إعلان

قرار خارج السياق

سليمان جودة

قرار خارج السياق

سليمان جودة
07:00 م الأحد 09 فبراير 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

استيقظت المنطقة في اليوم الخامس من هذا الشهر على قرار هو الأغرب من نوعه من جانب مرشد الثورة الإيرانية علي خامئني.. القرار نقلته قنوات تليفزيونية إيرانية أو موالية لها، ويقضي بتعيين نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله، ممثلاً للمرشد في لبنان.

كان نعيم قاسم تولى الأمانة العامة للحزب في أكتوبر من السنة الماضية، بعد أن جرى اغتيال حسن نصر الله، أمين عام الحزب الأسبق، على يد إسرائيل في سبتمبر، وأقول عن نصر الله إنه الأمين العام الأسبق لا السابق، لأن الحزب كان بعد اغتياله قد سمى هاشم صفي الدين أميناً عاماً، ولكن حكومة التطرف في تل أبيب سرعان ما تخلصت منه هو الآخر.

تخلصت منه بعد تسميته بأيام قليلة، فجاء قاسم من بعده، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يعرف فيها الحزب أمناء عامين ثلاثة في فترة لا تتجاوز الشهرين!

وربما لهذا السبب بقي قاسم بعد اختياره بعيداً عن الإعلام وعن الأنظار، بل وصل الأمر إلى حد قيل معه إن الرجل لا يقيم في جنوب لبنان حيث الحزب ومقراته، وإنما يقيم في إيران حيث تتوفر له حماية لن تكون متاحة في الضاحية الجنوبية اللبنانية.

وهو يحاول منذ اختياره أن يقول إن الحزب ماض على نهج نصر الله، ولا يترك مناسبة يظهر فيها على الناس من خلال الإعلام إلا ويتحدث بهذه اللهجة، مع إن الدنيا الآن بالنسبة للحزب تحديداً غير الدنيا، ومع إنه تعرض للضربات التي جعلته في لحظته هذه مختلفاً كل الاختلاف عنه زمان، من حيث أدواته الممكنة في يده، ومن حيث مساحة الحركة المفتوحة أمامه.

ويكفي هنا أن يقال إن الحزب لو كان بإمكانياته القديمة ما كان نظام بشار الأسد في دمشق قد سقط بهذا السرعة، ولا بهذه السهولة التي لا تزال محل دهشة من جانب كل الذين تابعوا تفاصيل سقوط نظام الأسد في ٨ ديسمبر.

فليس سراً أن وقوف حزب الله إلى جوار نظام الأسد كان في مقدمة الأسباب التي جعلته كنظام يصمد أمام رياح عاتية كانت تهاجمه من كل اتجاه، فلما جرى ضرب الحزب في رأسه متمثلاً في حسن نصر الله، وفي الكثير من قياداته، كان من الصعب على حكومة بشار الأسد أن تقف في مواجهة الجماعات التي هاجمتها من الشمال ومن غير الشمال.

وحين سقطت حكومة بشار، فإن سقوطها كان أكبر ضربة يتلقاها النفوذ الإيراني في سوريا وفي المنطقة معاً، ولا شيء يدل على ذلك إلا ما قاله أحمد الشرع، الرئيس الانتقالي السوري، يوم دخل دمشق للمرة الأولى.. يومها وقف في الجامع الأموي يقول إن من بين خطايا نظام الأسد أنه ترك البلاد أرضاً مستباحة للنفوذ الإيراني!

كانت هذه إشارة كافية في وقتها، ثم الآن، إلى أن الأيام التي عاشت فيها حكومة المرشد صاحبة نفوذ في عاصمة الأمويين قد ولّت، وأن ذلك قد قيل على أوضح ما يكون على لسان الشرع، الذي كان يوصف في ذلك الوقت بأنه رئيس الإدارة الجديدة في سوريا، والذي يوصف هذه الأيام بأنه الرئيس الانتقالي للبلاد.

وما تعرض له نفوذ حكومة المرشد في سوريا، تعرض له بالضرورة في لبنان، لأن لبنان هي ملعب حزب الله، أو كانت كذلك قبل أن يتلقى ما تلقاه من ضربات، ولذلك، فقرار تعيين نعيم قاسم ممثلاً للمرشد، يبدو وكأنه قرار خارج السياق، أو كأنه ضد اتجاه الريح، لأن ممثل المرشد في لبنان هو السفير في السفارة الإيرانية، لا الأمين العام لحزب الله، الذي لا يزال قرار تعيينه ممثلاً للمرشد غير مفهوم وغير مستساغ.

إعلان

إعلان

إعلان