لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أول مول يعمل بالطاقة الشمسية في الدلتا.. "عطلان بأمر الحكومة"

01:02 م الإثنين 08 فبراير 2016

مول يعمل بالطاقة الشمسية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-إشراق أحمد ودعاء الفولي:
في شارع الجيش، إحدى الشوارع الرئيسية بمدينة المنصورة، وحيث تنتشر المتنزهات العامة مقُسمة الطريق، يقع المبنى الذي رغم تغطية ألواح الطاقة الشمسية لواجهته، لكنه مازال تحت الإنشاء... good day  اسم المبنى التجاري، المُقام قبل نحو عام ونصف، بارتفاع أربعة طوابق، انتهى أصحابه من تجهيز طابقين، ووضع شعار لأول مول يعمل بالطاقة بالشمسية في الدلتا، كما تشير لافتته. عراقيل واجهت القائمين على المشروع، دائرة محكمة من "الروتين" تارة، والإهمال تارة أخرى، وشكاوى امتدت لرئيس الجمهورية، لم تحرك ساكن أمام مشروع استثماري.

1
منتصف 2014 كان ميعاد أحمد الحديدي، وشريكيه مع مشروع المول، ذهب الثلاثة لمحافظة الدقهلية لمعرفة الشروط، فأشاروا عليهم بضرورة الذهاب إلى حي الغرب التابعين له، حيث علموا أن الموافقة التنظيمية على إنشاء المكان هي أهم خطوة "وبعد كدة نمشي في خطوات الترخيص بسهولة"، الحصول على تلك الموافقة لم يكن سهلا لكنه تم خلال عدة أشهر "جم شافوا المكان والدنيا مشيت ودخلوا المياه"، كان ذلك في سبتمبر 2014 حسب قول "الحديدي".

2

بمجرد الحصول على الموافقة، اتخذ "أحمد" ومن معه خطوات واسعة تجاه حلمهم، في مارس 2015 عيّنوا 112 فردا بشكل مبدئي في المكان "جيبنا مدربة أوروبية ليهم وبدأوا تدريب بالفعل"، وبالتوازي نفذوا فكرة الطاقة الشمسية "صديقي مهندس لما اتكلمت معاه ومع مدير إحدى الشركات الصينية للطاقة المتجددة عرفت إن عندنا ثروة في مصر مش مُستغلة"، علم "الحديدي" أن استيراد الألواح سيكون مُكلفا، خاصة أنها ستغطي واجهة المبنى بالكامل، لذا ذهبوا لوزارة الكهرباء لعرض الفكرة عليهم "قالولنا انتوا الشباب الواعد"، فأعطوهم ملف مكتوب به تفاصيل عن كيفية التعاون بينهم والحكومة، بضخ فائض كهرباء المول، لشبكة كهرباء الدولة، غير أن رد الوزارة لم يتعد ذلك الملف "قالولنا هنشكل لجنة ونشوف الألواح ونعمل مؤتمر.. وفي الوقت ده كنا اشترينا الألواح وركبناها".

3

الأحوال المادية للشركاء لم تكن تكفي للمشروع، إذ استطاعوا جمع 11 مليون جنيه فقط، فيما كانت تكلفة المشروع تربو من 30 مليون جنيه، تواصلوا مع أكثر من بنك لإقناعه بمساندتهم، لكن كان ينقصهم الرخصة المؤقتة من الحي كي يحصلوا على قرض يغطي تكلفة المشروع، غير أن الأمور تعقدت لدى "الحديدي" منذ ذلك الوقت.
 
الصدمة الأولى كانت عندما سأل عن ملفه بمديرية أمن الدقهلية "فقالولي ضاع"، لم يُنقذ "الحديدي" حينها إلا ورقة كان بحوزته نسخة منها "ورقة فيها موافقة من المديرية بتثبت إن المكان فيه كاميرات مراقبة ومستوفي شروط السلامة الفنية"، وبمساعدة أحد الضباط استخرج معظم الأوراق المفقودة، وبقي له معاودة الذهاب للحي لاستخراج الرخصة المؤقتة.
4
تأجيل الطلب كان حليف "الحديدي" كلما مر بالحي، وعندما فاض به الكيل اتجه إلى سكرتير عام المحافظ الذي أخبرهم أن حل المشكلة بيد المحافظ، فكان رد الأخير "ربنا يسهل وهنشوف.. بس موضوعكوا في الحي مش هنا"، اتجه "الحديدي" بعدها إلى إدارة التظلمات في المحافظة فاصطحبه أحد القانونيين العاملين بالإدارة إلى مقر الحي "سأل هناك عن المشكلة بتاعتنا ولما ملقاش فيه سبب محترم للتعنت بعت فاكس لوزير التنمية المحلية".
 
في مايو 2015 تم تحديد ميعاد لأصحاب المشكلة مع الوزير أحمد زكي بدر، الذي اتصل بالمحافظ وطالبه بتقرير عن الأزمة، واعدا بمتابعة الأمر "لحد الآن مديرة مكتبه بتتصل تسألنا عملنا إيه"، حين عاد صاحب المول للحي مرة أخرى، أخبروه أن المبنى عليه مخالفات إنشاء، فلم يكن من "الحديدي" سوى سؤالهم "أومال ادتوني الموافقة التنظيمية على أي أساس من الأول".
 
كان يقابل "الحديدي" كل خطوة تعسفية في البداية بهدوء وتماسك، يخبره موظف أن تقرير السلامة الهندسية "ضاع" فيستخرجه مرة أخرى، غير أن صبر الرجل بدأ ينفذ شيئا فشيئا، في ظل مواقف جديدة تظهر بعد أن يستنفذ كافة الإجراءات المطلوبة "رئيس الحي الجديد لما روحت له قالي لي طب نرجع لوزارة الإسكان ونشوف مرجعية المسألة".
5

قبل عدة أشهر  حصل "أحمد" على استمارة مكونة من عدة خانات، كل واحدة فيهم تحتاج موافقة من جهة مختلفة، أخبروه في الحي أنه إذا ملأها فسيحصل على الرخصة، وبالفعل استوفى الرجل الأربعيني الشروط، وقدم الاستمارة للحي، وعندما طالبهم بها في مايو الماضي، أعطوه إياها لكن مع إضافة جملة جديدة على الورقة، كُتبت بخط اليد "بالبحث بالكمبيوتر باسم إبراهيم حمد عطا وُجدت مخالفات على المذكور من سنة 2008".

6

 استبد الضحك بأحمد رغم مأساوية الوضع، سأل صاحب الأرض عن تلك المخالفات، فأخرج له أوراق تُثبت أنه قام بتسويتها ودفعها، مُخبرا إياه أن أصول البراءة من المخالفات موجودة في الحي.

7

اعتقد أصحاب المشروع أن افتتاح المكان سيكون في 2016، لكن رحلتهم مع الأوراق منعت ذلك، حتى فترة العام التي وضعها "الحديد" كتقدير تقريبي لانتهاء الأزمة تخطت الحسابات، وتفاقمت الأزمات من مرتبات العاملين، والالتزامات المادية مع الشركات المتعامل معها، مع استمرار سعيه لإنهاء الإجراءات.
 
لم تتوقف مشاكل الرجل الأربعيني على النفقات المالية، والروتين الإداري، بل تجلت أزمة أخرى، تهدد مشروعه "بدأ ييجي لي طلبات غلق من القوى العاملة.. قالوا لي معكش ترخيص فمش من حقك تشغل ناس"، الإجراء الذي يعتبره "الحديدي" غريب، خاصة لعدم ظهوره إلا بعد تصاعد الأمر، وتزايد شكواه، لكنه كأمر واقع لا يملك بيده شيء، سوى الاستياء من التعامل مع شخص يريد الاستثمار في بلده "طيب خدوا 112 شخص اللي معايا شغلوهم وشغلوني أنا كمان مدام أنتم مستعجلين على الغلق على اعتبار أن معدلات البطالة عندنا منخفضة".

8

حين نفض يده من الجهات المباشرة بالمنصورة، كتب شكوى على البوابة الإلكترونية لرئاسة الوزراء، فنّد كل التفاصيل الممكنة عما يتعرض له، لكنه تفاجأ برد من المحافظة على شكواه بالآتي "تم إرسال فاكس استعجال لحي شرق"، صُدم الرجل الأربعيني، فمبنى المول تابع لحي غرب، طبقا لكل الأوراق المسجلة بالمحافظة ذاتها والحي وكل الجهات. ما كان رد المحافظة في نظر "الحديدي" إلا تضليل، وهو ما تأكد منه حسب قوله، حينما جاء وفد من مجلس الوزراء للقاء المحافظ، فخرج باليوم التالي قرار تحويل موظفين شكاوى المواطنين للتحقيق "وعرفت إن المحافظة قالت لهم أني كداب"، لذا أرسل الرجل الشكوى مرة أخرى لكن دون جدوى "لما المحافظة بتضلل رئاسة الوزراء يبقى بتعمل فيا أنا إيه؟".

من جانب المحافظة، قال حسام الدين إمام، محافظ الدقهلية لـ"مصراوي" إنه أوصى حي غرب التابع له المول، بإنشاء لجنة للبحث في المشكلة، ومعرفة إذا كان "الحديدي" ومن معه أصحاب حق أم لا، ومن المفترض أن تنتهي اللجنة من بحثها خلال الأسبوع القادم، حسب قوله.

9

"مسؤول مجتهد ومحترم+ مستثمر بفكر وإبداع+ عمالة مدربة= مصر جاذبة للاستثمار" معادلة خلص إليها "الحديدي" بعد سماعه للعديد من خطابات الرئيس عبد الفتاح السيسي، يؤكد بها على ضرورة العمل لبناء مصر، وتشجيع الاستثمار، وتذليل الجهات التنفيذية للعقبات أمام المستثمرين، وخصيصا عن "دعم السلاسل التجارية وتيسير فتحها خلال 6 شهور لما كان عايز يخفض الأسعار"، ولأنه لم يجد هذا على أرض الواقع، ضمّن شكوته الأخيرة لرئيس الجمهورية بهذه المعادلة، وكلمات تنقل مرارة ما يشعر به، واضعا أمل أخير في أن تنصفه الرقابة الإدارية التي لجأ إليها، بعد أن انقطعت به سبل جميع الجهات التنفيذية بالدولة "إذا كنت أنا ضحية البيروقراطية على عيني وراسي بس مدخلوش شباب تاني في الدايرة دي".

فيديو قد يعجبك: