لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"زيتنا في دقيقنا".. كيف يقاوم "العرسان" آثار التعويم بمساعدات أهاليهم؟

11:39 ص الثلاثاء 31 أكتوبر 2017

أرشيفية

كتب- محمد مهدي ومحمد زكريا:

تبدو خطوة الزواج كمحطة دافئة هادئة لالتقاط الأنفاس، أو نقطة استراحة من تكاليف باهظة لإتمام "نُص الدين"، هكذا كان يرى عدد من المتزوجين حديثًا، غير أنهم فوجئوا بأعباء أكبر من احتمالهم خاصة بعد قرار الدولة بتعويم الجنيه في نوفمبر من العام الفائت.. صاروا في غمضة عين بين فكي المرتبات الثابتة وغلاء الأسعار، ولم يجدوا سوى ذويهم كقشة تُنقذهم من الغرق في الديون أو الفقر.

منذ 4 سنوات، تزوج حسن علام، اختار العيش في القاهرة، لكن زيارته لبيت الأسرة بإحدى محافظات الدلتا لم تنقطع، يذهب إلى هناك كلما سنحت الفرصة، غير أنها باتت كثيرة وضرورة خلال الشهور الأخيرة بعد أن تبدل الحال في نوفمبر 2016.

حيث أعلن البنك المركزي تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، بالتزامن مع إجراءات اقتصادية هيكلية، أقرتها الحكومة ضمن ما أسمته "برنامج الإصلاح الاقتصادي"، إذ ارتفع معدل التضخم إلى 32.9% في سبتمبر الماضي مقارنة بالشهر نفسه قبل التعويم، وفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

بعد تعويم الجنيه، كان علام على موعد مع زيارة اعتيادية لأهله "أول مرة أشوف أمي بتشتكي من الغلا، رغم كده بقى عندها إحساس بدور أكبر ناحيتي، واللي يشوف العربية محملة الأكل يقول راجع على صحرا مش القاهرة".

لم يعد قبوله بمساندة والدته رفاهية يمكن الاستغناء عنها "صحيح ببقى مكسوف منهم، لكن هما بيقولولي الحاجة برة غالية.. فبقيت لما الحاجة تخلص، أقول لمراتي محتاجين نسافر البلد عشان نملا التلاجة تاني" يتلفظ كلماته بمرارة.

ضيق العيش وزيادة احتياجات أطفاله، دفع علام إلى الانتقال لمسكن بالقرب من والدة زوجته "عشان هي تقريبا متحملة أغلب احتياجاتهم، ببقى مطمن عليهم هيفطروا ويتغدوا ويتعشوا عندها".

ارتفاع أسعار كل ما يخص المعيشة دفع علام وزوجته إلى الاقتراض من الأهل "عشان شغال حر، مرة معايا فلوس ومرة مش معايا.. ناخد من أمي وهي تاخد من مامتها، ولما يجي فلوس نرجعهلهم تاني.. واحنا بنرجعلهم الفلوس بنستلف تاني".

لا يتخيل علام أن تستمر حياته دون أهله، نظرًا لما يتحملوه من أعباء لا يقدر عليها بمفرده "إحساسك أنك مش قادر توفر أكل لبيتك، أو مش قادر تجيب لبس لعيالك في العيد.. ده إحساس صعب أوي".

لا يأخذ علام كلام المسؤولين على محمل الجد، ولا يرى في وعودهم بمستقبل أفضل الحل لمشكلته، فيما يجد في البحث عن حياة بديلة عن بذخ القاهرة حلًا أمثل "بدور على نمط حياة ميكنش فيها مطاعم بأرقام خيالية، أو يخليني أصرف 2000 جنيه على أولادي وهما في الحضانة.. مكان أزرعه وأأكل منه، غير كده مش شايف أي بارقة أمل".

يعتقد محمد توفيق الأمر نفسه، إذ كانت زياراته لأهله بعد الإجراء الحكومي طوق النجاة لزوجته وأولاده.

في مايو 2016، سافر توفيق إلى الإمارات، من أجل فرصة عمل جيدة، مضت عدة أشهر قبل أن تنتهي إقامته، عاد إلى مصر لاستكمال الإجراءات، فاصطدم بقرار تعويم الجنيه بعد شهرين من وصوله للقاهرة.

تعطلت الإجراءات بسبب تضاعف سعر الإقامة، تخلى توفيق عن فكرة السفر، التحق بعمل لكن راتبه لم يعد يكفِ احتياجات المنزل، اضطر إلى الاعتماد بعض الوقت على والديه "بيساعدوني حتى لو هيستلفوا".

أصبحت زيارة توفيق وزوجته إلى أهلهم ضرورية "في الشهر بقينا نروح نعقد عند أهلي 4 أيام وعند أهل مراتي 4 أيام"، بعكس السابق، فلم تكن زيارتهم تستغرق تلك المدة "كان الأول أجي يوم أبات وأمشي، وأرجع تاني، لكن خليت زيارة الشهر كلها على بعضها عشان أوفر فلوس المواصلات".

قبل عام، كان "محمد مجدي" يعتقد أن راتبه سيكفيه عند إتمام زيجته، لكن بعد ارتفاع الأسعار نظرًا لقرار تعويم الجنيه، تغيرت وجهة نظر الشاب العشريني "اكتشفت إن المرتب مش هيكفيني لنص الشَهر" ولأن الحياة ضيقة على الجميع لم يجد سوى ذويه ملجأ له.

"ببساطة كلمت والدي قولتله متدنيش نُقطة، محتاج خزين للبيت" تلك فكرته لكي يضمن وجود الاحتياجات الأساسية له في منزله "السمنة والزيت والرز والمكرونات وشوية خضار مجمد" كلها ستوفر عليه إنفاق جزء كبير من راتبه لعدة أشهر.

يتقاضى "مجدي" نحو 2500 جنيهًا، لديه التزامات عدة شهريًا، منها "جمعيات" يجب تسديدها بشكل دائم، فضلًا عن إيجار المنزل وفواتير الكهرباء والمياه "وأنبوبة الغاز" والمواصلات اليومية التي تستنزف نحو 40% من الراتب.

أكد أيضًا "مجدي" وزوجته على أسرتهما على عدم شراء "علب الشوكلاتة والحلاويات" في الزيارات الأولى لمنزلهما واستبدالها بـ"النُقطة" التي تُمنح لحديثي الزواج من ذويهم وأصدقائهم "دا خلانا معانا مبلغ مُحترم يساعد شوية في الفترة الأولى".

حسام جاهين، يعمل في مجال خدمات الإنترنت بالقاهرة، تزوج منذ عدة أشهر وانكوى بنيران ما جرى للجنيه المصري، التفاصيل المادية تَكسر "أجدعها" بيت، لذلك ولى وجهه شطر أسرته التي تعيش في إحدى قرى الغربية كما فعل "علام".

يعتمد جاهين على والدته التي تهتم بشؤونه قدر استطاعتها "مش بيدونا فلوس لكن بيساعدونا في شرا لوازم البيت"، في كل زيارة تقطعها السيدة الخمسينية من الغربية تأتي مُحملة بكميات من اللحوم والأسماك والدواجن، رافضة أي محاولات من الابن في منحها مقابل تلك المشتريات.

حينما يتحدث "العريس" إلى والدته يجدها متفهمة تمامًا للظروف التي يمر بها "المصاريف كتيرة والحياة صعبة"، تؤكد عليه أن ما تقوم به دورًا طبيعيًا "وإن الأسعار عندهم أفضل وأقل من عندنا" تُعطي له مثالًا عن جودة اللحوم والدواجن في الأرياف "وإنها فارقة عن القاهرة بـ 10 جنيه في كيلو اللحمة مثلا".

المساندة تأتي أيضًا من والدة زوجته، تحرص السيدة الطيبة على توفير "البصل والتوم والرز والسمنة وغيره" بشكل دائم، تمتلأ الثلاجة بما يقي الزوجين من شرور انتهاء "القَبض"، تمنعمها من العوز "وتحس إنك في أسوء الظروف هتروح تلاقي حاجات في تلاجة البيت".

*أسماء الشخصيات مستعارة بناء على طلبهم.

اقرأ ايضاً:

-في زمن التعويم.. أم تعمل في 3 صنايع من أجل لقمة العيش

2017_10_31_13_7_44_676

-بسبب التعويم مات عبد الجليل.. والابن يحكي قصة البحث عن دواء للسرطان

2

 -أسر تتعذر في دفع مصاريف المدرسة.. 80 جنيهًا بعد التعويم "مش قليلة"

3

-الشقاء بدلا من التكريم.. التعويم يدفع عم "محمد" للعمل بعد المعاش

4

-بدون برايل وعصا بيضاء.. ماذا فعل التعويم في حياة كفيف؟

5

-أغلقت دكان الرزق 4 مرات.. نجلاء "عايشة على الصدقة" من بعد التعويم

6

-بعد عام من الغلاء.. ما فعله التعويم بعالم "الخادمات الأجانب"

2017_11_2_11_44_9_952

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان