لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالصور: فريق الطوارئ السورية بمصر.. أخدم نفسك بنفسك

03:03 م الإثنين 28 سبتمبر 2015

فريق الطوارئ السورية بمصر.. أخدم نفسك بنفسك؟

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-دعاء الفولي:

في شقة كائنة بالحي السابع بمدينة 6 أكتوبر تتشابك أحلامهم، كانوا قبل عامين لا يعرفون بعضهم البعض، أتوا من أنحاء مختلفة بسوريا، فارّين من الحرب التي لم تضع أوزارها، بالكاد استطاعوا التعايش مع الوضع الجديد بمصر، ثم تيقنوا أنهم لازالوا يمتلكون ما يقدمونه لإخوانهم السوريين الذين لم يتأقلموا مع الغُربة، صاروا أشبه بدائرة ضوء موصولة لمساعدة الغير بأقل الإمكانيات وفي أسوأ الظروف.

لم يأتِ اسم "فريق الطوارئ السوري" من فراغ، بل إيمانا بدورهم كمنقذين للسوريين، يحاولون سد خانات العجز في أكثر من مجال، بداية من التعليم، الصحة، وحتى الترفيه عن الأطفال الذين لمسوا ويلات الحرب، بالإضافة لدورهم الأساسي "التشبيك بين المتبرعين والمحتاجين" كما يقول سمير الطويل، مسؤول الإعلام بالفريق.

1

لم يكن لدى مؤسسي الفريق الخمسة خبرة بالعمل التطوعي حين دشنوا الفريق منتصف عام 2014 "مجرد الخبرة اللي اكتسبوها أثناء العمل بمصر"، فحينما جاءوا إلى هنا دفعتهم ظروف الأسر المُحيطة لإيجاد طرق للمساعدة كما أن حياة المجتمع المدني بسوريا لم تكن متسعة، ومع الوقت كوّن المؤسسون شبكة علاقات أوسع مع مؤسسات مجتمع مدني دولية، مثل منظمة “save the children” و “care”وغيرهم.

"كفالة الأيتام وإمداد الأسر السورية بالمعلومات اللازمة والأدوية والملابس" هو جزء من نشاط الفريق، الذي وصل عدد أعضاءه إلى 69 شخص "كمان كان فيه تدريب لـ350 بنت وولد دربناهم على مهن وعلى العمل الإغاثي بالتعاون مع هيئة انقاذ الطفولة الدولية ضمن مشروع سبل، وحاليا عندنا مشروع لرعاية الأطفال اسمه (شعاع أمل) بنحاول نرفه عنهم ونعلمهم"، لم يظن الطويل أنه سيعمل يوما بالمجال الإغاثي، فقد كان يعمل بالتليفزيون الرسمي بسوريا قبل أن يُقصف منزله ويضطر للرحيل مع ولديه وزوجته في 2012 "الظروف فرضت علينا هيك".

اعتقد الطويل أنه سيعود لبلده خلال أشهر أو عام "لكن لقينا كل يوم ناس أكتر بتموت والوضع بيسوء"، فكان لزاما أن يهيئ نفسه لمجال مغاير "بدأت أشتغل كصحفي في أحد المواقع بجانب عملي في الفريق"، لا يحصل الشاب الثلاثيني أو غيره على أموال نظير العمل التطوعي، كل منهم لديه مهنة أخرى يمارسها لكسب العيش، ولعل هذا ما يجعلهم أكثر دراية بحال السوريين الذين يساعدونهم.

2

يقوم فريق الطوارئ على الشباب، تتفاوت أعمارهم بين الثلاثين والثمانية عشر عاما؛ كحال محمد ناصر الذي انضم للمتطوعين منذ 8 شهور، بعد أن حصل على دورات تدريبية في العمل الإغاثي، وشارك في حملات عدة من توزيع الملابس وأنشطة للأطفال، إلا أن أكثر ما أثر فيه كان المسرح التفاعلي القائم على تثقيف المواطنين السوريين بالتمثيل "اتعلمت المسرح شوي وبعدين حبيته جدًا".

منذ أشهر بدأ ناصر التدريب على المسرح بشكل أوسع "بروح عند أستاذ بيعلمني ضمن ورشة"، صار التمثيل شغفه الأول. تغيرت ملامح حياة الشاب ذو الثمانية عشر عاما منذ جاء مصر عام 2012، ظل لفترة لا يستطيع التعايش بعد أن غادر مدينته دوما بريف دمشق مغصوبا بسبب استهدافها من قبل قوات الجيش، فرّ مع والدته وإخوته وهو في السادسة عشر، وأصبح مسئولا عن الأسرة فجأة "كان لازم أعمل عشان المصاري"، وعقب مجيئه بأيام تعرض لحادث سرقة وضرب وتم الاستيلاء على المبلغ الذي كان يملكه.

