لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ما أرادت المجلة أن تقوله

سليمان جودة

ما أرادت المجلة أن تقوله

07:00 م الأحد 30 يونيو 2024

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أرسلت مجلة إيكونوميست الإنجليزية مراسلها الى الرصيف الأمريكي العائم على شواطئ قطاع غزة، فكانت تقريباً الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي أتيح لها أن تصل إلى هناك.. فالإسرائيليون يفرضون حظراً إعلامياً على القطاع، ولا يسمحون لمراسل أي وسيلة إعلامية بزيارة غزة منذ بدء حربهم الوحشية عليها.

ولا أحد يعرف كيف سمحوا لمراسل الإيكونوميست بالزيارة، اللهم إلا إذا كان السماح له سببه أن زيارته للرصيف العائم لا للقطاع، وقد كان ظنهم أنه لن يرى واقع الحال على جانبي الطريق إلى الرصيف الذي بناه الأمريكان في ربيع هذه السنة.

ومع ذلك فإن مراسل المجلة الشهيرة وصف ما رآه على طول الطريق إلى الرصيف خلال زيارته التي جرت يوم ٢٥ يونيو، ففضح الإسرائيليين من حيث لم يتوقعوا، ومما قاله على سبيل المثال أنه مرّ في سبيله الى الرصيف العائم وسط الدمار الذي لا حد له، وأيضاً وسط "الأرض اليباب" على حد تعبير صحيفة "القدس العربي" وهي تنشر تقريراً عن تفاصيل الزيارة .

ولا معنى لتعبير "الأرض اليباب" إلا "الأرض الخراب" وهو تعبير كان عنواناً لقصيدة شهيرة للشاعر البريطاني تي إس إليوت. وقد اختارت المجلة أن تجعل عنوان تقرير مراسلها كالتالي: رصيف بايدن العائم يغرق مثل دبلوماسيته في مياه غزة.

وتريد المجلة أن تضرب عصفورين بحجر واحد من خلال عنوان التقرير، فهي تريد الإشارة الى ما وقع للرصيف بعد الانتهاء منه، وتريد في الوقت نفسه أن تشير الى مدى عجز دبلوماسية الإدارة الأمريكية عن فعل شيء لوقف هذه الحرب الوحشية.

ونحن نعرف أن إدارة بايدن كانت في شهر مارس قد قررت انشاء رصيف عائم على شواطئ غزة لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين من أبناء القطاع، وقد انتهت من انشائه مع نهاية الشهر وتكلف ٢٣٠ مليون دولار.

ولكنها ما كادت تنتهي منه، وما كادت بعض المساعدات تمر من خلاله، حتى كانت الأمواج العاتية في البحر المتوسط قد دمرته فخرج عن الخدمة لفترة، إلى أن أعاد الجيش الأمريكي بناءه من جديد فعاد إلى الخدمة مرةً ثانية.

ولم تكن الأمواج العاتية هي المشكلة الوحيدة التي واجهت الرصيف، ولكن كانت هناك مشكلة أكبر عندما وقع الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات في وسط غزة.. فلقد تبين بعدها أن الرصيف الذي قيل عنه دائماً أنه للمساعدات وفقط، قد جرى استخدامه في دعم وتعزيز الهجوم الذي راح ضحيته ما يقرب من ألف فلسطيني بين قتيل وجريح.

وكان تسريب أنباء عن مثل هذا الاستخدام قد أدى الى حرج كبير للأمريكيين، وأشار من جديد إلى مدى انحيازهم السافر لإسرائيل ولحربها الوحشية على الأطفال والنساء والمدنيين في أنحاء القطاع منذ بدء الحرب.

كان العنوان الذي اختارته المجلة للتقرير الذي كتبه مراسلها موفقاً للغاية، لأنه ربط في جملة واحدة بين عجز إدارة بايدن عن فعل شيء أمام العربدة الإسرائيلية، وبين هشاشة الرصيف الذي لم يتحمل ضربة من ضربات الموج في البحر .

وقد كان في مقدور الإدارة الأمريكية أن تفعل شيئاً يوقف الحرب لو أرادت، ولكنها راحت تقدم مصلحتها في مجيء بايدن للبيت الأبيض مرةً أخرى على كل مبدأ من المبادئ الإنسانية، وتركت الغزاويين يواجهون الموت بصدورهم، وهذا هو ما أرادت الإيكونوميست أن تقوله، وهي ترسل مندوبها إلى الأرض اليباب لعله يصف للعالم ما وجده فيها .

إعلان