لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عن حادثة المركب .. كيف يعالج الإعلام الخطأ بما هو أفدح؟

د.هشام عطية عبد المقصود

عن حادثة المركب .. كيف يعالج الإعلام الخطأ بما هو أفدح؟

د. هشام عطية عبد المقصود
07:00 م الجمعة 07 يناير 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

للحياة الشخصية خصوصيتها التى يحفظها القانون ويؤكد عليها، إلا ما رأى صاحبها أن يجعل بعضها علنيا وعلى مرأى ومسمع من جمهرة عامة، ثم يتأكد ذلك حين لا يعترض وهو يشاهدهم يلوحون بهواتفهم المحمولة تصويرا وينقلون ما يجرى لحظة بلحظة، فكيف له أن يتصور أن ما سمح به أن يكون متاحا وعاما سيمضى خاصا وشخصيا!، نعم قد يكون ذلك سوء إدراك ومحدودية وعى لكن هذه هى النتائج على أية حال، ربما يجيب هذا على بعض من نقاش وجدل يخص هل كان يحق نقل واقعة ما جرى من وصلة رقص والمشاركة فيه من على سطح مركب لرحلة تحمل مشاركين من جهة تعليمية ما، لكن كل ما سبق يظل نصف الإجابة، والنصف الآخر المكمل والضرورى أنه بينما سيكون من حق وسائل الإعلام ومنصاتها الإليكترونية أن تغطى الحدث فإنه لن يكون من حقها مهنيا وأخلاقيا بل وإنسانيا أن تفعل ما تمادى فيه البعض من تحول فى اتجاه الفضح ونزع الستر من أجل الترافيك الضار – وبعض الترافيك حق فقط حين يتضمن سبقا وإبداعا- ليكون مقصدا وحيدا مع تجاهل مخاطر الواقعة التربوية وما تحمله من دلالات عن مدى وعى ومدركات الحضور والمشاركين بالرقص وكل مسئولى هذا الحفل أو الرحلة، فضلا عن معايير اختيار من هم مرشحون للعمل تدريسا وإشرافا وإدارة ومن يقوم بذلك وما المعايير والذى كان سببا لكل ما حدث، أن يتغافل البعض عن أسئلة الضرورة والمهنة ليفسح وقتا ومساحات لبث وصلة الرقص الكاملة المتصلة حينئذ تكون تلك هى الخطيئة المهنية للبعض وما أفدحها؟

حقا، سيكون تعاليا أن تسير وسائل الإعلام فى تغطيتها متجاهلة ما يفرزه الواقع من أحداث هى بطبيعتها موضع متابعة واهتمام جماهيرى مهما بدت من وجهة نظر البعض عابرة أو صغيرة، وخاصة إذا كانت منصات التواصل قد حملتها ذيوعا وانتشارا فصارت مما يعرف بالتريند، ورغم أن هذا التريند نفسه هو كل يوم فى تحول ولا ديمومة، ولكن سيكون أيضا من قبيل اللامهنية أن يتورط البعض فى النقل والمعالجة استسهالا ونسخا بنفس طريقة ما يقوم به آحاد الافراد على منصات التواصل، خاصة إذا كان ذلك قد يمس ويدخل فى مجال التشهير والفضح ورفع الستر، فلوسائل الإعلام المؤسسية قواعدها وأسس احترافيتها المهنية التى تجعلها تسلك طرقا متعارف عليها لتغطية أحداث كتلك، ويحضر هنا ملحا سؤال التدريب والتطوير فى بعض مفردات الصناعة الإعلامية.

بعض أو كل من ذلك حدث فى واقعة المركب فى الرحلة الشهيرة والتى قام عدد من المواقع الإليكترونية والمنصات المحسوبة على وسائل إعلام مؤسسية ببث كامل وعبر دقائق مطولة لها تركيزا وتخصيصا على فقرة الرقص دون اقتطاع ودون اكتفاء بل وحتى نهاية مداها.

ما حدث كان غريبا وملفتا، اندفاع محموم للبعض نحو نقل الفيديو كاملا دون حتى محاولة تغطية وجه السيدة صاحبة الواقعة كما هو متعارف عليه كأن ذلك وعيا غائبا أو إدراكا مهنيا منقوصا، هكذا غاب حق الحفاظ على قيمة الستر الإنسانية وحماية البشر خاصة وقد تابعنا ما حدث من نتائج سابقة ترتبت على خشية الاتهام ونظرة المجتمع أدت لحالات انتحار هربا من فضيحة موعودة، كان جديرا وقف هذا النمو البشع للتداول الذى شارك فيه جمهور كبير للأسف، غابت أسئلة المستقبل عن بعض هذه التغطية والتى كانت كفيلة بأن تمنح المجتمع حق الاطمئنان الكامل على عدم تكرار تلك الحوادث وتضع كل عند حدود مسئولياته وواجباته.

ربما يكون الحادث فرديا لكنه يظل حاملا لمفارقات كثيرة أبرزها تلك المعايير المهنية الواجب أن تسرى تدريبا وممارسة فى منظومة الآداء الإعلامى، لتجعل من مشهدنا الإعلامى ليس تابعا ومقلدا وناسخا لبعض سوءات آحاد الأفراد على منصات التواصل بل تصحيحا وتقويما ومعالجة موضوعية ترسخ فى الأذهان مايجدر ويصح وتمنح الثقة للجمهور فى جدارة الخدمة الإعلامية، تنقل الحدث دون تجاهل ولكن لا تكون شريكة فى تأجيجه وصناعة شططه فيغيب الهدف والقيمة من وراء النشر.

إعلان

إعلان

إعلان