3

يعي ناصر أهداف فريق الطوارئ "ومهم ما نحيد عن السياق اللي شغالين فيه"، فقد رأى بعض المنتفعين من العمل التطوعي "بيفتحوا مراكز عشان مصالحهم الشخصية دة غير الناس اللي قالتلي: انا مش مضطر أساعد حدا"، يحاول التفريق بين الغث والسمين طوال الوقت، ورغم الأزمات التي يواجهها الشاب في التعامل إلا أنه يضيف ساخرا "فهمت عادات المصريين وأكلت من أكلهم فمبقتش أتعب زي الأول".

بين حين وآخر يخوض آل الفريق في أنشطة جديدة تُمكنهم من مساعدة الأسر السورية "زي ماكينات الخياطة اللي بنوفرها للسيدات اللي ما بدهن يعتمدوا على المعونات وعايزين يشتغلوا" على حد قول الطويل. هناك أيضا الأكاديمية السورية للرياضة التي تم افتتاحها يونيو الماضي وانتهت في سبتمبر للأطفال، كذلك النشاط قد لا يقتصر على التواصل المباشر "أحيانا إذا معنا روشتة بنرفعها على صفحة الفيسبوك وبنقول للناس إذا حدا بدو يتواصل مع صاحبها يبعتلنا".

4

قبل الانضمام لفريق الطوارئ، اعتادت رنيم ذات الواحد وعشرين عاما التطوع في مؤسسة سورية أخرى، لكن حياة التطوع التي تعيشها الآن لم تكن في حسبانها، إذ تصف طالبة العلوم الإدارية نفسها بأنها فتاة مُدللة "كنت بسكن بدمشق وما بخرج من البيت غير كل فين وفين"، بعد استقرارها بمدينة 6 أكتوبر تعين عليها الخروج لشراء حاجيات المنزل وتدبير أمر السكن والتعامل مع من يستغلوا قدومها بمفردها مع والدتها للحصول على مزيد من الأموال "صار لازم أبقى ولد هنا".

تشعر رنيم بالراحة حيال التطوع، إلا أنه ثمة متاعب، فالتعامل مع المواطنين ليس سهلا، تذكر بعض جيرانها الحاليين الذين أتوا إلى مقر الفريق للحصول على "بطاطين" من أجل الشتاء "وكان فيه واحد منهم مش عايز يقف بالطابور"، فنادى عليها وطلب منها إدخاله قبل الآخرين، وعندما رفضت "اتصل بأمي وشتمني وقالها بنتك رافضة تدخلني"، وآخر تعرفه رنيم جاء يطلب مساعدة وهم يعلمون أنه لا يحتاج وحين رفضوا قطع علاقة ابنته وزوجته برنيم ووالدتها "مش كل الناس بتتفهم إن المساعدات بتروح للأكثر احتياجات بعد بحث مش مجرد توزيع وخلاص وإن المساعدات هيك محدودة".

5

استمارة تحوي مجموعة من الفراغات يملأها القادم لمقر "الطوارئ"، على أساسها يتحرك أفراد الفريق لعنوان صاحب الاستمارة لبحث الحالة الاجتماعية "بعض الناس بيحصلوا على رواتب من مفوضية اللاجئين السوريين وبعضهم بيعمل"، بينما يعاني آخرون من إصابات جراء الحرب أو أمراض مزمنة، وعادة تكون الأولوية في المساعدة لهؤلاء.

التطوع عبء لا يستطيع الكثيرون تحمله "لكن خلاص انا اخترت هيك ولازم أتحمل والناس اللي عم بنساعدهم ملهمش دخل بمشاكلنا" على حد قول ناصر، خلال الأشهر التي عاشها الشاب مع الفريق تعلم ضبط النفس، وألا ينتظر الكثير "مجرد إنه حدا يدعيلي من الناس بيكفي"، يدرس ناصر الآن بالصف الثالث الثانوي، لاقى صعوبات مع الروتين الحكومي كي يلتحق بالتعليم المصري، لكنه تخطى ذلك مع الوقت، ويعيش الآن بين المسرح، الدراسة وفريق الطوارئ.

يسعى أعضاء الفريق حاليا للحصول على مقر آخر لا يدفعون مقابل البقاء فيه، ما يضمن أن تكون الدورات التدريبية التي يقدمونها بالمجان، الابتعاد عن حدود مدينة 6 أكتوبر ليس في خطتهم الآن، يقول الطويل "معظم السوريين بيقطنوا بأكتوبر فبنحاول نشتغل على الدايرة الضيقة أولا وبعدين نتوسع". حياة أعضاء الفريق مُقسمة بين عقبات شخصية يتعاطون معها، ومشاكل عامة يحاولون تخفيفها عن السوريين "احنا كمان بنقدم استشارات حياتية للأسر السورية هون بمصر". يتمنى متطوعو الفريق ألا يستمر الوضع الحالي بسوريا كثيرا، غير أنهم وحتى العودة للوطن نذروا جزء من وقتهم للآخر "الناس لسة بحاجة وإذا ما اتحركت قلوبنا للي متلنا فمفيش حدا هيهتم".

فيديو قد يعجبك: