لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أردوغان... "عفرين" وما بعدها

أردوغان... "عفرين" وما بعدها

محمد جمعة
09:01 م الثلاثاء 30 يناير 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

على الأرجح، ستُثبت الأحداث في القريب العاجل أن المعركة التي بدأتها تركيا غير حاسمة، ومكلفة لكلا الطرفين، أي تركيا والأكراد. إنها بالفعل تمثل صداعا مؤلما في رأس واشنطن (الحليف المشترك للجانبين) وتضع ضغطا ضخما على حلف شمال الأطلنطي، ما لم تعمل كل الأطراف المعنية على تعديل استراتيجيتها، بما فيها العودة إلى عملية سلام أشمل مع حركة تمرد حزب العمال الكردستاني المستمرة منذ عقود في تركيا، وفوق كل ذلك ربما ينبغي أن نؤكد أيضا أن هذه المعركة تشير إلى أن الأسوأ قادم.

- من الناحية العسكرية، تمثل عفرين تحديدا منطقة صعبة لتركيا. فلوحدات الحماية الشعبية الكردية تواجد وسيطرة عسكرية وأيضا جذور محلية عميقة هناك.

-أيضا "عفرين" (خلافاً لمعظم الأراضي الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية في الشمال الشرقي) تعد منطقة جبال وغابات وذات كثافة سكانية مرتفعة.

- ومن ناحية ثالثة، وفي الوقت الذي يحيط بوحدات الحماية الشعبية الكردية خصومها (تركيا من الغرب والشمال- متمردون مدعومون من تركيا من الشرق- النظام السوري من الجنوب الشرقي- وعناصر هيئة تحرير الشام من الجنوب) هناك طريق يربط عفرين بأراض تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في الشمال الشرقي، عبر أراض خاضعة لسيطرة النظام؛ وربما تتمكن وحدات الحماية الشعبية من التفاوض مع دمشق لتستخدم ذلك الطريق لنقل تعزيزات.

- من ناحية رابعة، على الأرجح، ستجد تركيا وحلفاؤها من المتمردين، ممن كافحوا يوماً كي يكون لهم موطئ قدم أثناء هجوم "درع الفرات" ضد داعش أواخر 2016 وأوائل 2017، أن المضي أكثر سيغدو مكلفاً أكثر وهم يواجهون عدواً أفضل من حيث التدريب والكفاءة بقيادة وحدات الحماية الشعبية.

بل حتى لو استولوا على هذا الجيب، فليس واضحاً ما إذا كانت أنقرة تتطلع إلى تأمين السيطرة على مساحة يقطنها سكان عدائيون تجاهها، وله طبوجرافية مناسبة لحرب العصابات.

وكل هذه المعطيات تقود إلى الاستنتاج بأن تركيا (على الأرجح) ستتورط في معركة ممتدة ضد حركة تمرد قوية ولديها دوافع قوية.

ويمكن أن تغدو الأمور فوضوية إذا ما وسعت تركيا عملياتها إلى منبج (مدينة تقع عند الحد الغربي لأراضى قوات سوريا الديمقراطية في الشمال الشرقي) حيث يقول الرئيس التركى أردوغان إنها هدف أنقرة القادم.

فمنبج أرض حساسة ومتنازع عليها. وكانت الولايات المتحدة قد ساعدت قوات سوريا الديمقراطية للاستيلاء عليها من داعش في 2016، وتأكدت تركيا من انسحاب وحدات الحماية الشعبية من المدينة والمناطق المتاخمة لها بعد الاستيلاء عليها. إلا أنه عملياً سيطرت وحدات الحماية الشعبية هناك عبر شركاء محليين.

وفوق ذلك فإن واشنطن (التي تعلم أن وعدها لم يتم تنفيذه بالكامل) نشرت قوات خاصة بها في المنطقة كي تردع تركيا عن خوض هجوم.

وعلى الرغم من أن وحدات الحماية الشعبية هي جزء من قوات سوريا الديمقراطية، فإن هذا التحالف يشمل جماعات أخرى كثيرة هي في موضع القلب من الرؤية الاستراتيجية الأمريكية في سوريا. فمع قوات سوريا الديمقراطية، تهدف الولايات المتحدة لبناء قوة يمكنها أن تحول دون "صحوة" داعش أو أية جماعات مماثلة. أيضا قوات سوريا الديمقراطية تمثل بالنسبة لواشنطن نواة لتشكيل ثقل موازٍ للحكومة السورية في دمشق، ولاحتواء القوة الإيرانية المتنامية.

وبالتالي، فإذا قررت تركيا توسيع نطاق هجومها الحالي كي يشمل منبج، أو أراضي أخرى خاضعة لسيطرة سوريا الديمقراطية، ستضطر واشنطن للتدخل لمنع أنقرة، أو المخاطرة بانهيار أساس استراتيجيتها في سوريا، نتيجة تخليها عن قوات سوريا الديمقراطية. وبما أن الأتراك حريصون على تجنب أية مقاومة حقيقية من الولايات المتحدة، فإنه من غير المرجح أن تُتبِع أنقرة خطواتها في عفرين بعملية عسكرية مباشرة في منبج.

خلاصة القول، ربما يعزز هجوم عفرين مؤقتا من وضع القيادة التركية في الداخل. ولكنه ينطوي على مخاطر أساسية، ومن غير المرجح أن يُضعِف وحدات الحماية الشعبية إجمالاً، بل ربما حتى يشجع الهجوم "حزب العمال الكردستاني" على تنفيذ تفجيرات في مدن تركية – وهو تكتيك تخلى عنه التنظيم خلال العام الماضي (على الأرجح جزئيا بسبب تحذيرات واشنطن، نقلتها إليه وحدات الحماية الشعبية).

وعليه فمن غير المرجح أن تنتهي هذه المعركة بوضعٍ أفضلٍ لأي من طرفي الصراع.

إعلان