لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تفكيك الصور "الانطباعية" عن مصر في واشنطن

تفكيك الصور "الانطباعية" عن مصر في واشنطن

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:00 م الإثنين 28 أغسطس 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

قضيْت الأيَّام الماضية في مناقشات مع عدد من العاملين في الإدارة الأمريكيّة حول سبب القرار الأمريكي، بوقف جزءٍ من المساعدات لمصر، وتخفيض جزء آخر، وكان القاسم المشترك في تلك المناقشات هو أن هناك انطباعات محددةً أو صورًا نمطية stereotypes لدى دوائر معينة في الكونغرس، وربَّما في الإدارة الأمريكية حول الوضع في مصر.

والحديث عن الانطباعات مهمٌّ جدًّا، لأنَّه في علاقات الدول مع بعضها قد تكون الانطباعات أكثر تأثيرًا في مسارات مصيرية مما يحدث في الواقع.

تدور هذه الانطباعات تحديدًا كما تم ذكرها في هذه المناقشات حول أن الحكومة الحالية لا تريد أن تنفتح على المجتمع الدولي فيما يتعلَّق بهذا الملف، وأنها تتبنى ممارسات تنتهك الحقوق والحريات، وأنَّها تتعامل مع الشباب على أنَّهم “طاقة سلبية” من المهم تحْييدها.

ويُمكن القول إن هذه الانطباعات هي نتاج تفاعل ثلاثة عوامل متداخلة، أولها تواضع التقدُّم في مجال حقوق الإنسان لأسباب مرتبطة بتعقيدات المرحلة الانتقالية التي تمر بها الدولة، والثاني هو وجود تيارات تتبنَّى مواقف معادية لمصر لأسباب سياسية وأيديولوجية، والثالث هو عدم وجود تواصل فعَّال من جانب الدولة المصرية بكافَّة مؤسساتها مع المجتمع الأمريكي.

وربَّما يُعد العامل الثالث هو العامل الجدير بالمناقشة داخليًّا، صحيح أن هذا القرار دفع الكثير من الإعلاميين للحديث عن أن مصر ليست بحاجة لهذه المعونات وما إلى ذلك من مقولات، والتي تُعدُّ في رأيي غير مفيدة في مثل هذه المواقف، إلا أنَّ المسألة ليستْ مرتبطة بما إذا كُنَّا بحاجة لهذه الأموال أم لا، وإنما بصورة مصر في الخارج فيما يتعلق بهذا الملف تحديدًا.

وأعتقد أن المدخل الرئيسي لتفكيك هذه الصور الانطباعية هو تطوير استراتيجيّة تواصل متعددة الأبعاد مع الدوائر الأمريكية، هدفها الرئيسيّ ليس تبرير السياسات المُتَّخذة في مجال المجتمع المدني وحقوق الإنسان، وإنَّما تهتمُّ بإبراز بعض الإيجابيَّات في مجال الحقوق الاقتصادية وفي مجال الشباب (انظر مقالي في الأهرام 30 يوليو 2017)، وهي إيجابيَّات ليس لها مثيلٌ في دول مجاورة حليفة لواشنطن، خاصَّة وأن وضع حقوق الإنسان في تلك الدول بالفعل هو أسوأ من وضعه في مصر، ولكن الفارق أن الأخيرة تنفذ حملة علاقات عامة محترفة استطاعتْ أن تُؤثِّر في الدوائر الأمريكية. 

ومن المُهم أيضًا تعدد الأصوات التي تخاطب المجتمع الأمريكي في إطار هذه الاستراتيجية، وتمكين الكفاءات القادرة على توليد الأفكار التي تفهمها الدوائر الأمريكيّة من لعب دور مؤثر في تنفيذها، لاسيما وأنه لا يوجد قصور في هذه الكفاءات، وإنَّما المشكلة في أنَّها كفاءات مُهدرة لايتم تمكينها من لعب دور يحسن صورة مصر في واشنطن.

إعلان