لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"الجونة" السينمائي.. مهرجان يستحق الزعامة

أحمد الجزار

"الجونة" السينمائي.. مهرجان يستحق الزعامة

أحمد الجزار
03:21 م الخميس 26 سبتمبر 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

في الوقت الذي يحاول فيه البعض الإساءة لمهرجان "الجونة" أو التقليل من شأنه، عن طريق وصفه بـ"مهرجان الفساتين" أو تشبيهه بعروض الأزياء، بسبب حشد المهرجان لأكبر عدد من نجوم الوطن العربي في الحفلات، إلا أن المهرجان يحظى دائمًا بعروض سينمائية استثنائية، واستطاع خلال دورته الثالثة أن يقدم وجبة سينمائية متكاملة لكل عشاق السينما، وهذا ما لم يعرفه جمهور السوشيال ميديا الذي لا يركز سوى في فساتين النجمات وأيهن أكثر جرأة وإثارة، ولم يسأل أو يعرف ماذا سيقدم المهرجان لعشاق السينما؟

الغريب أن المهرجان رغم وصوله للدورة الثالثة إلا أن البعض مُصر على الهجوم عليه بنفس الطريقة ونفس الأسلوب، ودائمًا ما تأتي قذائف النقد بعد مشاهدة حفل الافتتاح، حيث يتوافد معظم نجوم الوطن العربي على السجادة الحمراء في أبهى صورة، وتتنافس النجمات لخطف الأنظار بإطلالتهن.

الحقيقة أن ما يفعله المهرجان، وما تفعله النجمات هو عُرف المهرجانات العالمية الكبرى، وما حققه مهرجان "الجونة" خلال ثلاث دورات لم تستطع مهرجانات عريقة أن تصل إليه.

من الطبيعي أن تتألق النجمات بإطلالتهن في حفلات "الجونة"، لأن كل شيء حولهن جميل ومنظم، ويستحق أن يظهرن في أفضل صورة، الغريب أن هذا الاهتمام يأتي في الوقت الذي تعاني فيه معظم المهرجانات العربية الأخرى من قلة حضور النجوم في حفلات الافتتاح والختام، ولكن مهرجان "الجونة" نجح في كسب ثقة قطاع كبير من مشاهير الفن في الوطن العربي، لدرجة أن عددا كبيرا من النجوم طلبوا الحضور على نفقاتهم الخاصة، وهناك من غضب لعدم الحصول على دعوة حضور.

بعيدًا عن "سذاجة" الهجوم، فإن مهرجان "الجونة" أصبح واحدًا من أهم المهرجانات في المنطقة العربية، واستطاع بعد هذه الدورة أن يؤكد أنه قادم من أجل الزعامة وليس لمجرد التواجد المشرف.

المهرجان هذه الدورة عرض ما يقرب من 80 فيلمًا، أكثر من ربعها على الأقل حصل على أعلى تقدير وأبرز جوائز بالمهرجانات العالمية الكبرى "كان وبرلين وفينيسيا وتورونتو وكارلوفي فاري، وغيرها"، وهي المجموعة التي كان يلهث وراءها ضيوف المهرجان بالكامل، وكانت القاعات ممتلئة عن اَخرها.

أما المهمة الأصعب للمهرجان وإدارته والتي يقاس عليها أهمية المهرجان، هي نسبة الأفلام العربية، التي اقتنصها من فم المهرجانات العربية الأخرى، أو الأفلام التي يعرضها لأول مرة عالميًا، وخلال هذه الدورة أعتقد أن مهرجان "الجونة" لم يترك شيئا لباقي المهرجانات، واستطاع أن يحصل على معظم الأفلام العربية التي نالت إشادات وجوائز دولية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، الفيلم السوداني "ستموت في العشرين" الذي نال مخرجه جائزة "أسد المستقبل" في "فينيسيا"، ومن المتوقع أن يحصد جائزة أيضا في "الجونة"، أيضا الفيلم المغربي "اَدم" الذي عرض لأول مرة عالميًا في مهرجان كان، واختره المغرب ليمثله في الأوسكار، وقد استطاع المهرجان أن يخطفه من مهرجان مراكش، ويفوز بعرضه الأول في المنطقة، أيضا فيلم "حلم نورا" لهند صبري، والذي اقتنص من قرطاج، أيضا يعرض المهرجان الفيلم الجزائري "بابيشا" الذي يمثل الجزائر هذا العام في الأوسكار، القائمة بالفعل تطول، ولا يمكن حصرها، وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على قوة البرمجة، ونجاح المهرجان في بناء جسور ثقة قوية ومتينة مع صناع السينما.

إلى جانب الأفلام، نجح المهرجان في توفير وسائل دعم متعددة للمشاريع السينمائية الجديدة، سواء في طور التحضير أو ما بعد الإنتاج، وذلك من خلال منصة "الجونة"، ويكون بذلك نواة حقيقية وفعالة لإطلاق العديد من المشاريع والمواهب الجديدة في رحاب السينما.

مهرجان "الجونة" لم ينجح فقط في كسب ثقة ضيوفه، ولكن حتى في ثقة جمهوره الذي يزداد دورة بعد الأخرى، ويقبل على مشاهدة الأفلام، فوصل عدد الحضور في دورته الأولى 7 آلاف بينما زادت نسبة الحضور إلى 18 ألفًا بالدورة الثانية، ومن المؤكد أن هذه الدورة ستحقق معدلات أكبر خاصة بعد أن تمت زيادة يوم إضافي في هذه الدورة عن الدورتين السابقتين.

الحقيقة أن مهرجان "الجونة" لديه العديد من المقاومات التي تجعل منه مهرجانًا استثنائيا في المنطقة بأكملها، حيث المدينة فائقة الجمال والسحر، والأفلام الرائعة، والتنظيم المميز، وسيكون بعد سنوات قليلة أحد أبرز المهرجانات الكبرى.

إعلان