إعلان

الجامعات وضرورتها

د. غادة موسى

الجامعات وضرورتها

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

07:00 م السبت 26 فبراير 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

الجامعات جزء من المجتمع، ولكن عادة ما يُنظر لها من قبل أكاديميين أو إداريين أو سياسيين أو أفراد المجتمع باعتبارها منشأة موجودة حتى تكتمل العملية التعليمية، وفقط.

وقد استمرت هذه النظرة القاصرة لفترة طويلة إلى أن أدرك القائمون على التعليم الجامعي حقيقة ضرورة ربط الجامعات باحتياجات وخدمة المجتمع. ويمكن في هذا الصدد تشبيه الجامعة بالمصنع المنتج. فالجامعات يجب أن تنتج خريجاً يفيد ويخدم المجتمع. وهذا ليس معناه التخلي عن بعض الحقول المعرفية لصالح حقول معرفية أخرى عملية وتطبيقية. خاصة أننا لا نريد أن نصلح توجهاً بالتضحية بتوجه أو فلسفة أخرى. فالهدف هو قيام الجامعة بإعداد كل الخريجين- أياً كانت تخصصاتهم وعلومهم- من أجل تحسين وتطوير وتحديث المجتمع قيمياً وفكرياً وعملياً.

وحتى يكون طالب الجامعة مفيداً لنفسه ولمن حوله لابد وأن تؤهله وتعلمه الجامعة كيفية التفاعل البناء مع المجتمع. بعبارة أخرى، لابد وأن تكون لدى الجامعة أو الجامعات فلسفة لتأهيل وإعداد الخريج.

وبالعودة إلى بدايات القرن العشرين وحتى الثمانينيات، سنلحظ اختلافاً بين طالب الجامعة آنذاك وطالب الجامعة في الوقت الراهن من حيث التفاعل مع أحداث المجتمع والعالم من حوله، بل والإسهام في تشكيل تلك الأحداث فكرياً وعملياً. وفي هذا الإطار قد يقول البعض إن مصر والعالم آنذاك كانا يموجان بالأحداث السياسية والاقتصادية والفكرية. وأجيبهم بأن مصر والعالم ما زالا يمران بتحولات في كافة المجالات وإن تغيرت طبيعة ومدى تلك التحولات عن الماضي.

فدور الجامعة هو تعليم الطالب كيف يفكر وكيف يُكوِّن رأياً ويبني حُجةً ليس فقط في العلوم التي يتلقاها ولكن في الحياة وفلسفتها. وكيف يوجه أبحاثه لخدمة المجتمع والوفاء باحتىاجاته. وقد كانت كليات الطب- ومازالت- في مقدمة ربط العلم بخدمة المجتمع والوفاء باحتياجات أفراده الصحية من خلال المستشفيات والعيادات الجامعية التي تؤهل الطالب لأن يطبق ما تعلمه في المجتمع. ولهذا التفتت الجامعات والكليات الأخرى إلى أهمية إنشاء أقسام وإدارات هدفها التفاعل مع المجتمع المحيط بها وخدمته. بل أصبح وجود وعمل تلك الإدارات أحد شروط التميز والجودة في الجامعات. ولكن مازالت تلك الإدارات في حاجة إلى التفعيل والتنشيط حتى تحقق الهدف المرجو منها، كما تحتاج إلى موارد مادية وبشرية.

كل ما سبق يُحتِّم ضرورة ربط أقسام وإدارات خدمة المجتمع بأقسام البحوث العلمية. فلا أتصور وجود بحث علمي لا يناقش أو يبحث في مشكلة مجتمعية بهدف تحليلها وفهمها بشكل أفضل ووضع حلول لها. فمن أهم أدوار الجامعات تطوير المهارات البحثية للطالب الجامعي. وتشمل تلك المهارات كيفية التواصل مع المجتمع وكيفية استخدام التقنيات الحديثة في التجريب والعمليات البحثية. كما أن تطوير المهارات البحثية يتطلب أن ترتكز فلسفة الجامعات على إعداد الخريج ليتفاعل مع أكثر من حقل علمي. بعبارة أخرى أن يكون لدى الطالب الجامعي نظرة موسوعية للظواهر الاجتماعية من حوله، كظاهرة التحول المناخي أو ظاهرة التطرف أو ظاهرة الفقر، وغيرها من الظواهر والمشكلات والاحتىاجات المجتمعية. الأمر الذي يستدعي مستقبلاً التفكير في كيفية استفادة الأقسام العلمية من علوم بعضها البعض.

وعليه، من الأهمية بمكان أن تتحول فلسفة الجامعات من إعداد الطالب لسوق العمل إلى إعداد الطالب لخدمة المجتمع والتفاعل معه وخلق العمل الخاص به.

إعلان