لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أمريكا المنقسمة على نفسها

محمد جمعة

أمريكا المنقسمة على نفسها

محمد جمعة
09:00 م الأربعاء 17 أكتوبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

مر حتى الآن ما يقرب من العامين تقريبا على رئاسة دونالد ترامب، بدت خلالها الولايات المتحدة منقسمة على المستوى الداخلي، إلى حد كبير.

يكفي فقط هنا أن يلقي المرء نظرة على الأخبار في وسائل الإعلام الأمريكية، أو وسائل التواصل الاجتماعي كي يشاهد حجم الهوة في السياسة الداخلية للولايات المتحدة. خاصة مع استمرار بعض الولايات الأمريكية طوال عام 2017، وخلال ما مضى حتى الآن من عام 2018، في مقاومة بعض التحول في السياسة الفيدرالية التي تنتهجها إدارة ترامب في بعض الملفات.

ولا شك أن اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس يزيد من اشتعال نيران عدد من المعارك الحزبية الجارية بين الولايات الفردية والحكومة الفيدرالية.

وفي هذا الإطار، من المهم أن نلاحظ أن العديد من القضايا محل هذا الجدل والخلاف الداخلي لها تأثير كبير أيضا في العلاقات الدولية، وعلى القدرة التنافسية التكنولوجية العالمية للولايات المتحدة، وأيضا مرتبطة باتجاهات سياسات إدارة ترامب إزاء قضايا البيئة والطاقة.

نبدأ بملف الهجرة الذي شكل نقطة محورية في السنة الأولى لترامب في السلطة.. فبعد عدة تحديات واعتراضات من قِبَل مختلف الولايات في داخل الاتحاد الفيدرالي الأمريكي، أقرت المحكمة العليا نسخة من حظر السفر الذي أصدرته إدارة ترامب. وقد تسبب ذلك في منع دخول المواطنين من ليبيا وسوريا واليمن والصومال وإيران وكوريا الشمالية وفنزويلا.

وكان وضع حدود الولايات المتحدة الجنوبية والهجرة غير الشرعية من بين المجالات الأخرى المثيرة للقلق. حيث بدأت بالفعل بعض الولايات تقاوم سياسة الحكومة الفيدرالية. وفى هذا السياق، أصدرت ولايات عديدة قوانين تحول نفسها إلى ولايات ملاذ، وذلك في محاولة للحد من سلطة الاتحاد الفيدرالي الأمريكي في شؤون الهجرة. وعندما ردت إدارة ترامب على ذلك عن طريق حجب أموال المنح الفيدرالية، تصدت الدائرة التاسعة من محكمة الاستئناف في الولايات المتحدة، ونقضت هذا الأمر، قائلة إن سلطة القيام بذلك تقع على عاتق الكونجرس فقط.

وفي الوقت الذى تتطلع فيه الحكومة الأمريكية إلى تحدي إجراء اتخذته ولاية كاليفورنيا يحظر على موظفي الهجرة والجمارك الدخول إلى مناطق معينة، تقاضي ست ولايات الحكومة الفيدرالية، مشيرة إلى أنها مجبرة (بشكل غير قانوني) للامتثال لهذه القوانين.. هذه القضايا هي الآن بين يدي المحاكم، والتي ستحدد حدود سلطة الدولة في هذا الشأن.

من ناحية أخرى، على الرغم من انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ، فإن كاليفورنيا والعديد من الولايات الأخرى تعهدت باستثمار وتعزيز التقنيات الملتزمة بروح هذا الاتفاق. بل تواصل كاليفورنيا التموضع في موقع الرائدة عالميا في مجال تغير المناخ والطاقة المتحولة.

وفى هذا الإطار استضافت القمة العالمية للعمل بشأن المناخ في سبتمبر 2018، وأقرت قانونًا يدعو الدولة إلى تشغيل كهرباء من مصادر متجددة للطاقة بنسبة 100٪ بحلول عام 2025.

وفى الوقت الذي تحاول فيه وكالة الحماية البيئية استبعاد العديد من اللوائح التي صدرت على عهد إدارة الرئيس باراك أوباما، تحارب كاليفورنيا وعدد من الولايات الأخرى هذا الاتجاه.

كذلك صوّت مجلس كاليفورنيا للطيران والموارد في 29 سبتمبر على مطالبة شركات السيارات بالاحتفاظ بالأهداف التي وُضِعَت على عهد أوباما، على الرغم من جهود إدارة ترامب لتجميد هذه المعايير. وسوف تقرر المحاكم كيفية حل هذا النزاع.

تجدر الإشارة هنا إلى أن ولاية كاليفورنيا تملك (بموجب القانون الفيدرالي) صلاحيات تسمح لها بوضع معايير خاصة بها لاقتصاد الوقود. فيما تحاول إدارة ترامب وضع حد لهذه الصلاحيات.

إلى جانب استهداف وسائل النقل، تعمل وكالة حماية البيئة على التراجع عن خطة الطاقة النظيفة لإدارة أوباما. ففي 18 سبتمبر قامت وزارة الداخلية بتخفيف المتطلبات والعقوبات المفروضة على تسرب الميثان والانبعاثات. كما تعمل اللوائح الجديدة على الحد من المراقبة والغرامات التي يجب دفعها على الميثان المنبعث. وقد قدمت كاليفورنيا ونيو مكسيكو بالفعل دعاوى قضائية.

كل تلك المعطيات وغيرها تشير إلى أن انتخابات التجديد النصفي للكونجرس قد تفضي إلى تغيير ميزان القوى في أحد مجلسي الكونجرس أو كليهما. وفوق ذلك فإن كاليفورنيا (أكبر ولاية أمريكية من حيث عدد السكان والقوة الاقتصادية) ستنضم إلى العديد من الولايات الأخرى في محاولة مواجهة السياسة الفيدرالية لإدارة ترامب على الأقل خلال العامين المقبلين.

إعلان