إعلان

الشماشرجية

د. أحمد عمر

الشماشرجية

د. أحمد عبدالعال عمر
07:00 م الأحد 17 أكتوبر 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

إبحث عن لوجو مصراوي داخل الموقع يومياً خلال شهر رمضان للفوز بجائزة

تسجيل الدخول

الشماشرجية نوع عجيب من البشر، موهبتهم الوحيدة تكمن في فهلوتهم ومهارتهم في القرب من الكبار، وقدرتهم على المشي على كل الحبال بحثا عن الترقي الوظيفي وتحقيق مصلحتهم الشخصية.

والشماشرجية ذرية قديمة، ربما يتغير شكلهم ومظهرهم من عصر لآخر، لكن جوهرهم واحد، ودورهم ثابت منذ أول شماشرجي في دولاب العمل الحكومي عند أجدادنا المصريين القدماء، حتى شماشرجية اليوم في كل مؤسسة.

والشماشرجية لا وظيفة حقيقية لهم، غير تلطيف الأجواء حول السيد المسئول، وأن يقولوا له ما يُريد فقط سماعه.

وكذلك الابتسامة الدائمة في وجهه، والترفيه عنه، والتغني بقدراته المُذهلة، والاستجابة لكل رغباته وطلباته، انطلاقًا من حكمة الشماشرجية المُقدسة: "أحلام سعادتك أوامر، وشخبطة أولاد سيادتك تخطيطًا لمستقبلنا".

وللشماشرجي أيضًا دور معلوماتي لا يمكن إنكاره؛ فهو قريب دائمًا من أذن المسؤول، ينقل له الأخبار والأسرار، وماذا قال فلان؟ وماذا فعل علان؟

ولهذا أصبح الشماشرجي يتمتع بأهمية كبيرة في محيطه الوظيفي، كما صار إنسانًا يحرص الجميع على استرضائه، لأنه بوابه عبور المعلومات والأخبار عنهم إلى السيد المسؤول الكبير، ووسيلة تخليص كل المواضيع .

ووجود الشماشرجية في الحياة الإنسانية والوظيفية أمر يمكن فهمه والتعامل معه؛ فقد كان، وسوف يظل هناك دائمًا شماشرجي لكل مسؤول، ولكن يجب الحد من خطورته عبر سيطرة السيد المسؤول القوية على الشماشرجي الخاص به، ووضعه دائمًا في حجمه الطبيعي، وتقليم أظافره، كلما حاول أن يتجاوز دوره.

ولكن الخطورة الحقيقية على أي مؤسسة هي أن تُبتلى بشماشرجي موهوب ومبدع في عمله، يستطيع أن يتملق الجميع، ويقدم لهم بشكل مميز كل أشكال الخدمات؛ فتفتح أمامه الأبواب المغلقة، ويرتقي صعودًا لقمة السلم الوظيفي في مؤسسته.

لأن بصعوده الوظيفي العبثي هذا، تنحط قيمة وهيبة المنصب الذي تولاه، ومكانة المؤسسة المسؤول عنها، ويكفر أغلب موظفيها بقيمة العمل والإخلاص فيه بوصفه معيارًا للصعود والترقي، ويسعون فقط لتنمية مهارتهم الشماشرجية والإبداع فيها، ويصبح شعار أغلبهم هو "طز الكبرى" التي رفع لواءها محجوب عبد الدايم، بطل رواية "القاهرة الجديدة" للراحل الأستاذ نجيب محفوظ، التي عبر عنها بالمعادلة التالية: "الدين + العلم + الفلسفة + الأخلاق = طز".

إعلان