بالصور: نقل الباعة الجائلين لجراج الترجمان.. الحالة العامة ''فوضى''
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
كتبت-دعاء الفولي:
تراصت سيارات الأمن المركزي على مدخل شارع الصحافة وجراج الترجمان بمنطقة بولاق أبو العلا، العساكر في الملابس البيضاء أغلقوا البوابة الحديدية الضخمة بأجسادهم، رُتب شرطية تجول المكان تراقب ما يجري، أفراد تابعين للشرطة يرتدون زيا مدنيا يحملون أسلحة آلية، بين أولئك كان الباعة الجائلون متناثرون على الأرض التي تم تقسيمها إلى مربعات متساوية عليها أرقام، لا يزيد مساحة أحدها عن مترين، لا شيء يبدو مرتبا، باعة تجمعوا حول شخص يُعطي لكل منهم رقم بمساحته، آخرون جلسوا على مربع بعينه يحتلونه بأجسادهم، ونوع ثالث لم يُخيفه كثرة عدد القوات ولا وجود رئيس الحي، بدا تائها لا يفهم، الوضع مرتبك، لا يعرف الواقفون على تلك الأرض من باعة ماذا سيحل بهم في الأيام القادمة، سوى أن ''أكل العيش'' في خطر.
صباح اليوم قامت محافظة القاهرة بمعاونة قوات الشرطة بنقل الباعة من منطقة الإسعاف وشارع طلعت حرب، اُزيحت بضاعتهم في المخازن بمنطقة وسط البلد.
''سلمى عبد العظيم''، سيدة ترتدي خمارا، تحمل بيدها ورقة كُتب عليها رقم القطعة، تدور عيناها بين أرجاء المكان انتظارا، لكنها ليست سعيدة ''أنا باجي من بني سويف كل أسبوع عشان أبيع في وسط البلد.. لما يجيبوبني هنا هبيع إزاي؟''، تشير بيدها لأطراف المنطقة الخاوية في محيط الجراج الضخم ''قالوا هنوديكوا أرض بابور التلج... لكن المكان دة يساع مين ولا مين''، جُبن قديم وبيض تبيعه السيدة الصعيدية كي تعود إلى ابنتها الشابة وأخيها الصغير كل أسبوع، تطبق بيدها على الورقة تحسبا ''انا مبيعتش انهاردة.. والله ما معايا حق الأكل.. مش راضيين يرسونا على بر ليه؟''.
منها التقط ''سيد محمد'' طرف الحديث، عُمره لا يتجاوز الـ24 عاما ''اتولدت في الإسعاف ببيع.. من الفيوم ومتجوز وعايز أعيش نضيف''، لم يُسعفه الحظ كسلمى في الحصول على وريقة بها رقم، إلا أن ذلك لا يشكل فرقا ''انا كدة كدة يومين وهرجع''، قالها بثقة لا تتناسب مع مظهر المغلوب على أمره ''أصل يا واكل قوتي يا ناوي على موتي.. احنا مش بتوع مشاكل بس لما يجيبونا مكان من غير تنظيم يبقى نرجع مكانا تاني''، في تلك الأثناء كان أحد الباعة يفترش الأرض لا يتكلم، حتى نهض من مكانه فجأة ملوحا لزملائه في أرجاء الجراج ''يلا بينا يا رجالة على مكان شغلنا في الإسعاف''، ثم رحل بمفرده.
بمنطق لا يأس مع الحياة تجمع الكثيرون حول موظف يعطي الأرقام، ينادي أحدهم على صديقه ليأتي ربما يأخذ واحدا، في حلقة أخرى من الازدحام تجمع الباعة الغاضبون حول ''أحمد حسين'' نقيب الباعة الجائلين، يستحثونه فعل شيء، وهو يردد جملة ''يا إخوانا المحافظ فشل في تنظيم نقل الباعة.. كلها خمس أو عشر أيام وهنرجع مكانا لحد ما بابور التلج تتعمل''، أما الأرض التي وُعدوا بها فقال ''حسين'' أنه سيتم تسليمها عقب أربع شهور من الآن ''المحافظة قالتلنا هيعملوا 3 أدوار فيها لينا''، ينتظرها البائعون ''لأنها على الشارع مش محدوفة زي الترجمان''، يضيع صوت النقيب في هرج ومرج المتراصين حوله، يقطعهم صوت يقول باستهزاء ''ضحكوا علينا... ضحكوا علينا''.
''محمد عبد الحفيظ'' بائع يُطلق على نفسه لقب ''قديم''، أتى مع الآخرين من ميدان طلعت حرب حيث يعمل ''بقالي اكتر من 25 سنة هناك''، أرض الترجمان يرى أنها لن تكفي، لكن الأشد وطأة هو ''الباعة الجداد اللي جم علينا.. إحنا من قبل الثورة ومأمور قسم الأزبكية عارفنا.. كانوا جابوهم بس وسابونا''، الباعة الموجودين في الإسعاف كذلك يقول بعضهم على الموجودين في طلعت حرب ''بياعين جداد''، يهم كل منهم بالدفاع عن رزقه إذا ما جاءت سيرة النقل، أما البضاعة ''سايبنها في المخازن الله أعلم كسروها بقى ولا عملوا إيه''، قال أحد الغاضبين بالمكان قبل أن يرد ''خالد'' الذي يقطن بالمنطقة وبائع بطلعت حرب ''أنا عارف إن المنطقة ميتة.. المول نفسه كان فيه المحمل واتسرق.. المكان مش أمان وهنضطر نروح بالبضاعة وسط البلد''.
لم يرفض المتواجدون حول ''خالد'' رأيه حتى قال شاب يرتدي قميصا أسود ''المربع دة لو كفاني بالفرشة مش هيكفي الزبون.. الناس هتقف تشتري فين؟''، ليصرخ ''خالد'' أن البائعين قنبلة موقوتة ''لو انا ربطت على بطني حجر ومكلتش.. ابني اللي عنده 3 سنين دة هعمل فيه ايه.. ننزل نشحت ولا نقتل ولا نبيع مخدرات عشان الحكومة تستريح؟''، أسئلة ظل الزملاء في المهنة يوجهونها دون مُجيب، يناجي أحدهم نفسه يقول ''والحكومة عايزانا ندفع 15 جنيه في اليوم إيجار.. يعني مفيش بيع وهيدفعونا''، لازال الحال على الأرض غير مستتب، ضباط الشرطة أظهروا تحفزا بين وقت وآخر حين كان الباعة يتجمعون وتطفو نبرة التظاهر على أحاديثهم الجانبية، الرُتب الكبيرة تجمع الساخطين حولها تُهدئ روعهم قليلا، بعض السيدات من الباعة جلسن مع أطفالهن على الرصيف ينتظرن انفضاض المولد، ليعلمن ما قد تحمله الساعات القادمة.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: