فريد الديب.. محامي "اللص" – (صور)
كتب- أحمد الليثي:
تصوير- كريم أحمد:
5 سنوات صال فيها وجال، كالحاوي كان يفند الأوراق، يتلاعب بها في مهارة، يُضمر بعضها ويظهر أخرى للعيان، ألقى حباله وعصيه، استعرض أدلته الدامغة، كممثل مسرحي يُلون الجمل، في النهار يتشدق بالعدالة وبيد الله التي فوق أيدينا، وفي الليل يتناثر حول طاولات الإعلام ليبيض صفحة الطاغية.
في 22 مارس 2011 أعلن المحامي "فريد الديب" أنه سيترافع عن الرئيس المخلوع "حسني مبارك"، لم يكن الأمر مثيرا، منّ ترافع عن الجاسوس، لا تهمه المسميات، الأهم "الأتعاب".
من قضية تلو الأخرى، كان مبارك يخرج كما الشعرة من العجين، لم يكن الأمر مجرد براءة لمخلوع، بل كان لزاما على "الديب" أن يصنع من موكله قديسا، يسرد بطولاته في الحرب والسلم، كيف حنى على سيدة رؤوم، ومتى أنصت إلى طفل كسير، أين وضع الباقي من ثروته الضئيلة، ولماذا ترك الحكم طواعية قبل الشروع في عقده الرابع على العرش.
رسم الخطة بإحكام، الأب قائدا مظفرا لم تلوث يده بدم، والأبناء أنقياء لم يتاجروا يوما بوطن، والزوجة أم لكل المصريين، حتى القادة من الدرك كفوا الأذى عن الشعب ولم يطلقوا العنان للقناصة، لذا خرج الديب منتصرا غير مرة، يتباهى أمام الكاميرات، ينفث سيجاره بزهو، يتبادل "القفشات" مع القاضي والنيابة، حتى الحضور قد صنع منهم جمهورا يصفقون خلف كل مرافعة وكأنه إسدال لستار فصل من الرواية.
أما اليوم فقد فُضح أمر ولي نعمته -رفضت محكمة النقض الطعن على حكم الجنايات في مايو- نالته الوصمة في مقتل، بحكم بات حُكم عليه –وبنيه- بالسجن المشدد لثلاث سنوات، وتكبد 147 مليون جنيه بين غرامة -125 مليون و979 ألفا- ورد مبلغ -21 مليون و169 ألفا، كلصوص الحواري ثُبتت التهمة بشأن الحاكم الأسبق، كيف أنفق الملايين من ميزانية الدولة على حمامات الجاكوزي في مصر الجديدة، وشموع لحفلات السمر في شرم الشيخ، ومصاعد لتصليح أطباق الدش في فيلات ورثة المُلك.
يسخر رواد مواقع التواصل من مبارك فيصفونه بـ"حرامي الغسيل"؛ ذلك الذي اختلس حق الشعب من أجل بضعة ملاعق ذهبية وسكاكين وأطباق فاخرة تُزين مائدته الملكية، فيما الشعب يرتع في الجوع، بينما يدافع الديب ويقسم بأغلظ الأيمان على مستندات وفواتير أثبتت المحكمة تزويرها وأمرت بمصادرتها.
بعدما كان الديب يسير مزهوا بنجاحاته المتتالية، هاله ما سمع، فضل الصمت، جز أسنانه، وظهر على وجهه الشحوب، غطى شعره البياض، العجز تلبسه، لم يعد "الديب" ملكا للغابة، عاد أدراجه، لا مكر نفع، ولا حيل شفعت، الحُكم الذي نزع عن مبارك قدسيته وكبره، خلع عنه الأوسمة وتركه في عداد المجرمين بحكم محكمة، دون حق في مشاركة سياسية، أو تصرف في أمواله إلا بإذن قاضي، أضحى منقوص الأهلية -وولديه، لا جنازة عسكرية أو وسام يُذكره بذاك الضابط الذي حارب يوما من أجل تراب الوطن قبل أن تلعنه الأرض وتنعته بالسارق.
فيديو قد يعجبك: