''عفاريت الأسفلت'' بعد انتهاء ''التجول'': ''اترفع الحظر.. لكن''
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
كتبت - دعاء الفولي وإشراق أحمد:
يتبادلون الأدوار التي ينتظرونها مع كل مرة قبل الانطلاق بطريقهم على الأسفلت، طالما لاحقهم الاتهامات بالاستغلال والبلطجة والتهور وغيرها في الأيام العادية، لتزداد النفوس خيفة بها مع الأحداث الطارئة التي عادت أدراجها منذ 3 أشهر بإعلان حالة الطوارئ وفرض حظر التجول، ومن جانبهم ظلوا ما بين الاعتراف بوجود ذلك بينهم، والتأكيد أن حالهم كزبائنهم مرتادي مقاعد سياراتهم.
هم ''عفاريت الأسفلت'' كما وصفوا، سرعتهم على طرق القاهرة هي مصدر رزقهم؛ فزيادة ''الطلعات'' تنعكس على الرزق، في ''الحظر'' كانوا ملجأ الكثير خاصة مع اقتراب ساعاته، وفي أيامه شاهدوا الكثير، وبانتهائه تنفسدوا الصعداء التي لم تخل من الحذر، إنهم سائقي ''الميكروباص''.
''أحمد''.. فرحة رفع الحظر بعد ''تعطيل الحال''
''أحمد''، أحد السائقين على خط السيدة ''زينب - جيزة''، قال إن الحظر كان ''تعطيل حال'' بالنسبة له، وأن الوضع بعد الحظر قد يكون أفضل، لكنه لا يعلم ذلك بعد.
تجربة مر بها ''أحمد'' في بداية الحظر، جعلته لا يخالف القواعد، بل ويقرر العودة لمنزله قبل ميعاد الحظر بفترة ''كان يوم الأحد، والحظر كان لسه الساعة 9، كنت مروح والساعة كانت تسعة وعشرة، وقلت أطلع على كوبري الجيزة عكسي عشان أروح، لإن الطرق كلها كماين وكل شوية يقولولي لف من مكان تاني''.
بدأ الأمر عندما وجد ''أحمد'' أحد ضباط الجيش على مطلع الكوبري يأمره بالرجوع من حيث جاء، وعندما امتثل للأوامر، أطلق الضابط الرصاص عليه، وقبل أن يفهم ''أحمد'' ما يحدث، كانت الرصاصات قد أتلفت الجزء الأمامي لسيارته بالفعل، ومنذ ذلك الوقت ''قررت مشتغلش وقت الحظر أبدًا''، حسب قوله.
''عيد''.. سائق تجرع نار ''الأجرة''
عمل ''عيد أبو كريم''، بخط سير شارع عباس العقاد، جعل انتهاء الحظر أمرًا جيدًا له؛ ففضلاً عن كمائن الجيش، واقترابه من منطقة مليئة بالأحداث، لكن ارتفاع سعر الأجرة على الزبائن كان أكثر ما يقلقه.
''كنت بتضايق لما بغلي الأجرة على الناس، والناس كانوا مضطرين يدفعوا، بس كان غصب عني عشان كنت بلف لفة كبيرة''.. قالها ''عيد''، مضيفًا أنه شخصيًا كان يعاني في العودة لمنزله بمنطقة المقاولين العرب، وأنه كان يذوق من نفس كأس ارتفاع الأجرة، كما كان يفعل مع الناس.
بشكل عام، سواء قبل الحظر أو بعده، يعتقد ''عيد'' أن السائقين يستغلون ظروف البلد السيئة للحصول على أموال أكثر من الزبائن دون مراعاة لأحوال الناس.
''أسامة''.. تجربة ''حظر''
''أسامة''، أحد سائقي موقف السيدة زينب، جلس داخل سيارته، منتظرًا دوره في تحميلها بالزبائن، ورغم أن الضغط أيام الجمعة بشكل عام يكون خفيف، بسبب الإجازات، إلا أن بوادر إنهاء الحظر بدأت تظهر في الشارع، على حد قوله، وإن كانت منطقة السيدة زينب، لم تختلف قبل الحظر وبعده؛ فالناس فيها يعرفون بعضهم، ولا يتعدى أحدهم على حقوق الآخرين كما أوضح ''أسامة''.
10 سنوات قضاها ''أسامة'' في عمله كسائق، على نفس الخط ''السيدة - جيزة''، وكغيره فقد تأثر سلبًا بالحظر، من جهة الخوف من السلطات بشكل أكبر من ذي قبل.
''كنت مرة مروح وقت حظر، ضابط جيش وقفني، وقاللي إيه اللي ممشيك في الشارع دلوقتي''.. قالها ''أسامة''، وكان رده أن توفير أموال له ولأسرته يحتاج لذلك، كما أنه يحاول توصيل الناس قدر المستطاع، وما كان رد الضابط إلا ''ملكش دعوة بالناس، مش مهم يروحوا، روح أنت''، تبعًا لقوله.
''حسن''.. مع الحظر ''الحياة أفضل''
''قفلة البلد كانت كويسة''.. قالها ''حسن''، بينما جلس داخل سيارته يتبادل الحديث عبر النافذة مع أحد السائقين ممتثلًا لمبدأ الدور في ''التحميل''، وآخرون ينادون ''جيزة.. جيزة''؛ فهو على عكس غيره من السائقين يرى أن فرض الحظر كان مصدر أمان للشارع أكثر لأن من الأفضل السيطرة على زمام الأمور بقبضة حديدية '' في الآخر إحنا نتمنى الحال الكويس للبلد''.
ووجد ''حسن'' أن المشكلة وقت الحظر تكمن في عدم الالتزام بالقانون ''أغلبية الناس بتنفذ اللي في دماغها وتنزل وقت الحظر''، بينما تأثير ذلك على رزقه اليومي فيرى أن ''ربنا هو اللي بيرزق سواء في الحظر أو غيره''، لكن ما يجعله يفضل ''الحظر'' هو خوفه من عودة البلطجية والخارجين على القانون مرة أخرى.
''محمد''.. الحظر ''مش فارق''
''محمد'' سائق آخر، يحمل من الهم ما تعبر عنه كلماته بين ابتسامة ترتسم على الشفاه بين الحين والآخر.
''من سلقط لملقط لقبّاض الأرواح''.. عبر بها الرجل الثلاثيني عن ضيق الحال الذي يعانيه ولا يفرق بين فرض حظر أو رفعه؛ فأيام كثيرة بالنسبة له حملت كل ما تعنيه كلمة ''الحظر'' من معنى، لا سلوى له فيها غير ''الحمد لله، وإحنا أحسن من غيرنا كتير''.
''ساعة قبل الحظر الزحام يزيد والرزق فيه كان تمام وساعة الظهر برضه عشان الأشغال والمدارس''.. تحدث ''محمد'' عن ما قبل رفع الحظر، مشيرًا إلى أن ذلك لا يعني تفضيله لأيام ''الحظر'' عن الآن لكنه الواقع.
لم يتغير توقيت عمل الرجل الثلاثيني بعد رفع الحظر؛ فمع ساعات الصباح يخرج لاستقبال الرزق ومع الليل يعود، كل الفارق بالنسبة له هي الكمائن التي كان يمر عليها ولا ينسى مواقفه معها؛ فيتذكر ذلك الرجل المريض من منطقة دار السلام الذي استعطفه مع اقتراب وقت ''الحظر'' يومًا ما لإيصاله إلى المستشفى، لعمل تغيير على جرح جراء عملية بأمعائه، فاستوقفه ضابط بإحدى الكمائن قائلًا له ''أقعد عند العربية'' ولم يأذن له بالعبور باستباق عملية التفتيش له عن طابور السيارات المنتظر بالكمين مراعاة لحالة المريض، فما كان للرجل الثلاثيني والراكب المريض سوى الانتظار حتى يأتي دورهم بالتفتيش، على حد قوله.
ثلاثة أشهر مرت على فرض ''الحظر'' وإعلان حالة الطوارئ، وهي المدة ذاتها التي اضطر فيها ''محمد'' لبيع سيارته '' الميكروباص'' الخاصة به، والاكتفاء بالعمل كسائق على أخرى لا يملكها ''الظروف ضاقت وبقيت مديون''، وهكذا الحال منذ سنوات لم يكن يرغب فيها سوى ''الستر''، وبعد مرورها وجد أنه ''مفيش حاجة اتغيرت''.
الرجل الثلاثيني على يقين أنه لا فارق بين فرض الحظر ورفعه من منطلق الدواعي الأمنية قائلًا ''البلطجية دلوقتي الدراع اليمين بتاع الداخلية مش هقتنع لا حظر تجول ولا قانون طوارئ وكل الكلام ده''، مضيفًا أن في فترة رئاسة ''محمد مرسي'' كان على أمل في تغيير ذلك وكف بطش وزارة الداخلية ''كنا متعشمين في محمد مرسي خير غن كل الحاجات دي شالها لكن دلوقتي الواحد متهدد''، على حد قوله.
فكل ما يخشاه ''محمد'' هو عودة تجاوزات الشرطة ''ممكن ضابط دلوقتي يوقفني يقولي فين بطاقتك ياله وأمك وأبوك ولا قاضي شغال ولا وكيل نيابة شغال ولا القسم هينصف حد''، فلا يكون هناك أمام ذلك سوى الصمت كما كان بالسابق قبل ثورة يناير 2011 ''يضطر الواحد يعمل إيه عشان عنده عيال يسكت زي زمان زي من 30 سنة''.
فمع أن رفع الحظر يعني استعادة الحالة الأمنية التي من أجلها فرض ذلك ''الحظر'' غير أن حياة الرجل الثلاثيني ورؤيته للأمور جعلته يجد أن ''لا أمان للأمان نفسه''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ... اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: