إعلان

"حجاج الباي" شاعر العامية المظلوم

د. أحمد عمر

"حجاج الباي" شاعر العامية المظلوم

د. أحمد عبدالعال عمر
07:00 م الأحد 10 أكتوبر 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

أنادي عليكي يا بلادي وأنا محزون

يا ليلايا وأنا المجنون

بحبك توب غيطان أخضر

وباعشق نيلك الأسمر

سنابل قمحك الدهبي

ترابك رملك الأصفر

هواكي أشمّه أتخدّر

وبتعكّر إذا طرفك في يوم انداس

هويتك طفل في اللفة ولسه جنين

وأنا علقة في جدار رحمك

وأنا مُضغة بين البين

وباتحسر إذا اتعرى في يوم لحمك

بياض الفلّ في نهارك بيفرحني

سواد الليل بيجرحني

مواويلك بتلوحني وتدبحني.

أبيات عبقرية في عشق مصر وكل مكوناتها، لشاعر العامية الإدفاوي الأسواني محمد أحمد الباي، الشهير باسم حجاج الباي (1935 – 1991).

وحجاج الباي شاعر عامية صعيدي من طراز نادر، لا يقل موهبة وأصالة عن الراحل عبد الرحمن الأبنودي.

لكن ربما ظلمه بعده عن المركز الثقافي، وعن القاهرة التي جاءها في أواخر ستينات القرن الماضي، ليبحث عن ذاته وأحلامه، لكنه وجدها "مدينة تأكل أرواح قاطنيها" كما قال عنها الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، ففضل العودة إلى أسوان من جديد.

ومع عودة حجاج الباي لأسوان لم يتوقف عن استكمال مشروعه الشعري والمسرحي، فكتب عدة مجموعات شعرية، منها "حكايات عروسة البحر" و"الريح والنخل والغراب" و"المخاض"، بالإضافة إلى عدة أعمال مسرحية، منها "المتمردون" و"في حب مصر".

وهي أعمال مميزة، نحتاج اليوم لإعادة قراءتها، وإبراز أصالتها وجوانب تميزها، حتى يحتل الراحل حجاج الباي المكانة التي يستحقها بين شعراء العامية في مصر، وعباقرة التعبير عن الوجدان الشعبي المصري.

يقول حجاج الباي عن ذاته وشاعريته:

أنا شاعر طويل الباع

بقول الكلمة بألف دراع

وأقول الحكمة ذي شراع

لا أنا خداع ولا بداع.

ويقول أيضاً راصدًا التحولات الاجتماعية والثقافية التي شهدتها مصر بعد نكسة 1967، ومع سبعينيات القرن الماضي، وهي التحولات التي صنعت تغريبة المصريين المعاصرين، ومسخت منظومتهم القيمية وثقافتهم.

لا الطشت قالي

ولا كانت عتبتي قزاز

ولا سلمي نيلون ولا السرير هزاز.

وأبويا كان طيب وله هيبة

وأمي لا كانت تفهم الألغاز

ولا تعرف العيبة

كان اسمها فضة وقلبها فضة

كانت بتتوضى في طبق بنور

زي البنات الحور

بالمعلقة الصيني تنزل
بحور النور تشرب وتسقيني

تهديني لو ضليت

وتردني للبيت إذا وليت

وخرجت من داري واتقل مقداري

وإن خدني راخ السندباد للشرق

أو خدني راخ السندباد للغرب

تقرأ كتاب "النيل" وترقيني

تحكي لي من الأساطير حكاوي كتير

تحفظني من المستور وتحميني

وتقولي لا تشرق ولا تغرب

زمن المخاض قرب

الطلق جاي أكيد

جايب معاه العيد

عربي الملامح مصري بالتحديد

وجي في المواعيد لابس جديد في جديد.

رحم الله الشاعر الجميل الراحل حجاج الباي، وحفظ الله مصر، وحفظ أرض الصعيد الولادة، مخزن الرجال، ومفرخة المواهب الإبداعية في كل مجال.

إعلان