إعلان

التعليم بين المدرس والفصل

د. غادة موسى

التعليم بين المدرس والفصل

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

07:01 م السبت 16 أكتوبر 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

بدأ العام الدراسي الجديد مصحوبا بتطلع الطلاب وأولياء الامور لعام دراسي مستقر بعد تذبذب لقرابة عامين بسبب شدة جائحة كورونا. حيث تمكنت وزارة التربية والتعليم من إدارة المخاطر التي اعترضت العملية التعليمية في ظل الجائحة بنجاح متواضع. فكان التركيز على وسيلة توصيل التعليم للطلاب في منازلهم بأقل تكلفة ممكنة باستخدام تقنيات حديثة. وتعامل واضعو سياسات التعليم مع الجائحة باعتبارها دائمة أو فرصة للتحول في منظومة التعليم إلى التعليم عن بعد أو التعليم الهجين.

ولم تكن مصر الدولة الأولى في اعتماد سياسة التعليم الهجين، وإنما كان اتجاهاً عالمياً. لكن في خضام هذا التوجه تم إغفال المشكلات الرئيسية المتعلقة بركائز العملية التعليمية وهي توفير المدرسين وتوفير الفصول.

وفي الواقع يتعدى الأمر مظاهر الأزمة إلى البحث في هيكل المشكلة المرتبط بمفهوم التعليم ذاته. وإدراك المعنيين لأهميته.

فما حدث في مصر خلال العشرين سنة الماضية كفيل بتفسير تلك المشكلات. فتعليم الأبناء هدف رئيسي لكل الأسر المصرية. فمازال التعليم أحد مكونات الوجاهة الاجتماعية. كما أنه أهم وسيلة للحراك الاجتماعي في الريف بشكل رئيسي. لذاك تولي الأسر المصرية اهتماما كبيرا بالتعليم. وهو ما استدعى وحفز العديد من سيدات ورجال الأعمال للاستثمار في التعليم كوسيلة لتحقيق الربح و كاستجابة لمتطلبات الأسر. فانتشرت المدارس الخاصة بشكل كبير (حوالي ٩٢٠٠ مدرسة)، هذا غير المدارس الدولية والإرساليات. وأصبحت جاذبة لأبناء الأسر المصرية وللمدرسين بسبب ارتفاع أجورهم فيها مقارنة بالمدارس الحكومية. كما أن هذه المدارس تقدم خدمات مقابل المصاريف المرتفعة كالأنشطة الترفيهية والاهتمام بتعليم اللغات الأجنبية. وهي خدمات تجذب الأطفال وأولياء الأمور على حد سواء؛ لذلك لم يصبح التعليم وسيلة للوجاهة الاجتماعية فقط، بل أصبح التعليم في المدارس الخاصة وسيلة للتباهي الاجتماعي. بغض النظر عن مضمون المناهج.

وقد انعكس كل ما سبق على ما هو متوافر في السوق لسد العجز في المدارس الحكومية من جهة، كما أن استمرار ضعف الإنفاق على التعليم ومتطلباته من فصول ووسائل تعليمية وضعف أجور المدرسين زاد من حدة الأزمة بسبب عدم قدرة المدارس الحكومية منافسة المدارس الخاصة.

لذلك أصبح التعليم الحكومي رهينة حل معضلتي الفصل والمدرس. كما أنه من الصعب الاعتماد فقط على التقنيات الحديثة لحل أزمة هيكلية. فما العمل؟!

لهذا يتطلب الأمر تحديد أولويات للتحرك. وكأحد المهتمين بنجاح سياسات التعليم في مصر لابد من بدء التعامل مع معضلة المدرس. وهذا لن يتحقق إلا برفع أجور المدرسين؛ بحيث يمكن جذب الكفاءات للمدارس الحكومية. بالإضافة لاعتماد حزمة من الحوافز المقدمة لهم. وقد تكون حوافز مادية أو معنوية. وفي هذا الصدد من الصعب أن تكون قيمة الحافز عشرين جنيها! هذا أمر لا يستقيم مع صعوبة الأحوال المعيشية وتحقيق الهدف المرجو. الحافز لا يجب أن يقل عن مائتي جنيه. وهو ما يتطلب تضافر جهود وزارات التخطيط والتنمية الاقتصادية والمالية والتعليم لتوفير المخصصات المالية. كما قد يستدعي إجراء مناقلات بين بنود الصرف. وبالتالي يقودنا للمعضلة الثانية وهي الفصل المدرسي.

في سياق حل معضلة الفصل المدرسي، سبق أن اقترحت أن تكون مساهمات مجتمعية. المجتمع المدني نشط وحيوي في مصر. وعلى وزارة التربية والتعليم استثمار حيويته وإشراكه في حل معضلة نقص الفصول الدراسية؛ لذلك عليها طرح عدد الفصول المطلوبة وعدد المدارس التي تعاني من العجز في الفصل وأماكن تواجدها، بالإضافة لتكلفة إنشاء الفصل الواحد. بالإضافة لنموذج إنشائي للفصل ومستلزماته. حتى يمكن للمجتمع المدني وأصحاب الأعمال من المساهمة في حل معضلة غاية في الأهمية لتحقيق تنمية مستدامة حقيقية.

كما أن هناك فكرة توأمة المدارس، أي يتم دعوة المدارس الخاصة والدولية والإرساليات لإنشاء فصول دراسية في المدارس الحكومية كجزء من مسؤوليتها المجتمعية وفي إطار تحقيق تنمية مجتمعية متوازنة.

إعلان