إعلان

المشروع القومي لـ"روح أكتوبر"

أسامة شرشر

المشروع القومي لـ"روح أكتوبر"

أسامة شرشر
07:01 م السبت 09 أكتوبر 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

لا شك أن نصر أكتوبر هو أحد أعظم الانتصارات في تاريخ مصر الحديث، يوم خالد لمصر والعرب، ذلك النصر الذي نفض عن مصر شعبًا وجيشًا غبار النكسة، وكشف الجوهر الأصيل لشعب مصر وجيشها الأبيّ خير أجناد الأرض الذي رفض الخضوع لواقع فرضه المحتل، ووضع الخطط موضع التنفيذ حتى استعاد سيناء إلى حضن الوطن.

وبالرغم من أن الحديث عن ذكرى نصر أكتوبر يحمل الكثير والكثير من حكايات البطولات العسكرية بل المدنية، سواء في التخطيط العسكري أو التجهيز اللوجستي أو التكتيك السياسي وحتى الصبر والثقة الشعبية في الدولة قيادة وجيشًا، وصولًا إلى تنفيذ كل هذه المخططات على أرض الواقع بطريقة أذهلت الأصدقاء قبل الأعداء؛ إلا أنني أظن أن أهم ما يجب نقله للأجيال الجديدة هو (روح أكتوبر) الخالدة.

روح أكتوبر، تلك الحالة النفسية والذهنية التي سيطرت على مصر كلها من الإسكندرية إلى النوبة ومن مطروح إلى القنال، الروح التي حلت حتى على اللصوص والمجرمين؛ فتطهر الجميع، وكانوا كلهم واحدًا.. مدنيين وعسكريين، دولة وشعبًا، هدفهم واحد هو استعادة الأرض المحتلة، وتلقين العدو درسًا يعيد له عقله وينسيه أطماعه في أرض مصر الغالية، وبذل الجميع في سبيل تحقيق ذلك الهدف كل غالٍ ونفيس.

لقد بدأت روح أكتوبر تسري في المصريين بعد وقوع النكسة مباشرة، وإلا فكيف يمكن تفسير خروج الشعب المصري لدعم القيادة السياسية ممثلة في الزعيم جمال عبدالناصر بعد خطاب التنحي الشهير؟

وكيف يمكن تفسير قدرة الجيش المصري خلال شهور قليلة من النكسة على القيام بعمليات عسكرية مستحيلة بكل مقاييس عصرها خلال حرب الاستنزاف؟

وكيف يمكن تفسير الإدارة السياسية والعسكرية العبقرية لاتفاقيات إعادة تسليح الجيش المصري بعد النكسة وتحت أعين ونظر العدو؟

وكيف يمكن تفسير التخطيط الفذ والتنفيذ الإعجازي للعمليات العسكرية وتدمير خط بارليف الحصين واستعادة أراضي سيناء بعدما زعمت إسرائيل أنها لن تخرج منها للأبد؟

وكيف يمكن تفسير البطولات الفردية للجنود المصريين خلال معارك حرب أكتوبر والتي تغنى بها الشعراء والأدباء وسجلها التاريخ العسكري في أنصع صفحاته بالدم الذي هو أغلى من الذهب؟

وكيف يمكن تفسير ما قيل بأنه بمجرد إعلان الحرب في السادس من أكتوبر 1973 توقف اللصوص عن السرقة والمجرمون عن إجرامهم احترامًا وتقديرًا للحظة والهدف والغاية الكبرى؟!

أظن أن السبب في كل ذلك هو (روح أكتوبر) التي أخرجت العبقرية الكامنة في نفوس المصريين جنودًا كانوا أو قادة، شعبًا أو قيادة، فكان الجميع على قلب رجل واحد، في سبيل النصر.

فما أحوجنا اليوم لاستعادة (روح أكتوبر) ونقلها لأبنائنا، لمواجهة التحديات والمخاطر التي تحيط بنا من كل جانب!، فمصر تحتاج منا جميعًا أن نستعيد روح أكتوبر، لنكون لها درعًا وسيفًا ضد مخططات الخارج وعملاء الداخل، ولنكون لها يدًا تبني وتعمر (مصر الجديدة).

فعلى الدولة والشعب العمل لاستعادة (المشروع القومي لروح أكتوبر)، لأننا في حاجة إلى عودة جديدة لروح أكتوبر في أصعب مرحلة يمر بها الوطن، لتكون رسالة للأجيال القادمة يتم البناء عليها وليس الهدم.

لأننا بالوعي والحقيقة والحريات وقبول الآخر، نبني مواطنًا مصريًّا محصنًا ضد دعوات التطرف والأفكار المستوردة، قادرًا على الصمود في مواجهة دعوات إسقاط الدولة المصرية من الخارج أو أدوات الهدم بالداخل التي تعد أكثر خطورة، لأن الفزاعة الحقيقية هي وعي وضمير المواطن المصري، فهو حائط الصد الأول لكشف كل السيناريوهات المزيفة.

وهم لن يقدروا على هذا الشعب؛ لأن الجينات المصرية مرتبطة بالأرض والعرض والكرامة.

فادخلوا مصر بسلام آمنين إلى يوم الدين.

إعلان