لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

٣ ملايين بالمعرض: هلك من قال إننا لا نقرأ !

محمد حسن الألفي

٣ ملايين بالمعرض: هلك من قال إننا لا نقرأ !

محمد حسن الألفي
09:00 م الثلاثاء 05 فبراير 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

معرض القاهرة الدولي للكتاب في عامه الخمسين، في مكانه الجديد بمركز مصر للمعارض، خلف مسجد المشير طنطاوي- حقق هذا العام نجاحًا حضاريًا ملحوظًا أسعد زُواره ومتابعيه، من عدة نواحٍ:
أولها أن مكان المعرض في حد ذاته كان طول وقت الزيارة مبعث فخر وزهو في نفوس ثلاثة ملايين زائر تقريبًا.
سبب الارتياح النفسي لدى هؤلاء أن قاعات المعرض وصالاته وتنسيقه جميعا تتسق وتتفق مع الروح التي ذهب بها هؤلاء الزائرون إلى الكتب لمعرفة الجديد واقتناء ما فاتهم من القديم. فأنت حين تستعد نفسيا لمشاهدة حدث ثقافي تتأنق، داخليا وخارجيا، فإن وجدت موقع الحدث منحطًا هبطت نفسك، وتدنت معنوياتك.
زمان كان معرض القاهرة الدولي نزهة ترفيهية وثقافية في دار الأوبرا، ثم نقل المعرض لأرض المعارض، وفي الموقعين كنت تشعر أنك في سوق صاخبة، يغلب عليها الارتجال والسوقية، وبخاصة في العام الماضي بأرض المعارض، حيث باعة فقاعات الصابون والذرة ونصبات الشاي والقهوة والبالونات على النواصي والأرصفة.. يزاحمون باعة الكتب !

من ناحية ثانية، فإن الأسعار كانت ممكنة ومتوسطة، فهي إن ارتفعت في دور النشر الخاصة، انخفضت في كتب هيئات وزارة الثقافة، وشخصيا اشتريت ثلاثة كتب عن ثورة ١٩١٩، من بينها كتاب المؤرخ العظيم عبدالرحمن الرافعي عن الحركة الوطنية في مصر وأحداث الثورة الشعبية الأولى في تاريخ مصر الحديث، وكلها لم يزد سعرها على ٤٨ جنيها.
الرواية الواحدة تباع من خمسين إلى ستين جنيها. لي بالمعرض، بالمناسبة، أربعة كتب، روايتان هما (فتاة الأفيون) التي رشحتها مسابقة كتارا كأفضل رواية عربية لعام ٢٠١٧، و(المرأة التركوازية)، ثم كتابي (الوجوه)، فضلا عن كتاب ترجمته عن الإنجليزية لرباب حسن، تحت عنوان (سيطر على حياتك).

النقطة الثالثة في المعرض أن كثيرا من الشباب كانوا يبحثون، وكانوا يشترون روايات كتب العمالقة من الأدباء والمفكرين والسياسيين المصريين وغيرهم، من مبدعي العالم.
التقيت ببعضهم، وسألتهم، قالوا اشترينا لنجيب محفوظ وإحسان ومصطفى محمود والعقاد وطه حسين وإدريس.. وماذا عن روايات وكتب مراد وصادق وخالد توفيق.. وغيرهم؟ أبدوا إعجابهم لكن قالوا: هي كتابات سريعة بعبارات سهلة وحبكة أفلام. نريد الأعمال الجادة !
في المعرض الذي يختتم دورته الخمسين اليوم، الثلاثاء، يتملكك الإحساس بالرقى، متزامنا مع حسن عرض الكتب، على وحدات عرض نمطية بيضاء، مهندسة تنظيميا، على نحو يريح العيون.
كل رؤساء مصر حرصوا على افتتاح هذا المهرجان الثقافي السنوي الكبير، ومشاركة المثقفين عرس عقولهم وقرائحهم، وإبداعاتهم، وكانت لجمال عبدالناصر والسادات ومبارك جولات بدورات المعرض المختلفة.
وفي عصر مبارك، كان المثقفون والصحفيون يشتبكون معه في حوارات صعبة وأسئلة شائكة، وكان نجم المهرجان بكل المقاييس، رئيس هيئة الكتاب الراحل دكتور سمير سرحان.

ومنذ سنوات قليلة، فقد المعرض بريقه بسبب الأوضاع في مصر، ومع الاستقرار الواضح هذا العام افتتحه الرئيس السيسي يوم الثاني والعشرين من يناير. كان من المجدي لو التقى الرئيس بالمثقفين والأدباء والمبدعين، يستمع إليهم ويسمعون منه، وتتلاقى العقول، ويحلق الخيال، ويتشجع الكتاب على مزيد من الإبداع.
الذي لاحظه كثيرون هو الإقبال غير العادي من الأسر المصرية، عائلات بحالها فيها أعمار مختلفة كانت تتفرج على الكتب، وتتداول فيما بينها عن أيها الأجدر بالشراء. معرض الكتاب هذا العام بملايينه الثلاثة يقتل كلية فكرة أن الناس في مصر عازفة عن القراءة العميقة، وأن المطبوعات الورقية إلى اندثار. الناس يقرأون، والمطبوعات بأغلفة عصرية تضاهي الأغلفة الأجنبية .

نجاح المعرض هذا العام وزيادة زواره جعل معارض دولية مرموقة كثيرة تدعو مصر لتمثيلها في دوراتها المقبلة من بينها معرضا باريس الدولي وفرانكفورت الدولي للكتاب .

التحية واجبة لوزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم، ولهيثم الحاج، رئيس الهيئة العامة للكتاب.

نتمى العام القادم مد فترة المعرض ليكون ثلاثة أسابيع، وتنظيم المناقشات والندوات بشكل أفضل وأن تكون القضايا أكثر جرأة، وأن يكون المحاضرون والمتحدثون شخصيات ذات وزن ثقيل.
والأهم أن يلتقى الرئيس مع ضمير مصر وعقلها.. المبدع.
نتمنى ليس إلا !

إعلان