إعلان

   الدين.. الإعلام.. الطب.. السياسة... أوقفوا هذه الفوضى!

أسامة شرشر

الدين.. الإعلام.. الطب.. السياسة... أوقفوا هذه الفوضى!

أسامة شرشر
07:04 م السبت 26 فبراير 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

1) ليس معنى حرية الصحافة والنقد المباح واحترام الرأي الآخر، أن نقف متفرجين أمام التجاوز والتعدي على كل الثوابت الدينية؛ فالأديان لها حساسيتها المعروفة وقدسيتها التي لا خلاف عليها، وخاصة في مسألة تخص النبي، صلى الله عيه وسلم، وهي رحلة الإسراء والمعراج التي أُسري فيها بالرسول من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصي، وعُرج به خلالها إلى السماء، وهي أمور بسيطة في جلال قدرة الله الذي لا يعجزه شيء، خاصة أن رسول الله له في قلوب جميع المسلمين مكانة خاصة، والمجتمع لا يستفيد شيئًا من قضايا جدلية، ففيه من القضايا المعيشية والسياسية ما يكفي وزيادة.

صحيح أن بعض الفقهاء اختلفوا حول كيفية حدوث رحلة المعراج، وهل كانت بالروح فقط، أم بالروح والجسد، إلا أن هذا كان اختلافًا في كيفية حدوث المعجزة، وليس في أمر حدوثها من عدمه، على عكس ما ادعى الزميل إبراهيم عيسي بالنفي المطلق لحدوث المعراج.. فمثل هذه الأقوال على أمور لها من الدلالات القرآنية والدلائل في السنة النبوية، قفزة غير مشروعة لا يجب التعرض لمثلها، فهي واقعة ثابتة بالقرآن الكريم في سورة النجم وصحيح الحديث الشريف، ولم يقل بنفيها أي عالم محترم من علماء ديننا القدامى أو المحدثين.. وحتى الإمام المراغي، رحمه الله، عندما قال إن المعراج ربما حدث بالروح فقط، لم ينف حدوث الواقعة نفسها بل خالف السابقين في طريقة الحدوث.

إن مثل هذه المعجزات التي حدثت لمعظم رسل الله وأنبيائه، عليهم جميعًا الصلاة والسلام، لم تكن بفعل النبي نفسه، ولكنها قدرة الله، عز وجل، ولا يجب إخضاعها لقواعد وقوانين العقل البشري، بل هي إعجاز إلهي.. أما أن يسبح البعض ضد التيار ويدخل نفسه فيما لا يحسن فهذا أمر معيب.

والمشكلة الخطيرة أن القضية هنا متعلقة بمعجزة المعراج التي فُرضت فيها الصلاة، وعدم حدوثها يؤدي لاستنتاج عدم فرضية الصلاة نفسها، وهنا ندخل في متاهة خطيرة يجب ألا تكون مجالًا لنقاش عامة الناس، ويجب ألا يصل الشطط والنقد إلى إنكار أمور معلومة في الدين.

والمكابرة في هذه المسائل تقودنا إلى السير في الطريق المجهول، والاعتذار العلني فيها ليس عيبًا ولا يقلل من الزميل إبراهيم عيسي بل يعيد الأمور إلى نصابها والأشياء إلى صوابها.

أوقفوا فوضى الإفتاء في الدين!

2) أصبح الهواء الإعلامي يتم شراؤه، وهو ما فتح مساحة إعلامية لأشخاص غير مؤهلين، في هذا التوقيت المهم؛ ما يؤثر تأثيرًا خطيرًا على المشهد والخطاب الإعلامي، وبالتبعية الخطاب الديني.

كل هذه الخزعبلات التي تنهش في جسد الإعلام المصري من بعض الذين لهم مرجعيات إعلامية أو مهنية أو قواعد حاكمة خاصة كل شيء فيها للبيع- جعلت الإعلام مباحًا ومستباحًا، في ظل عدم اتخاذ أي إجراءات قانونية فاعلة من الجهات المختصة؛ مما جعل المشهد الإعلامي أكثر عبثية.

فأخطر لعبة في المجتمعات أن تردد الآلات الإعلامية الأكاذيب والشائعات سواء في المحتوى السياسي أو الاقتصادي أو الديني، وتلعب على دغدغة مشاعر المواطنين؛ مما جعلنا مادة للسخرية في الإعلام الغربي، والإعلام الإخواني والكتائب الإلكترونية الإرهابية التي تلتقط هذه السقطات وتروّجها على أن مصر بلد الأزهر الشريف ليس لديها ضوابط للمحتوى في الإعلام، وأن قاهرة المعز يحدث بها مهازل إعلامية.

المشهد يحتاج إلى وقفة حقيقية وتفعيل قوانين الهيئات الإعلامية حتى نحافظ على هيبة المواطن المصري والدولة المصرية أمام هذه السقطات الإعلامية التي أصبحت حديث المواطن المصري والعربي.

فارحموا الشعب المصري والعربي من هذه الإرهاصات الإعلامية، وأعيدوا الثقة للشعب في الإعلام المصري الذي كان ولا يزال يشكل وجدان الشعب المصري والعربي من المحيط إلى الخليج- يرحمكم الله.

أوقفوا فوضى الإعلام!.

3) تجاوزت الفوضى الطبية كل الحدود، ولم تعد مقصورة فقط على أحمد أبو النصر، طبيب الكركمين، والذي فضحت التحقيقات أنه مجرد دجال يتلاعب بالمرضى والبسطاء.

وللأسف الشديد سقط في كمينه أسماء مشهورة وفنانون محبوبون، ولكن عندما يغيب العقل والمنطق يصبح كل شيء مباحًا ومستباحًا، حتى وجدنا هذا الطبيب يدَّعي علاج الأمراض البشرية وغير البشرية من خلال ما يُسمى «الكركم»، وهذا ضرب من الجنون البشري.

ويبدو أنه كان يريد إغلاق كليات الطب وأن يكون التعليم الطبي كركميًّا؛ لأننا أصبحنا في زمن العجائب وزمن اللا معقول.

وتحدثني نفسي أنها علامة من علامات الساعة، حيث يدعي الجاهلون العلم ويختفي العلماء والباحثون في كل المجالات.

إن مصر ذات تاريخ عريق في الطب، وقادت العالم العربي بأطبائها النابهين والنابغين في كل العواصم العربية، ولا يجب أن يصبح الدجل والشعوذة لهما صوت في زمن السوشيال ميديا الذي ضرب بكل الثوابت الدينية والطبية والإعلامية عرض الحائط.

أوقفوا هذه الفوضى الطبية يرحمكم الله.

4) لقد دخلنا في فوضى جديدة، هي فوضى النصب الإلكتروني عبر الإنترنت، والذي أظهرت بعضه القضية التي تكشفت مطلع هذا الأسبوع تحت مسمى تطبيق (الرمال البيضاء) من خلال استغلال حاجة بعض المواطنين وفراغ بعض الشباب في النصب عليهم في عشرات الملايين من الجنيهات، واستغلوا فوضى الإنترنت في نشر سمومهم.

وهناك من يظن أن هناك فوضى مطلقة، ولكن هذا ليس حقيقيًّا؛ فلقد رأينا اقتحام وكرهم من خلال التنسيق بين التخصصات المختلفة في وزارة الداخلية ورجالها الذين نجحوا في فك شفرات ولغز هذا التطبيق.

والمثير للدهشة هو اكتشاف ملايين الجنيهات في وكرهم، وهو ما يؤكد وقوع آلاف الضحايا لهذا النوع من عمليات النصب في ظل حالة الفوضى الإلكترونية وفوضى الإنترنت التي انتقلت إلى عالم البشر.

أوقفوا فوضى النصب الإلكتروني.

5) الفوضى طالت تصريحات إدارة الرئيس الأمريكي بايدن، ففي سابقة تُعد الأولى من نوعها أن تناقش الحكومة الأمريكية مغادرة الرئيس الأوكراني العاصمة كييف في حالة حدوث غزو روسي.. وهذه فوضى ليس بعدها فوضى.

ويبدو أن الرئيس الروسي بوتين استطاع أن يحرج بدهائه وذكائه، أمريكا وأوروبا من خلال استخدام ورقة البارود والتعاون مع بيلاروسيا والصين، وجعل العالم الغربي في حالة اجتماع دائم.

استطاع بوتين أن يدعم ويعترف بالأقاليم الانفصالية عن أوكرانيا.. ورغم كل هذا لن تحدث أي مواجهة عسكرية مباشرة، فحلف الناتو أعلنها أن أوكرانيا لن تنضم للحلف.

الفوضى الداخلية في دول العالم هي جزء لا يتجزأ من الفوضى العالمية، وقرار بوتين أنه سيعترف باستقرار الإقليمين الانفصاليين عن أوكرانيا، هو ضربة قاضية لأمريكا والاتحاد الأوروبي الذي أصبح يتسابق على الرضا الروسي لعدم وقوع مواجهة عسكرية قد تدفع أوروبا ثمنها فادحًا، وهم لا يريدون أن تتكرر مأساة الحرب العالمية الثانية من خلال عودة الإمبراطورية الروسية على يد بوتين، بكل الأوراق المشروعة وغير المشروعة، بعيدًا عن لغة العقوبات الأمريكية والأوروبية، واسألوا إيران عن ذلك.

فهذا الفشل يعطي إشارة ودلالة قوية أننا أصبحنا نعيش في عالم المتغيرات والتناقضات والفوضى.

6) من ضمن فوضى السياسة العالمية ما يقوم به آبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي، بتشغيل سد النهضة لتوليد الكهرباء بشكل أحادي دون الرجوع لدولتي المصب مصر والسودان.

والأغرب أن يقوم بدعوة مصر والسودان للاستفادة من تشغيل سد النهضة؛ فهل هذا استفزاز للدولتين؟

هل يرغب بنشر الفوضى في إفريقيا وإشعال حرب جديدة على طريقة الأقاليم المتمردة مثل تيجراي والأمهرة؟ أم أنه وصل إلى حالة الشطط العقلي ليتوهم أنه أصبح زعيم الفوضى في إفريقيا ويفعل ما يريد؟ ولكن أعتقد أن الحساب سيكون قريبًا؛ لأن الدولة المصرية ترصد وتصبر، وسيكون الرد ليس من خلال فوضى آبي أحمد، ولكن من خلال الشرعية وتطبيق القانون الدولي على آبي أحمد وأي آبي أحمد آخر.

فما يحدث في إثيوبيا من تشغيل سد النهضة هو (أم الفوضى) التي ما بعدها فوضى.. وأخشى ما أخشاه أن تقوم الأمم المتحدة وجائزة نوبل بمنح آبي أحمد جائزة (نوبل للفوضى).

أوقفوا الفوضى يرحمكم الله.

إعلان