لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بـ"لعبة".. نادي المحاكاة المصري يواجه سلبيات المجتمع

04:42 م الجمعة 14 ديسمبر 2018

نادي المحاكاة المصري

كتبت-رنا الجميعي:

تصوير-روجيه أنيس

هل فكّرت يومًا أن تُمثّل دورًا غير شخصيتك الحقيقية؟، هل رأيتِ نفسك ذات مرة تحت ضغط من الأهل ليتم تزويجك في عمر الرابعة عشر؟، هل تقمصت كرجل دور سيدة قبل ذلك؟ هل كان عليك ذات يوم أن تلعب دور الشخص الشرير في القصة؟.. كل تلك الأدوار يُمكن أن تلعبها في نادي المحاكاة المصري.

تكمن فكرة نادي المحاكاة المصري، الذي تم انشائه عام 2014، من قِبل مركز خدمات للتنمية ومؤسسة كريسب، على تصميم ألعاب محاكاة للواقع، التي يُعرّفها دكتور هشام خليل، مدير المشروعات بالمركز، بقوله "هي وسيلة تعلم غير تقليدية"، حيث تهدف ألعاب المحاكاة إلى مناقشة قضية مجتمعية، كتمكين المرأة والمشاركة المجتمعية وزواج الأطفال وغيره.

في الحفل الختامي لمشروع "محاكاة تحقيق رؤية مصر 2025"، الذي عُقد أول أمس، كانت آلاء تتحدث عن دورها في نادي المحاكاة، فهي المُنسقة لمدينة أسوان، حيث يوجد 15 منسق على مستوى 15 محافظة بوجه بحري والصعيد، في البداية كانت آلاء مشاركة بإحدى الألعاب "كانت لعبة صراع نضال اللي بتتكلم عن صراع بين أهل قرية على حتة أرض".

1

لم تفهم آلاء في البداية كيفية ممارسة اللعبة، تدريجيًا ساعدها فريق المُيسرين بالمركز على إدراكها، "كل حد في اللعبة بيلعب دور، بيتقمص شخصية مختلفة عنه، أنا كنت واخدة شخصية واحد شرير"، يشرح خليل معنى اللعبة أكثر قائلًا "كل لعبة ليها تصميم خاص بيها، الأول بيبقى فيه سيناريو، وفيه شخصيات بنرسم ملامحهم، اللعبة هي فرصة إن الناس تشوف نفسها مكان الآخر، وتتعلم مهارات زي التواصل واحترام الآخر".

في 2012 تعاون مركز خدمات مع المنظمة الألمانية "كريسب"، التي كان لديها ألعاب محاكاة، عبر المنظمة توصّل المركز لفهم منهجية تلك الألعاب، وبدأوا في تطبيق أول لعبة كانت من تصميم الألمان، يقول خليل "كانت لعبة اسمها زامبوسيا، قمنا بتمصير اللعبة، هي بتحكي عن دولة افتراضية، ليها فرص لتمويل مشروعات، وكل شخصية بتلعب بيبقى عليها إنها تفهم ازاي تتعاون مع المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني وشركات قطاع خاص، وعليهم إنهم يحطوا سياسات تنموية للبلد في قضايا زي التعليم والصحة".

كانت تلك المرحلة الأولى من ممارسة ألعاب المحاكاة، إلا أن المرحلة الأهم بدأت عام 2014، مع إنشاء نادي المحاكاة المصري، بدأ النادي في تصميم ألعاب مصرية خالصة، حتى الآن وصلت عدد الألعاب كما يذكر خليل إلى أربع ألعاب هم "الوسعاية، صراع نضال، الرحلة وأهل هيصة"، كل لعبة لها أهداف مجتمعية تسعى لتعليمها للشباب عبر المحافظات، يُكمل خليل أن تلك القيم توصلوا إليها عبر مناقشات مع 600 شاب، وهي؛ الصدق والمساواة والعدالة الاجتماعية والحرية والإنسانية.

2

عبر لعبة "صراع نضال" تعلّمت آلاء الكثير، كان عليها أن تدافع عن قطعة الأرض "كنت عايشة جوة الحالة وبفكر كأني شخص شرير فعلًا، ازاي آخد حتة الأرض بأي شكل، وبغض النظر عن احتياجات الناس اللي معايا"، ممارسة اللعبة جعلت آلاء تُدرك إذا احتكّت بموقف مشابه كيف ستتعامل "مش بشكل شرير طبعًا لكن إني أفهم لما بتعامل مع شخصيات شبه كدا في المجتمع هعمل ايه، ميزة اللعبة إنها بتفهمني بشكل بعيد عن المحاضرات والإلقاء اللي زهقنا منه".

أعجبت آلاء كثيرًا بألعاب المحاكاة، قررت أن تصبح واحدة من فريق المنسقين، وقامت بعد ذلك بتصميم ألعاب أخرى، لا يكتفي المنسقين بالتصميم فقط، بل يقومون بممارسة اللعبة تجريبيًا "عشان نطور منها قبل ما يلعبها الناس".

تقول آلاء إنها شاهدت العديدين ممن استفادوا من اللعبة، ذات مرة وجدت شاب من المشاركين، وكان ممثل لوزارة الشباب والرياضة بمحافظة الإسكندرية، تأثّر خلال ممارسته لعبة أهل هيصة التي تهدف لقيمة المساواة "كان دور الشاب ده إنه يعمل واحدة ست بتساعد مرشحة للانتخابات، كان رافض جدًا للفكرة، ومكنش مؤمن أصلًا إن الست ليها حقوق ودور في المجتمع"، تغيّر الشاب بعد ذلك "لما جينا نشوف التقييم هو نفسه قالنا أنا مكنتش فاكر إن دور الست مهم كدا".

3

من ضمن المشاركين بالجلسة الختامية كان محمد طارق، في 2015 كانت المرة الأولى التي يصل فيها لسمع طارق كلمة "محاكاة"، يعمل الشاب كمهندس برمجيات، ومتطوع في مجال التنمية لسنين عديدة "مكنش صادفني في المجال قبل كدا نشاط تفاعلي بالشكل ده، وكنت عايزة أعرف ايه هي ألعاب المحاكاة"، الآن يعمل طارق كواحد من فريق تصميم الألعاب "بنتناقش في القضايا المجتمعية ونخرج بفكرة، حسب خطة مركز خدمات فاحنا بنفذ لعبتين في السنة".

يستمر تصميم اللعبة لمدة أسبوعين، خلالها يبحث فريق التصميم وراء كل قضية عبر تجارب شخصية أو مصادر رسمية، تتذكر آلاء أثناء تصميم لعبة "أهل هيصة"، التي تناقش بين قضاياها زواج الأطفال، حينما كانت في المرحلة الإعدادية وإحدى صاحبتاها تتزوج "كانت بتقولنا إنتو قاعدين لسة ليه أنا خلاص هتجوز ويبقي ليا بيت، كانت شايفة إن دا صح بناء على العيلة والبيئة اللي هي عايشة فيها، أنا اتأثرت بكلامها وقتها وروحت لماما قولتلها عايزة أتجوز، وقتها ماما قالت لي مينفعش واتكلمت معايا بشكل صحي وايه الأضرار اللي هتحصلي لو اتجوزت طفلة".

4

تلك التجارب الشخصية تُساعد كثيرًا خلال تصميم اللعبة، يقول طارق إن الاحتكاك والمعايشة وكذلك سؤال من حولك حول تلك الأزمة يطور من شكل اللعبة، حتى يستوعبها المشاركون المستهدفون، وأعمارهم بين ال18 والـ35 سنة.

لا تنتهِ الألعاب فقط عند ممارستها، هناك مرحلة للتقييم يتم سؤال فيها المشاركون عما استفادوه، وعبر الإجاباب توضع أهداف جديدة، يتم تحويلها إلى مبادرات مجتمعية، يتم حتى الآن حوالي 15 مبادرة على مستوى المحافظات، من بينهم مبادرة "هاخد حقي" لمناهضة التحرش، ومكانها القاهرة.

5

تقول أشجان محمد المسئولة عن المبادرة إنها نشأت بعد مشاركتها بلعبة "أهل هيصة، التي كانت قيمتها في تمكين المرأة، "عشان تبقى اللعبة مفيدة لازم يبقى فيه تطبيق وإلا نكون لعبنا بس"، تساعد المبادرة على تأهيل الفتيات نفسيًا عبر العلاج بالفن والحكي وتعليمهم مواجهة التحرش قانونيًا، كذلك الدفاع عن نفسهم في حالة تعرضها للعنف جسديًا.

لم يكن نادي ألعاب المحاكاة بالنسبة للشباب مُجرد تجربة جديدة، بل فُرصة للتأثير والتغير، تلك الألعاب التي جعلتهم يتعاملوا مع المجتمع المصري بشكل أفضل، يقتربوا أكثر من فهم الناس، بالنسبة لآلاء فكانت رؤية جديدة لرؤية المجتمع بشرائحه المختلفة "بيخليني ميبقاش عندي أحكام مسبقة أو اني اهاجم ناس مختلفة عني"، أما طارق فشكّل التطوع بالنادي زيادة شغفه تجاه تغيير المجتمع "ازاي أقدر أبقى فاعل مش مفعول به"، كذلك أشجان التي مكنّتها المبادرة من مساعدة الفتيات وتشجيعهم على مواجهة التحرش

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان