مصراوي يحاور "سيدة إنجليزية" قرأت العالم عبر 197 كتاب في سنة
حوار- رنا الجميعي:
هل يُمكن أن تدرك العالم بالقراءة؟ تفتح دفتي كتاب فيُسمعك صوتًا مختلفًا عما خبرته، تُسافر إلى أراضي لم تطأها قدمك، وترى بعينيك زوايا أخرى لما تعلمه مسبقًا، فتنظر إلى الكرة الأرضية بشكل أكثر تنوع، ومفردات جديدة تُضاف لقاموسك الحياتي، هذا ما فعلته محررة الكتب الإنجليزية، آن مورجان، ففي 2014 قرأت 196 كتاب ممثل عن كل دولة، ومستمرة إلى الآن في قراءة العالم.
منذ أن طرحت "آن" سؤالها لمتابعي مدونتها عن ترشيحاتهم لكتب مفضلة بكل دولة، حتى غمرتها النصائح والتوصيات إلى الآن، في حوار معها عبر البريد الإليكتروني، تحدثت عن التعليق الذي تركه لديها أحد الزوار، عن النسبة الضئيلة التي تقرأها بعيدًا عن أدب انجلترا وأمريكا، أثارها السؤال ولم تجد له اجابة، ومع استقبال انجلترا- موطنها- لدورة الألعاب الأوليمبية، عام 2012، قررت أن تقرأ كتب تعبر النطاق الضيق لقراءاتها السابقة "عزمت على قراءة كل رواية، قصة قصيرة، أو مذكرات من كل دولة معترف بها من الأمم المتحدة، والتدوين عن كل كتاب"، لذا دشنت مدونتها الأخرى عام من قراءة العالم.
قائمة طويلة لمن يدخل إلى رابط الترشيحات الكثيرة التي وصلت إلى آن "the list"، منذ خمسة أعوام وإلى الآن مازالت تتلقى "آن" العديد من الكتب "لأني لم أعرف ماذا أختار أو حتى كيف أجد الكتب"، وجدت "آن" نفسها مغمورة بمحبة القراء حول العالم، وفي عام 2014 قرأت بالفعل 196 كتاب، مضاف إليهم كتاب يُعبر عن أحد مناطق الصراع بالعالم، فكانت نتيجة التصويت "كردستان".
رتبت "آن" دول العالم أبجديًا، تجد مع كل دولة عدد من التوصيات التي تُضيفها باستمرار، قرأت المحررة كتب من الوطن العربي، كما عبرت بعيدًا إلى اليابان وكوريا، وذهبت إلى جزر كنيوزيلندا، ومدغشقر، ومن أوروبا الشرقية؛ البوسنة والهرسك، أرمينيا، ألبانيا وجورجيا، ومن دول جنوب شرق آسيا؛ ميانمار، كمبوديا وفيتنام، مع قراءة هذا الكم اختلفت نظرة آن، تقول أنه كان من المهم بالنسبة لها أن ترى العالم من خلال عيني شخص آخر، صحيح أنها تعلم أن قراءة كتاب واحد عن دولة لا يعطيها نظرة شاملة للبلد "لم يكن هدفي هو معرفة تاريخ بلد أو الوصول لصورة مقربة عن أمة من خلال كتاب"، ولكنها أرادت اكتشاف أصوات متنوعة.
تقول "آن" أن دفع محبي الكتب لها بالدعم والتشجيع هو ما جعلها تستمر "شعرت بأني أجري في ماراثون"، لم يصلها احساس أنها لا تريد الاستمرار مع القائمة الطويلة، التي عليها أن تنهيها قبل آخر العام، علمت المحررة الأدبية أن انهاء هذا الكم ليس سهلًا، لكنه مع بعض التنظيم ستنجح خاصة أنها تعمل بدوام كامل "حسبت المدة التي أحتاجها كل يوم، حوالي 150 صفحة يوميًا، وأربعة كتب أسبوعيا"، وهو ما يعني أن عليها قراءة ساعتين يوميًا، قرأت آن لساعة أو اثنين في المساء، كما أنها تعلمت القراءة خلال استراحة الغداء "وعند التجول مشيًا وعلى السلالم المتحركة، وفي صالة الألعاب".
لم تكن مهمة "آن" الوحيدة هي القراءة فقط، لكنها ألزمت نفسها بالكتابة عن كل كتاب تقرؤه "سريعًا ما عرفت أن القراءة هي نصف المعركة فقط"، فالبحث عن الكتب نفسها ثُم التدوين عنها يستغرق وقتًا طويلًا، كانت آن تستيقظ مبكرًا عن عملها بساعتين، ساعدها في البحث أصدقائها وزوجها ستيف، كما أن متابعي المدونة لم يبخلوا عليها أبدًا.
رضوى عاشور
ضمن ما قرأت "آن" ذلك العام، كانت روايتها المصرية الأولى، مع ترشيحات عدة جاءتها مثل "خارطة الحب" لأهداف سويف، "قمر على سمرقند" للمنسي قنديل، وروايات أخرى لنجيب محفوظ، علاء الأسواني، صنع الله ابراهيم، سلوى بكر، نوال السعداوي، مي التلمساني وجمال الغيطاني، وقع اختيار "آن" على "أطياف" لرضوى عاشور.
دوّنت "آن" عن كتاب أطياف، تقول بمقدمة التدوينة أنها لم تركن إلى أعمال نجيب محفوظ التي انهالت عليها الاقتراحات من أعماله "بالنسبة لي كان محفوظ خيار آمن"، فيما تعتبر رحلتها عبر الكتب بمثابة اكتشاف، لذا اختارت رضوى عاشور، لا يُصنف ذلك العمل الأدبي كرواية، حيث يقع في عالم بين الخيال والسيرة الذاتية، وفي تدوينتها عن الكتاب تشرح "آن" كيف أن رضوى عاشور تمدّ خط بين الماضي والمستقبل، فيما يظهر أنها قادرة على التضفير بينهما وبين الخيال والواقع.
مع كمية التوصيات التي اقترحها عليها محبي الكتب، وجدت "آن" صعوبة في الاختيار "أحيانًا يُمسك كتاب بمخيلتي ويظل ملحًا لي قراءته"، وفي أحيان أخرى يضع زوار المدونة كتب بعينها "أظن أنها معروفة في بلادهم"، أما الحالة الأصعب التي خاضتها "آن"، كانت الوصول إلى ترجمة تلك الكتب إلى الإنجليزية، ولذا مع كل التوصيات للبلاد التي لا ينشط فيها الترجمة، والذي أثار صدمتها "أكون محظوظة بإيجاد عمل واحد لقراءته".
في تلك الحالة من نُدرة بعض الترجمات، لاقت "آن" محبة كبيرة من متابعيها على المدونة تصفها بـ"الكرم"، تحكي المحررة عن سيدة تسمى "رافيدا"، تعيش بكوالالمبور، أبلغتها أنها ستختار لها بضعة كتب ماليزية من مكتبتها الإنجليزية هناك "كان ذلك من أطيب المساعدات بالنسبة لغريبة تبعد عنها 6000ميل".
كتب غير منشورة
في سؤال "آن" لمتابعيها عن الكتب النادرة وغير متاحة بالإنجليزية، طالبتهم ذات مرة أن يترجموا لها بعض الأعمال التي تحتاجها، من بينهم لجنوب أفريقيا الدولة الأحدث التي لم تجد لها أعمال مترجمة، تقول "آن": "طيبة رافيدا وآخرون شجعني على الاستمرار"، أحيانا لاقت تعليقات من زوار يقومون بالبحث عنها، فيما وجدت بعد ستة أسابيع من طلبها لمترجمين، العمل كاملًا بالإنجليزية لمجموعة قصصية للكاتبة أوليندا بيجا، من جمهورية ساو تومي الإفريقية.
بالنسبة لـ"لآن" لا يقتصر العمل الأدبي على سرد تاريخ البلد ذاتها، حيث تدرك أنه سواء كاتب مصري، مجري أو أفغانستاني لن يكتب عن بلده فقط "لا أري لماذا عليّ التوقع من الكتاب من بلدان أخرى الكتابة فقط عن أوطانهم"، بإمكان الرواية التي تقرأها نقلها إلى عالم متخيل، أو مستقبل بعيد، لذا لم يُحفزها كتاب لزيارة البلد التي ينتمي إليها "لم أذهب إلى بلاد ناجمة عن قراءاتي فقط"، فالسفر متعة بالنسبة لها بكل الأحوال.
لم تنفصل آن في قراءاتها للعالم عن الناس وأحلامها، ألهمتها خطة القراءة بكتابها "قراءاتي للعالم: اعترافات مكتشفة الأدب"، أو كما عُرف الكتاب بأمريكا "العالم بين دفتي كتاب"، ونشر العام الماضي، كما تواصلت مع محبي الكتب، وتعرفت على الصحفية الهندية "سونيتا بالاكريشنان"، التي تعمل بجريدة "زا هيندو".
تحكي آن معرفتها لسونيتا جاء على خلفية ترشيحات الكتب الهندية، حيث لم تجد المحررة اجابة حول كيفية وجود هذا الكم الكبير من الكتب الهندية، دونًا عن أي بلد أخرى، ومع حيرتها بين الأسماء، استغربت سونيتا في تعليقها بالمدونة عن أن كل هذه الكتب مكتوبة أصلًا بالإنجليزية –وهي لغة رسمية تستخدمها الهند بجانب 22 لغة أخرى-، لذا فضّلت أن تختار لها كتاب هندي باللغة المالايالامية-إحدى اللغات بالهند-، فقرأت للكاتب " فاسوديفان ناير"، روايته "Kaalam"، بقيت "آن" على اتصال بسونيتا حتى الآن، كما حاورتها الصحفية بجريدتها، كذلك أطلقت سونيتا مشروع القراءة الخاص بها، مدونة "القراءة عبر الهند".
حتى الآن مازال يصل لـ"آن" ترشيحات كثيرة، لم تبدأ بعد بخطة قراءة جديدة، فهي مستمرة في قراءة العالم، وتدوينتها عن كتاب جديد شهريًا، لا يُوجد كتاب أكثر قربًا للمحررة من القائمة "ما زلت حتى الآن اكتشف عناوين جديدة مدهشة كل شهر"، حيث تجد من الأسباب عدد من الكتب المحببين إليها، من بين تلك الأسباب هو جهد الناس لوصولها إليها، فيما أعدّت قائمة من الكتب التي أحبتها، متاحة تجاريًا بالإنجليزية :
Albania – Ismail Kadare Broken April
Canada – Nicole Brossard Mauve Desert
Czech Republic – Bohumil Hrabal Too Loud a Solitude
Mongolia – Galsan Tschinag The Blue Sky
Myanmar – Nu Nu Yi Smile as they Bow
Pakistan – Jamil Ahmad The Wandering Falcon
Serbia – Srdjan Valjarevic Lake Como
Sierra Leone – Ismael Beah A Long Way Gone
Tajikistan – Andrei Volos Hurramabad
Togo – Tete-Michel Kpomassie An African in Greenland
فيديو قد يعجبك: