لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

السينماتيك مرة أخرى.. على بُعد خطوات قليلة جداً؟!

السينماتيك مرة أخرى.. على بُعد خطوات قليلة جداً؟!

د. أمل الجمل
09:00 م الجمعة 20 أبريل 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع


"كدنا أن نصنع أرشيفاً عن محاولاتنا لإقامة الأرشيف والسينماتيك" الكلمات السابقة للمخرج والسيناريست الراحل د. محمد كامل القليوبي، كانت تتماس بقوة مع مضمون مقالي المُعنون بـ"السينماتيك ومهرجان الإسماعيلية وخلط الأوراق" المنشور بـ"مصراوي" الجمعة ١٣ أبريل، وقد عبرت فيه عن يأسي الشديد فيما يخص إنشاء سينماتيك للسينما المصرية.

لكن، أثناء حضوري فعاليات الدورة العشرين لمهرجان الإسماعيلية- الذى عُقد بين ١١ و١٧ أبريل الجاري- وتحديداً في اليوم قبل الأخير منه كان هناك توقيع بروتوكول بين إدارة المهرجان والهيئة الملكية الأردنية التي ستختار مجموعة من الأفلام التي عرضت ضمن برنامج تلك الدورة لعرضها على الجمهور في الأردن. أثناء كلمته- قبل التوقيع- صرح د. خالد عبدالجليل، رئيس المركز القومي للسينما، ورئيس الرقابة، بوجود تطورات تخص قضية السينماتيك، مختتماً حديثه قائلاً: "نحن على بُعد خطوات قليلة جداً من تحقيق مشروع السينماتيك".

تقتضي الأصول المهنية، حتى لو كنت أشعر باليأس التام، أن أضيف ما استجد من تفاصيل ليعرفها القارئ، وليتم توثيقها، ثم ننتظر المستقبل لنعرف هل سيتحقق الوعد أم لا؟ وهل ستنجح وزارة الثقافة المصرية في تحقيق المشروع القومي الخاص بالسينماتيك أم لا؟

الهيكل التنظيمي

لذلك طرحت تساؤلاتي، التي اختتمتها بسؤال عن مقدار هذه الخطوات؟ وتقديره كم من الزمن يمكن لها أن تستغرقه؟ وأسباب التأخير؟ ولماذا يتوقع أننا على بعد خطوات قليلة جداً؟ فبدأ د. خالد عبدالجليل حديثه من أسباب قراره فصل رئاسة المركز عن المهرجان، وأن ذلك كان في سياق إستراتيجية وضعها، ترى أن هذا المركز لابد أن تعود له صلاحياته، ولابد أن يكون مثل أي مركز سينمائي محترم في العالم، بأن يكون مظلة لكل ما له علاقة بالسينما والصناعة؛ من دعم أفلام مصرية، دعم إنتاج مشترك، استيراد وتصدير، والتواصل الدولي، بما في ذلك من تصوير أفلام أجنبية، مع الحفاظ على التراث من خلال السينماتيك والمتحف أو الأرشيف. وأنه منذ عامين بدأ إعادة عمل هيكل تنظيمي كامل مستقل من خارج المركز. مؤكداً: "أقولها على مسئوليتي، نحن على بعد خطوات قليلة جداً من أول قطاع للسينما في تاريخ وزارة الثقافة، على بعد خطوات قليلة، ولأول مرة هذا الكيان سيكون به ما يسمى بالحفاظ على التراث، الذي سيكون تحت مظلته الأرشيف، والسينماتيك ومتحف السينما، وبالتالي أقول لك صحيح إننا منذ سنين نتحدث في هذا الموضوع، لكن أريد أن أقول: ما قد يراه الآخرون أنني طول الوقت أتحدث في موضوع لا يتحقق، لكن لو نظرتم إليه من ناحيتي فستجدونه حلماً أسعى بجميع طاقتي لتحقيقه مهما كان هناك من عقبات، فأنت لا تعرفين كم المعوقات، والعقبات، والتعثر، والتحولات لكي نقوم بإنجاز هذا الكيان المتكامل الذي فيه إعادة صياغة للمركز وإعادة صلاحياته له".

عن العقبات المؤقتة

وحين سألته عن العقبات أضاف: لابد أن نضع في الاعتبار أننا منذ ٢٠٠٩، ٢٠١٠ حتى منتصف ٢٠١٤ كنا في سياق ثورتين وأربعة أنظمة، وأربعة رؤساء، وأحد عشر وزيراً، وإحدى عشرة حكومة.. فما الذي يُمكن أن يحدث في هذا المناخ، فلنتخيل أننا في بيت، وكل يوم يتم تغيير صاحب البيت والسكان، لكن في النصف الثاني من ٢٠١٤ أتاح لنا المناخ أن نبدأ العمل، ففي يونيو٢٠١٥ نجحنا فى إعادة أصول السينما المصرية.

لكننا الآن في عام ٢٠١٨، لماذا هذا الوقت الطويل؟

لأننا نعيد أصولاً كبيرة جداً، وضخمة جداً، وسعرها السوقي بالمليارات.. وأوضاعها القانونية شائكة ومتشعبة، مثلاً هذه الأفلام أصحابها الأصليون غير موجودين، كل هذا ورق رسمي لابد أن يستوفي شروطه القانونية، لكن "خلاص تم النقل". وأنا كنت المسئول عن لجنة النقل من الوزارة. منذ نحو ٥ أشهر تم الانتهاء من التقرير النهائي لنقل الأصول، ومعي التقرير، ويمكن الاطلاع عليه.

إذن، منذ خمسة أشهر لماذا لم يتطور الأمر، ويدخل المشروع حيز التنفيذ؟

لأنه من أجل إنشاء الشركة لابد من عمل ثلاثة أشياء: أولاً؛ دراسة جدوى للشركة طبقاً لمستجدات السوق. وثانياً؛ نظام أساسي للشركة، وهذان الاثنان تم الانتهاء منهما. ويظل تسعير الأصول بسعر السوق.. وهذه خطوة مهمة لأنه عندما يأتي مستثمر سيكون هذا رأسمال الشركة. وهناك هيئة محترمة تابعة لوزارة المالية تحاول إنجاز تلك المهمة.

وماذا عما يتردد عن وجود مشكلة فيما يخص مكان السينماتيك؟

لا توجد مشكلة مكان.

أين المشكلة إذن؟

المشكلة لا أستطيع أن أقولها بتفاصيلها. لكن من الممكن أن أقول بعض المؤشرات، فمثلاً إحدى التجارب أنه في سنة ٢٠٠٨ كنت مقرراً بلجنة السينماتيك، وفي الاجتماع- الذي حضره القليوبي وسمير فريد، وصلاح مرعي، وعلي أبوشادي- كانت الرسومات الخاصة بالسينماتيك منتهية تماماً بفضل جهود هؤلاء الأساتذة، وشاهدتها بعيني، وهذا يعني أننا كنا على وشك التنفيذ، وكان في اللجنة الأستاذة الصحفية آمال عثمان، ويُمكن أن تُسأل في هذا. وتم اتخاذ القرار الذي صدر بالفعل، وبدأت شركة المقاولون العرب تخطو صوب التنفيذ، حيث تم تحديد المكان في الأوبرا، لكن فجأة ظهر قرار آخر يمنح المكان للمركز القومي للترجمة، ودفن المشروع.

إذن كانت المشكلة في المكان؟
إجابتي عن السؤال ليس معناها أنه ليس هناك مكان. المهم أنه بعد أن دُفن المشروع أُعيد إحياؤه مرة أخرى حين وقعنا الاتفاقية في مهرجان كان السينمائى، وجاء الخبراء الأجانب وزاروا قصر الأمير عمر طوسون، وعملوا الدراسة من الألف إلى الياء، وتم رصد ستين مليوناً من وزارة الثقافة لترميم القصر ليصبح سينماتيك، وأرشيف للسينما المصرية، وكان هناك قرار من فاروق حسني برصد ستين مليوناً أخرى للانتهاء من جميع أعمال السينماتيك، وأخذت موافقة من وزير الآثار ليصبح عمر طوسون سينماتيك، لكن فجأة في أعقاب ثورة ٢٥ يناير انفصلت الآثار عن وزارة الثقافة، وأخذت الآثار الفلوس، ووقف المشروع بالكامل، وظل الأمر كذلك إلى أن عادت الأصول، وأذكر تلك الجملة التي قالها د. محمد القليوبي في أحد الاجتماعات: "كدنا أن نصنع أرشيفاً عن محاولات صنع الأرشيف"، ومن محاولاتي بعد ذلك أنني التقيت بوزير الآثار، آنذاك، وطلبت منه أن يُعيد تخصيص قصر الأمير عمر طوسون لمشروع السينماتيك، فكان رده قال: "روح خده من عمر طوسون".

وماذا عن البديل المكاني بعد استعادة أصول السينما المصرية؟

من فترة فكرت في أرض مدينة الفنون، لأن هذه الأرض فيها المعمل، والثلاجة التي بها كل أصول السينما المصرية، كان عندنا أزمة حقيقية أن الأصول ليست مملوكة للدولة المصرية، لكن هي موجودة بداخل مصر، ففكرت لماذا لا يصبح هذا المكان أرشيفاً للسينما المصرية، وبه وحدة للترميم، وسيكون السينماتيك بجوار سينما رادوبيس، فمساحة المكان تبلغ ٨ فدادين. وحين بدأت التفكير في المشروع أحضرت أهم ثلاثة خبراء في هذا المجال، فعاينوا فكرة المشروع على الأرض، وكتبوا تقارير، وقالوا هذا المشروع لابد أن يتم تنفيذه، فأخذت كل الموافقات اللازمة لإنشائه داخل مدينة السينما في شهر يوليو ٢٠١٦.

إذن مضى على ذلك عام ونصف العام؟ لماذا؟ وأين عروض الدول الأجنبية التي اقترحت المساعدة؟

الأجانب يطاردونني من أجل تنفيذ المشروع، لكن الدولة لا تحرك ساكناً، لأن الأصول عاوزة فلوس كتير. لكن بخصوص عروض الدول الأجنبية فهي تقتصر فقط على تقديم الخبرة، وليس تقديم أي دعم مادي أو تمويل.
أليس من المدهش أن السعودية كانت تُحرم السينما، لكنها عندما فكرت في الإصلاح الاقتصادي مؤخراً نظرت للسينما على اعتبار أنها أحد أهم أركان هذا الإصلاح، وأنها استثمار، فصدرت القرارات، وبدأ التنفيذ على الفور، ودخل في هذا المجال شركات استثمار عالمية، بينما مصر التي كانت من أوائل الدول التي بدأت فيها السينما بعد فرنسا، مصر الدولة الوحيدة في الوطن العربي التي تمتلك صناعة سينما، لكنها غير قادرة على إنشاء سينماتيك للحفاظ على تراثها؟

الموضوع يحتاج لإرادة سياسية وقرار سياسي، في الفترة الأخيرة حين تولت الدكتورة إيناس عبدالدايم وزارة الثقافة خصصنا إدارة مركزية للأرشيف والسينماتيك والمتحف للحفاظ على أصول السينما، وسنبدأ المطالبة بالأموال من أجل تحقيق هذا المشروع. وبالفعل القرار السياسي تم اتخاذه من رئيس الوزراء، لكن الدولة لا تزال في مرحلة تكوين. وأعتقد في الفترة القادمة ستكون هناك خطوات مذهلة فيما يتعلق بملف السينما.

على بعد خطوات؟؟ ماذا تعني؟

ربما شهرين أو ثلاثة…

لكن لا يمكن أن تكون عشرين أو ثلاثين سنة…؟

ممكن تكون من شهرين أو ثلاثة، قلت هذا الرقم، لكن لابد أن نضع في اعتبارنا أننا كل ”شوية" يتم تغيير وزير الثقافة، وكل وزير له طريقته وأسلوبه. لكن لابد من الاعتراف بأن هناك شخصيات داخل وزارة الثقافة ظلت طوال سنوات تحارب- وتقاوم بجنون- إقامة أرشيف أو سينماتيك حقيقي للسينما.

إعلان