إعلان

قصة أهالي "عشش السودان".. النوم في الشارع بأمر الحكومة

03:12 م الأربعاء 26 أغسطس 2015

ارشيفية لازاله عشش

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد مهدي:

لأول مرة منذ سنوات عديدة يسود الهدوء منطقة "عشش السودان" بمنطقة الدقي في الصباح الباكر من اليوم الثلاثاء، الانتظار والترقب يتجولان في المكان بأريحية شديدة، القلق يبدو واضحا على وجوه الأهالي، لم يذق أحدهم النوم، الحكومة قالت إنها ستنقل عددا منهم إلى المنازل المجاورة لهم للعيش فيها بعد هدم العشش التي تأويهم، لكن الخوف -جارهم منذ الأزل- جعلهم يتعاملون مع الخبر كـ"قضا" يخشون وقوعه "وفعلا صحينا على إهانة وضرب وكسروا بيوتنا وطلعونا منها وقالولنا استنوا لحد ما نبني بيوت جديدة" قالها بغضب "أبو يوسف" أحد أهالي المنطقة المشردين.

في الساعات الأولى من الصباح، قدمت قوات الشرطة إلى المكان برفقة رجال الحي، أخبروهم بضرورة إخلاء المكان لإزالة العشش كافة "وفي 75 أسرة هيتم نقلها للشقق في العماير اللي جنبنا، والباقي يستنوا"، جن جنون من علموا أن عششهم ستصبح في "خبر كان" دون الحصول على مأوى جديد، رفضوا الخروج، قالوا لا في وجه من قالوا نعم لقرار الحكومة، لم يمر رفضهم، انقضت الشرطة عليهم، أطلقت القوات الغاز المسيل للدموع، تقدمت "اللوادر" في اتجاه العشش، حاول الأهالي الدفاع عن الأرض التي ولدوا عليها كما يقولون، وقعت اشتباكات بين الطرفين، قبل أن يفر الأهالي وعيونهم الزائغة بفِعل الغاز مشدوهة ناحية العشش التي تساوت مع الأرض في دقائق "مكناش نقدر نعمل حاجة.. أخويا أتمسك واتضرب وعرفنا نرجعه بالعافية".

كانت وزارة التنمية المحلية قد أعلنت عن تطوير منطقة عشش شارع السودان بحي الدقي بالجيزة في إبريل 2013 على 3 مراحل، بتكلفة تبلغ نحو 26 مليون جنيه، حيث استفادت بأرض ملاصقة للموقع في إنشاء 3 عمارات سكنية كمرحلة أولى يتم استكمالها في المرحلة الثانية والثالثة بإنشاء 18 عمارة بإجمالي 21 عمارة سكنية توفر 210 وحدة سكنية و20 وحدة تجارية لأهالي المنطقة.

بعد ساعات من الواقعة، عاد الهدوء من جديد لكنه مشحونا بالحزن والقهر، "عم ناصر" الرجل الخمسيني، يقول إن أسرته وأهالي المنطقة ينامون الآن تحت أحد الكباري، لا مأوى لهم، من تم اختياره من قِبل المحافظة في المرحلة الثانية من تطوير المنطقة للانتقال إلى المساكن الجديد المجاورة لن يمكنهم مساعدتهم "يدوبك البيوت على قدهم محدش هيفكر يساعدنا أو ياخدنا عندنا.. معذورين لأنهم غلابة"، في الوقت نفسه لا يعتقد الأهالي أنه من الممكن أن تُبنى منشآت سكنية في وقت قصير "وطبعا احنا منقدرش على الحال دا ليوم واحد".

رجال الحي حضروا لأكثر من مرة إلى منطقة "عشش السودان" للحصول على بياناتهم والتأكد من كونهم من أبناء المنطقة ويمتلكون عششا فيها، كما يوضح عم ناصر الذي يعول أسرة مكونة من زوجة وولدين "وجبنالهم أكتر من اثبات، وبعد شوية رقموا بيوتنا عشان لما نيجي ننقل"، لكنهم فوجئوا بنقل البعض وهدم العشش كافة قبل توفير مسكن لباقي الأسر "يعني لو مش قادرين يسكنونا دلوقتي كانوا سابونا لحد ما يبنوا البيوت الجديدة".

أمس الاثنين، أعلنت محافظة الجيزة في بيان رسمي لها، حصل مصراوي على نسخة منه، إن عدد المستحقين للوحدات السكنية بمشروع تطوير منطقة عشش شارع السودان بالدقي بجميع مراحله الثلاث يبلغ 145 أسرة وفق حصر المحافظة بالتنسيق مع حي الدقي، حيث تم تسليم 30 وحدة في المرحلة الأولى، و75 وحدة في المرحلة الثانية اليوم الثلاثاء بعدها سيتم إسناد أعمال المرحلة الثالثة للمقاول لبناء عمارتين تستوعب 40 وحدة سكنية.

"روحنا لرئيس الحي وأكتر من مسؤول لكن محدش بيساعدنا" يذكرها "أبو يوسف" بيأس، يعيش الرجل الآن مع زوجته وأولاده الـ 4 في العراء برفقة من تبقى من أهالي العشش "أبويا عايش هنا من ستين سنة ومعاه عوايد وبيدفعها كل فترة وملناش مكان تاني"، يجلس الرجل بجوار ما تبقى من العشش المهدمة، ينظر لها بين الحين والآخر، يغالبه القهر، شُل فِكره، لا حلول أمامه، والانتظار أشبه بالموت البطيء "مفيش حاجة قدامنا غير إننا نروح للحي بكرة.. لو محدش لاقى حل هنروح لكل مسؤول في البلد لحد ما يشوفلنا صِرفة".

الثانويه العامه وأخبار التعليم

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان