- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
"قصتان"
بائع الترمس ..
عجوز نحيف يسير بطيئًا يرتدي جلبابًا يميل إلى الزرقة، لا يبدله أبدًا أو هكذا رأيته مرارًا، هو بائع الترمس، يسير كل عصر مناديًا بينما نطل أنا وإخوتي على فضاء الشارع والناس من بلكونة المنزل، وكل منا في انتظار نداء من زملائه، يتكرر ذلك كل يوم وبعد العصر في أيام الإجازة الصيفية، في انتظار أن يبادر أحدهم بالنزول إلى الشارع، فيكون ذلك إشارة لأنه قد بدأ الموعد فيتقاطر الآخرون فرادى، حتى يحتشد الجمع، وتبدأ تقسيمات المباراة التي نحمل لها من نهاية الشارع حجارة عارضة المرميين، يتقاسم حمل كل حجر كبير منها ولدان في تقسيم عادل للجهد والبهجة.
في الفترة تلك التي تسبق نزولنا إلى اللعب نسمع الصوت الذي نألفه، يأتي حاملًا أعلى رأسه صينية بلاستيكية أوسع قليلا من محيط رأسه وحولها تتراص "قراطيس" ورقية صغيرة معدة مسبقًا ومتداخلة، مصنوعة من ورق كراريس المدارس التي تم تسويد صفحاتها بإجابات الطلاب.
يسير الرجل في الشارع الواسع الذي تتفرع منه شوارع صغيرة أضيق يفضي بعضها إلى الأخرى رافعًا رأسه، يرنو نحو البلكونات التي يقف فيها الأطفال ملبيًا نداء يصله من هذه البلكونة أو تلك، وحيث يتزامن مع النداء أن يسارع ولد أو فتاة بإنزال "سبت" يتدلى بحبل متهاديًا يعبر طوابق المنزل رأسيًا حتى يصل إليه، يمد يده؛ ليأخذ العملة المعدنية أو ربما الورقية الصغيرة وحينها ينظر لأعلى متسائلا: "بكام"؟، فورقة الخمس والعشرين قرشًا يمكن أن تجلب ثلاثة قراطيس، وربما من وضعها لا يريد الشراء بها كاملة.
كل عصر لا يخلفه كان الرجل يسير مناديًا، يرنو نحو البلكونات، أقف إلى جوار أمي أو أناديها من الداخل لتشتري لنا حينما يمر، تمنحني عملة ورقية وتجعلني أطلب قرطاسًا واحدًا مشيرة له في هدوء بأن يحتفظ بما تبقى، يرفع يديه قليلا محييًا، كل يوم أرى أمي تفعل ذلك.
شرفة المطار ..
يكون دومًا يومًا مشهودًا حين أعرف من أمي أنها ستصطحبني معها غدًا إلى عملها، أحب ذلك كثيرا، وأستعد لذلك منتظرًا، فالبهجة تتناثر في كل خطوة، والأشياء الجميلة تتدافع نحوي كأنها تنتظر من أمي إشارة بدء، يبدأ اليوم في انتظار صوت خطوها نحوي لتوقظني، لا أكون مستيقظًا ولا نائمًا تمامًا، منتبها لأي خطوة حتى أنني بمجرد دخولها الحجرة أستيقظ وأجلس متأهبًا لذلك النداء العظيم: "ياللا علشان منتأخرش".
سريعًا أكون قد أنجزت كل شيء، وأجلس مرتديًا ملابسي وأتناول الإفطار متلهفًا وأيضًا متصنعًا الأكل حتى لا تغضب منى، أنظر إلى الساعة الكبيرة المعلقة فوق صورة قديمة لشجر وطيور، السابعة إلا الثلث صباحًا، أنتظر وبمجرد أن تشير أمي لي أنزل معها سلالم المنزل، ثم مع أول خطوة في الشارع تمسك بيدي في يديها، أتنفس أنسام الصباح وأحسها قوية، تدخل روحي، نحن في الإجازة الصيفية ويخلو الشارع سوى من الموظفين الذاهبين إلى أعمالهم في هذا الصباح المبكر، نسير في الشارع الجانبي الصغير الملاصق للمنزل والذي تفضي نهايته إلى شارع أكبر ينفتح على طريق ذي اتجاهين تمر فيه السيارات، أقف معها في انتظار قدوم عربة موظفي شركة "مصر للطيران"، تأتي العربة فنصعد وتقول أمي للسائق: صباح الخير، وبصوت مرتفع قليلا يسمعه من يجلسون في الكراسي الأولى، ترتد صباح النور طيبة دافئة، أجلس إلى جوار أمي حيث يحييني كل من يقترب منا، سيدات وفتيات كثيرات وعدد رجال أقل تحتشد بهم العربة وهي في طريقها إلى المطار.
أحتضن الطريق شبه الخالية بعيوني، ومن تهادي الحركة البطيئة للعربة يبدو الطريق طويلا، أستعذب تمامًا هذا البعد بينما أتابع حركة الناس على الأرصفة، حين نصل إلى فضاء خارجي متسع حيث تقف العربة وتتجاور مع العربات الأخرى التي حملت الموظفين من مختلف أنحاء القاهرة، تبدأ أفواجهم في الدخول بانتظام إلى حيث أعمالهم.
تعرف أمي ما أحب، تأخذني إلى حيث شرفة السفر، شرفة واسعة تطل مباشرة وعبر سور قصير على أرضية المطار، أراه من أعلى وحيث يُلوح الأقارب للمسافرين وهم يبدأون مشوارهم القصير مشيًا في اتجاه الطائرة الواقفة على أرضية المطار ونراها من تلك الشرفة المطلة، تجلب لي عصيرًا وقطعة كيك، وأجلس أتابع الطائرات والبشر، تحضر وتأخذني معها بعد قليل إلى حيث كشك الصحف في الصالة الخارجية الأرضية، تشتري لي مجلات الأطفال والألغاز وتصعد بي مرة أخرى إلى حيث أحب، متابعة الطائرات المسافرة، والناس وهي تستدير لتلوح بينما يمضون نحو سلم الطائرة غائبين.
وحين نعود ونسير من محطة توقف عربة الشركة نحو المنزل، تذكرني أمي بأننا سنذهب في المرة القادمة ومعنا زميلي ابن جارتنا، تلك التي توفيت منذ شهر، وتقطن في المنزل المجاور لنا، لم يكن من أصدقائي القريبين تمامًا، أنظر نحوها لعلِّي أفهم أكثر، لا تضيف، لكنني مرحبا أومئ فرحًا.
إعلان