لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هو فيه رصيف بمصر؟.. معماري يتتبع حركة المشاة في القاهرة

11:45 ص الأحد 06 نوفمبر 2016

"حسام" يقتفي أثر الرصيف ويبحث عن قاعدة بيانات لمشا

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-إشراق أحمد:
هل فكرت يوما أن "المشي" ليس رفاهية، وأن الزحام ربما له سبب آخر غير عدد المارة؟ هل تناهى لفضولك السؤال عن عدد السائرين على الرصيف، هل تناسيت التأفف ونهشك التفكير عن عدد الأرصفة في مصر، مَن الأكثر استخداما لها، أي نوع وأي فئة، المسافة التي يقطعونها، كم سرعة حركتهم؟.. أسئلة كثيرة ذاب حسام مجدي بين المشاة في الشوارع منشغلا بالإجابة عنها.

يؤمن المهندس الثلاثيني أن التخطيط المعماري من شأنه تغيير مسار المدينة المزدحمة، إذا ما تم على أساس علمي، لهذا عكف لعمل قاعدة بيانات للمشاة في مصر كما في جميع الدول المتقدمة أو التي تريد أن تكون كذلك.

قبل 13 عاما تخرج "مجدي" من كلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا، تخصص في العمارة، ولع بالبحث العلمي حتى صار مدرس مساعد بالكلية. دون اهتمامات العمارة الكثيرة انشغل المهندس الشاب بما يسمى الفراغات الحرجة داخل المدينة أو كيفية استغلال المساحات المتروكة كما يوضح، درس وبحث نظريا وعمليا لستة أعوام حتى انهي رسالة الماجستير عن الفراغات تحت الكباري، أيقن أن "حاجات معينة لو اتظبطت العمران المصري هياخد خطوة للأمام على مستويات كثيرة".

 ولأن الأرصفة من الفراغات "المهمة والحرجة" والمهمل شأنها كما يقول "مجدي"، لذا قرر أن تحمل رسالة الدكتوراة الخاصة به طرحا جديا قابل للتنفيذ. مستندا على البحث العلمي بنى المهندس المعماري معطياته، جاب نحو 27 شارع في 5 محافظات لوضع الأسس التي يجري عليها بحثه، وخلص إلى أنه لا يوجد رصيف في مصر، فهو مملوك دائما لمن معه قوة سواء باعة أو صاحب سيارة قرر أن يركنها، ويُرجع هذا لغياب دور الدولة عن توفير بدائل سلسلة من إجراءات أو أسواق شعبية مما يضطر الناس أنها "تشوف مصلحتها وتعملها" حسب قوله.

بدأ المهندس الشاب دراسة حركة المشاة قبل ثلاثة أعوام، وجد أن "المشكلة عمرها ما كانت في زيادة الطرق ولا في حارة ضيقة أوسعها لكن في توزيع مظبوط للكثافات فتقدر تشغل مواصلات وتخلي الناس تمشي مسافة كويسة"، والتفكير خلاف هذا في نظر "مجدي" هو سبب أزمة الزحام بمصر خاصة القاهرة التي تعد من أكبر 10 تجمعات سكانية في العالم حسب قوله، مشيرا إلى أن مشروع مثل التنمية المستدامة لمصر 2030 يحمل تلك المشكلة، فمن ضمن المشروعات العمل على زيادة حجم الطرق 15%.

كثير من الأبحاث والدراسات تناولت حركة المشاة غير أنها لا تخرج عن كونها محاولات نظرية كما يقول "مجدي"، موضحا المختلف بما يقوم به، إذ يعتمد على التكنولوجيا بدءً من المسح العمراني المصور وهو قلما ما يحدث في مصر حسب قوله، حيث ينزل المهندس إلى الشارع راصدا حركة المارة، لكي يتم إدخالها إلى برنامج مصمم خصيصا يسمى "نموذج محاكاة رقمية" لتحويل تلك الحركة لبيان، وبناء على ذلك يُتخذ القرار المناسب لتخطيط الطريق "نقول محتاجين نوسع هنا.. نحط تقاطع.. نرجع الجراج ده".

ما يعمل عليه الباحث المعماري قامت به دول مثل اليابان قبل نحو 100 عاما، وأخرى مثل البرازيل قريبة الحال من وضع مصر انتهت منه قبل نحو 7 سنوات كما يوضح، فكل الأسئلة المتعلقة بالمشاة هناك بيانات متوفرة ولها قواعد خاصة، لذلك اضطر "مجدي" لتصميم برنامج تقني يلائم الحالة المصرية لتخرج النتائج دقيقة. وأما العائد فيشمل جوانب مختلفة سواء اقتصاديا حال زيادة قوة الشراء وكذلك صحيا "وحتى على مستوى الحوادث" حسبما ذكر.

اختار "مجدي" شارع النصر بمنطقة المعادي الجديدة ليكون حالة الدراسة كي يستخلص منه متوسط حركة المشاة، استقر عليه  بعد مفاضلة بين نحو 20 شارع، ويقول المهندس الشاب أن أساس الاختيار يتعلق بجانب معماري يقوم على وجود حد أدنى من التخطيط، فيما تحكمت به نواحي أخرى كالحالة الأمنية "مكنش ينفع أنزل مثلا وسط البلد أو اروح منطقة الناس فيها ممكن متستوعبش الفكرة فاتعرض لمشاكل"، ورغم هذا لم يكن الأمر يسيرا، إذ تكبد العناء في الحصول على تصريح أمني للتصوير قبل عامين يتجدد كلما أراد النزول للشارع أثناء تواجده بمصر.

بين مصر واليابان يتنقل "مجدي"، بالأخير يدرس في معهد ناجويا التقني لإنهاء رسالة الدكتوراة، لكنه لا يتوقف عن تدوين الملاحظات التي جاء بعضها عكس توقعه، ومنها أن "المشي" فعل يومي للكثير بالقاهرة، لكن بسؤالهم عن المسافة التي يقطعونها في  اليوم دوما تكون الإجابة "يا عم أمشي ايه هو في رصيف أمشي عليه؟".

 رصد المهندس الثلاثيني سير الكثير لمسافة تتراوح ما بين 2-5 كيلو مترات يوميا، ففي حي المطرية يضرب "مجدي" المثال على انتقال الناس لمشيا من شارع المعاهدة عند بنزية التعاون حتى الميدان، ومنه إلى محطة مترو أنفاق حلمية الزيتون، وتكرر الحال في أكثر من مكان، وهذا لأسباب حصرها المعماري في عدم إيجاد وسيلة مواصلات أو ارتفاع أجرتها، وأحيانا لعدم الرغبة في الخناق، فيما ارجع انكار السائلين لحالة سيرهم إلى وجود عوائق بالطريق حال القمامة والحجارة المتكسرة أو غياب وسائل الظل "عشان كده المشي بقى معاناة وفقدوا الإحساس به"، فضلا عن الصورة الذهنية عند الكثير "بأن المشي مجرد رياضة".

في الثالث والعشرين من أكتوبر المنصرف وقف الباحث المعماري أمام جمع من الحضور، في مركز الخليفة لخدمة المجتمع "مجاورة"، أخذ يشرح لنحو 25 شخص  فكرة "الحق في المشي" باعتباره مبدأ أساسي حال الحق في السكن والعدالة وغيرها من مبادئ عالمية تندرج تحت مظلة الحق في المدينة، تفاعل جيد لاقاه "مجدي" تجاه موضوع لم يكن مطروح من قبل على غير المتخصصين، شعور قوى اعتراه نحو أهمية التوعية بين الناس، ليغادر إلى اليابان محملا بعزيمة الانتهاء من دراسته خلال عام وبلوغها شكل رسمي للتنفيذ، لا يغيب عنه أمنية أن يلقى "المشاة" اهتمام أكبر بكلية التخطيط وأقسام العمارة، ولا حلمه الذي لازال على العهد معه منذ اهتم بهذا المجال "أن يكون في قانون للفراغات العمرانية مُلزم للناس".

فيديو قد يعجبك: