابعة هاتفه، على استعداد إن ما وقعت مشكلة في محيطه.
فيديو قد يعجبك: