"الحكومة تتعسف مع ولادها".. حكاية 15 معاق في "الوفاء والأمل"
كتبت– يسرا سلامة:
في دار الوفاء والأمل بمدينة نصر، يقيم 12 فردا من أصحاب الإعاقة المزمنة، من الشلل النصفي والرباعي وغيرهم، لا يقدرون على الحركة، يواجهون شبح الطرد نهائيا من الدار، بسبب عدم تجديد التأمين الصحي لإقامتهم وإرسال نفقاتهم.
أحلام لطفي، إحدى المقيمات بالدار، والمصابة بالشلل النصفي نتيجة حادث أصاب العمود الفقري، تقول لمصراوي إن الأزمة بدأت منذ قرابة عام، بعد أن طلبت إدارة التأمين الصحي عدم التجديد للمصابين إلا من المقر الرئيسي بالقاهرة، وليس لفروع التأمين بالمحافظات كما اعتادوا، لتكن أول خطوة لتعنت إدارة التأمين الصحي التابعة لوزارة الصحة أمام المرضى، وأعقبتها سلسلة من الإجراءات المتعسفة، حد قول المرضى.
الاثنا عشر فردا هم ضحايا لحوادث سيارات وقطارات وغيرها، بالإضافة لثلاثة آخرين طُردوا بالفعل من الدار، أصيبوا ولا يستطيعون الحركة، وجميعهم موظفين من الحكومة، توجب عليهم العلاج على نفقة الدولة، ودار الوفاء والأمل هي الملاذ الوحيد لهم للعيش، وتدفع هيئة التأمين الصحي ما يُقدر بقرابة الثلاثة آلاف جنيه للفرد الواحد، مقابل الإقامة والعلاج الدوائي والطبيعي، والتمريض والخدمات الأخرى، لمحاولة إعادة تأهيلهم للحياة، ولا تتكفل الهيئة بأي مبلغ زائد من العلاج أو غيره.
"مش المطلوب مننا نروح نموت بعد إصابتنا.. إحنا مش بنشحت من الدولة لكن بنطالب بحقنا" تقولها أحلام، بعد أن واجه المرضى أزمات أخرى منها الطرد وإنهاء تواجدهم من قبل التأمين الصحي، بعد مرور أكثر من شهرين دون التجديد لهم، وكتابة "خروج" لثلاثة من المرضى، لعدم تواجدهم أثناء المرور المفاجئ من التأمين الصحي دون علم، تستنكر أحلام الأمر "ده ضد البروتوكول، وممكن يكونوا في زيارة، هل إحنا محبوسين في المكان طول الوقت؟، هل الإنفاق علينا أزمة كبيرة للهيئة؟".
تواصل المرضى عدة مرات مع رئاسة مجلس الوزراء، وأرسلوا كذلك شكاوى إلى الرئاسة، بسبب تأخر التجديد من التأمين الصحي، والذي يقر بطردهم من الدار، تضيف "أحلام" أن إدارة دار "الوفاء والأمل" – التابعة للقوات المسلحة- تصبر عليهم لعدم طردهم، وتعاملهم معاملة حسنة، لكن الحكومة ممثلة في هيئة التأمين الصحي تتقاعس في سداد مستحقاتهم المالية في العلاج والإقامة.
ويعتبر أغلب سكان الدار من المحافظات، ونسبة قليلة من القاهرة، بحسب المريضة، قرابة 80% من المحافظات مثل الفيوم وأسوان وغيرها، إذ لا يوجد مقر إلا بالقاهرة لشمل المصابين في حوادث تعيقهم عن الحركة. يحتاج المرضى إلى رعاية داخل الدار، تفسر أحلام الأمر "الحالات فيها صعوبة في الحركة، بعضنا يحتاج يتقلب من على السرير لتجنب القرحة، وبعضنا لا يستطيع التحكم في البول"، كما يحتاج المرضى لإسعافات بشكل متكرر.
تذكر أحلام أن المرضى بالدار ليس في استطاعتهم الذهاب لمكان آخر، أو حتى بمنازلهم "أهالينا مش مؤهلين للتعامل معانا". تؤكد السيدة أن هيئة التأمين الصحي لا تدفع أي مبالغ إضافية لعلاج المرضى، مشيرة إلى أنه في حالة وجود نقص بالأدوية أو العلاج يتحملها المريض نفسه "فيه مريضة هنا تحملت تكاليف نفقتها لمدة 6 شهور". كذا يحمل المرضى شهادات تؤكد عدم قدرتهم على ممارسة عملهم مرة أخرى، جراء الحوادث الذي تعرضوا لها.
توجه المرضى المتبقون بالدار إلى النائبة هبة هجرس، وكيل لجنة التضامن الاجتماعي، والتي زارت المرضى بالدار، ثم قدمت طلب إحاطة إلى لجنة الصحة بالبرلمان، تقول هجرس لـ"مصراوي" إنها "تواصلت مع وزارة الصحة بشكل ودي قبل طلب الإحاطة، لكنهم لم يردوا على تلفوناتي، فقررت أن اتخذ الطريق الرسمي بأدواتي البرلمانية، وزارة الصحة مسؤولة عن هؤلاء المرضى".
تذكر النائبة أن "الصحة" كانت تريد أن تلقي بمسؤولية هؤلاء المرضى على إحدى الجمعيات الخيرية، وأن تتحمل وزارة التضامن الاجتماعي أمرهم، تفند النائبة ما ذكرته بجلسة الأربعاء بالبرلمان "الوزارة كانت عايزة تزحلق الزبون بالبلدي.. وقلت لهم هذا في بداية الجلسة، إن هؤلاء مرضى يحتاجون رعاية صحية بالأساس، ومنهم شباب زي الورد كل ذنبه إنه أصيب في حادثة، الجمعيات الخيرية ليست ملزمة برعايتهم، هذا دور هيئة التأمين الصحي".
وتؤكد النائبة أن الجلسة البرلمانية أسفرت عن "وعد" من الصحة بعدم المساس بالمعاقين بالدار، مضيفة أن ذلك ذكر بالمضبطة البرلمانية الأربعاء الماضي، ولم يخرج في صورة قرار مكتوب، وهذا ما تمناه المرضى خوفا من الطرد.
عقب الجلسة، لم يحصل المرضى بالدار إلا على 5 خطابات تجديد للإقامة للاثنى عشر مريضا، تقول أحلام إن هيئة التأمين الصحي- الذي يرأسها الدكتور عصام عبد الفتاح- طلبت منهم خطابات من جهة العمل تُثبت حاجته للإقامة بالدار كل شهر، لم يكن ذلك أزمة إلا أن الوزارة تشترط وجود أصل من الخطاب وبوقت لا يمر عليه أكثر من ثلاثة أيام، بينما تعتبر إحدى المرضى أن الأمر تعسف في غير محله "إحنا أغلبنا من محافظات، ويرسل الخطاب بالفاكس على الدار، هذا تعسف معنا بعد وعد البرلمان".
ومن جهته، يقول الدكتور علي حجازي، رئيس هيئة التأمين الصحي، إن هيئة التأمين الصحي متكفلة برعاية هؤلاء المرضى حتى إيجاد أحد الأماكن التأهيلية لهم، مضيفا لـ"مصراوي" أنهم ليسوا بحاجة إلى رعاية صحية ولكن لدار تأهيل، تقوم الهيئة حاليا بالتفاوض مع وزارة التضامن الاجتماعي من أجل إيجاد حلول لرعايتهم.
ويوضح رئيس التأمين الصحي أن الهيئة متكفلة برعايتهم لمدة تزيد عن 15 عاما، ولن تقصر في حقهم، مؤكدا "إحنا مش هنطردهم برة، لكن مش هنصرف من فلوس التأمين الصحي على مواطن مش محتاج رعاية صحية ولكن محتاج تأهيل"، بحسب قوله، مفسرا أن الرعاية الصحية تلتزم وجود أدوية وعلاج أو جراحة أو دواء مزمن، أما التأهيلية فهى للرعاية فحسب.
اقرأ أيضا:
أمين القومي للإعاقة: لا نملك إحصائية للمعاقين وهذه قصتي مع تصميم الأزياء (حوار)
فيديو قد يعجبك: