بعد أشهر من إقرار العقوبة| مضايقة السياح مستمرة.. وبائعون: لا غرامة ولا غيره (صور)
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
كتب - نانيس البيلي وعبد الرحمن السيد:
سيدة تخطت الخمسين من العُمر، بجوارها ابنها الشاب، يهرولان داخل منطقة الأهرامات، يلاحقهما بائعًا يحمل قطعًا من الهدايا الأثرية، يواصل إلحاحه في عرض بضاعته عليهما، تُشيح السيدة بغضب، يتمتم ابنها - بلهجة خليجية - ويطالبه بتركهما وشأنهما، قبل أن يحاصرهما بائع آخر ملوحًا لهما ببضاعته، تتأفف الأم ويقررا الانصراف ومغادرة المنطقة.
"الست السعودية دي السماسرة ركبوهم كارتَة وضحكوا عليهم في الفلوس عشان كده طالعين مخنوقين جداً" يقول "أبو هلال" سائق عربة حنطور يعمل داخل منطقة الأهرامات منذ 23 عاما، ويوضح أنهما تعرضا لعملية نصب من أحد السماسرة الذين يعملون بطريقة غير قانونية وحصل منهما على مبلغ 1500 جنيه مقابل جولة بعربة الحنطور لزيارة آثار الأهرامات في حين أن السعر الرسمي للسائح الأجنبي يبلغ 200 جنيه، بحسب قوله.
كانت هذه واحدة من مضايقات كثيرة يتعرض لها السياح رصدها "مصراوي" خلال جولة قمنا به داخل المنطقة الآثرية، بعد 5 أشهر من إقرار الدولة تعديلات على قانون حماية الأثار، حيث اعتبرت التعديلات الجديدة "مضايقة السائح" جريمة يعاقب عليها القانون.
وفي 27 مايو الماضي، وافق مجلس النواب نهائيًا على تعديل بعض مواد القانون 117 لسنة 1982 بشأن حماية الآثار، كان من أهمها المادة 53 التي عاقبت من يتعرض للسائحين والزائرين أثناء تواجدهم بالمواقع الأثرية أو المتاحف بإلحاح رغما عنهم، بقصد التسول أو الترويج أو عرض أو بيع سلعة أو خدمة لصالح الغير، بالغرامة التى لا تقل عن ثلاثة آلاف جنية ولا تزيد على عشرة آلاف جنية.
ينفي "أبو هلال"، الأب لطفلين، معرفته بنص القانون أو العقوبة "أنا مشوفتش حاجة زي كده بتطبق، لا غرامة ولا غيره".
تبدأ منطقة آثار الأهرامات في استقبال زائريها من المصريين والأجانب بدءاً من الساعة السابعة صباحًا حتى الخامسة مساءً، بحسب قرار المجلس الأعلى للآثار. وتبلغ سعر تذكرة زيارة الأهرامات 20 جنيهًا للمصري و5 جنيهات للطالب، أما سعر تذكرة زيارة الأهرامات للأجنبي 120 جنيهًا.
داخل منطقة الأهرامات، ينتشر الباعة وعمال الركوب في كل مكان، بمجرد عبور الزائر من بوابة الدخول، يتلقَفه أحدهم، بكلمات متسارعة يبدأ في عرض أسعاره وما لديه، وإذا نجح السائح في الإفلات منه، فهناك زميله ينتظره في الداخل، لا يتوانى عن ملاحقته والإلحاح عليه من أجل الشراء، لا يتركه إلا بخيارين إما الرضوخ والحصول على البضاعة أو الضجر والانصراف.
كانت الشابة الأمريكية "آدي" وصديقها الفرنسي "ديفيد" أوشكا على إنهاء جولتهما داخل ساحة الأهرامات، التي استغرقت أكثر من 3 ساعات لم يكف الباعة وأصحاب الجمال والخيل خلالها عن إزعاجهما. "هم يضايقونا أحيانا كثيرة، نحن نقول لهم لا نريد الشراء أو الركوب ثم ننصرف" تقول الفتاة الثلاثينية.
دهشة وإعجاب بدت على ملامح الصديقين عندما أخبرناهما عن غرامة مضايقة السائح "لا نعلم شيئًا عن هذا القانون، نحن نسمع عنه للمرة الأولى"، ويرى "ديفيد" أن الغرامة تعد أمراً جيدًا جداً "لأنها ستردع أي شخص يحاول أن يجبر السائح على شراء منتجه، حينها سيعرض نفسه للمساءلة القانونية إذا اشتكاه الشخص لأفراد الأمن".
على الرغم من أن الشاب الماليزي "محمد" تزعجه ملاحقة الباعة والعاملين في المناطق الأثرية، إلا أنه يجد قيمة الغرامة "كبيرة".
وتساهم السياحة في مصر بـ15% من إجمالي الناتج القومي المحلي، بحسب تصريح لوزيرة السياحة رانيا المشاط، خلال عدد من اللقاءات الصحفية والتليفزيونية مع مجموعة من وسائل الإعلام العالمية في إبريل الماضي.
وبحسب "أبو هلال"، تبلغ التسعيرة الرسمية المتعارف عليها لركوب عربة الحنطور 100 جنيه للسائح المصري و200 جنيه للأجنبي، لكن عددا كبيرا من العاملين يبالغون في أسعارهم خاصةً مع السائح الأجنبي والخليجي، "يعني الست السعودية اللي ركبت بـ1500 جنيه دي مكملتش 10 دقايق على الكارته ونزلها، أقل حاجة كان يفسحها بيهم ساعتين".
"لا توجد تعريفة رسمية لركوب الخيل والجمال وعربات الحنطور أو لشراء الهدايا التذكارية"، بحسب ما يقول أيمن عشماوي، رئيس قطاع الآثار المصرية، ويشير لـ"مصراوي" إلى أن السعر يكون بالتراضي بين البائع والزائر "دي زي سلعة هو بيعرضها على الزوار، وكل بياع وشطارته، ممكن واحد يقولك اركب الجمل خطوتين بـ10 جنيه ويقول لغيرك نفس المسافة بـ100 جنيه".
على عكس "أبو هلال"، يعلم "حمادة"، بائع هدايا تذكارية بالمنطقة، عن الغرامات، "لو سائح ماشي دلوقتي وأنا رخمت عليه وراح اشتكاني هدفع 10 آلاف جنيه غرامة". منذ 30 عامًا، يعمل الرجل الخمسيني بائعًا للمقتنيات الأثرية داخل الأهرامات، طوال تلك المدة كان شاهداً على إزعاج عدد كبير من البائعين للسائحين، يقول إنها ازدادت خلال السنوات الأخيرة "بينطوا فوق عربياتهم ويفضلوا يقولولهم استنوا".
أما "محمد سعد" بائع قطع الآثرية بالمنطقة، علم عن الغرامة من رجال الأمن أنفسهم قبل حوالي 4 أشهر "الشرطة قالولنا لو ضايقتوا سائح فيه مخالفات هتدفعوها"، يقول صاحب الـ27 عاما إنه بعد ذلك أصبح أكثر انضباطًا "مبحاولش أضايق سائح عشان يشتري، الرزق مبيجيش بالعافية وممكن بالأسلوب الحلو هجيب الزبون لحد عندي".
ويرجع الباعة -اللذين يحملون بطاقة تظهر هويتهم ـ عدم تطبيق الغرامة إلى سببين، أولهما وفقًا لما يقول أبو هلال "تساهل أمناء الشرطة، بيسكتوا عليهم لأنهم بياخدوا فلوس منهم". أما الثاني فيرى "حمادة" أنه "تخاذل الزوار أنفسهم في الإبلاغ، لازم يمسك في حقه، حتى لو اشتكى لأمين الشرطة ومعملش حاجة، وقتها يقوله لو مخدتنيش للضابط أنا هطلع لوزير الداخلية.. وقتها هيخاف وهيوديكي لمكتب الأمن".
أمام هرم "خوفو"، توقف فوج سياحي مع مرشدهم، أخذ يشرح لهم معلومات عن الهرم الأكبر والمدون بعضها على لوحة منصوبة أمامه، أخذت سائحة شابة خطوة إلى الوراء وبدأت تلتقط صورا، فسارع إليها بائع قطع أثرية، بدأ الرجل يعرض ما لديه، أجابت "شكراً لك"، عمد إلى ملاحقتها يمينًا ويساراً، ملحًا عليها من أجل الشراء، تجاهلته السائحة قبل أن تتأفف ضجراً وتنضم إلى أصدقائها مرة أخرى.
بالنسبة للأصدقاء "توباثا، وشيخو، ويوكي" القادمين من اليابان ورفيقهم الأيرلندي "كارين"، هذه هي المرة الأولى التي يزورون فيها مصر والأهرامات. لم يعلموا من قبل عن تلك الغرامة، بعد اجتيازهم بوابة الدخول، أزعجهم كثيراً ملاحقة الباعة، لكن بعد ذلك "اعتدنا على تلك المضايقات للأسف" تقول الشابة العشرينية "يوكي".
من أجل التمتع بالجولة، حاول "توباثا" الحفاظ على مزاجه الجيد، لكن انتابه غضب كبير من إصرار صاحب جمل، على أن يركبوا معه "ظل يلاحقنا مراراً، نحن انزعجنا لكنه كان لحوحًا"، أما الشاب الماليزي "محمد" لا ينسى ذلك البائع الذي عرض عليه التقاط صورة بقطعة أثرية يبيعها، "بعد ذلك طالبني بأموال نظير الصورة، شعرت أنه خدعني".
فيديو قد يعجبك: