لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عن المرأة التونسية.. أولًا: زواج المسلمة من أهل الكتاب

عن المرأة التونسية.. أولًا: زواج المسلمة من أهل الكتاب

عادل نعمان
08:00 م الإثنين 21 أغسطس 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

الرئيس التونسي "السبسي" يقترح زواج المسلمة من أهل الكتاب، ومساواة المرأة بالرجل في الميراث، الدنيا تقوم في بلاد المسلمين ولا تقعد، الإسلاميّون يرفضون ويناهضون هذا الاجتهاد مهما كان فيه من مصلحة وفائدة للمسلمين، فهؤلاء قومٌ قد استوخموا تاريخا معطلًا لحركة الحياة، ولو عرف الأقدمون أننا ما زلنا على عهدهم سائرين لوصفونا بالبلاهة والجنون.

فكلما حاولنا الانتصار لمصالح العباد، أو الخروج عن عباءة الفقهاء، وفخ التراث، كان رد الفعل مضادًّا له في الاتجاه، و أشد دفعًا إلى التخلف والجهل.

وأُوضّح أن أمر الدين ليس حكرًا على رجاله، فالاجتهاد نصيبنا جميعا ومأمورون به، وإذا كان الفقهاء قد اجتهدوا ومات من اجتهادهم الملايين حتى الآن، كما قالها فقهاء السلاطين ونالهم أجر واحد، فمن حقنا أن نجتهد دون موت أحد، ونصيب من أجرهم نصيبًا .

أولًا: زواج المسلمة من أهل الكتاب هناك نصٌّ واضحٌ وصريحٌ بتحريم زواج المسلم من المشركة، وزواج المسلمة من المشرك، والآية هي: (لا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ، وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ .) واتفق الجميع على أن المشركين هم الوثنيون، الذين لم ينزل عليهم كتابٌ سماويٌّ، وفي تفسير الطبري (لا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ) أي مشركات العرب (اللاتي ليس لهن كتاب يقرأنه) واعتبر الفقهاء أهل الكتاب ممن يحق للمسلم الزواج من نسائهم، ولأن الفقهاء يميلون ميلًا للرجال فقد أباحوها للرجال وحرموها على نساء المسلمين، وكانت الحكمة من تحريم زواج نساء المسلمات منهم، هي الآتي "أنّ الزوج المسلم يحترم عقيدة امرأته غير المسلمة، ويؤمن بنبيها وكتابها ويساعدها على إقامة شعائرها وطقوسها الدينيّة، من صوم وصلاة وعبادات وهو مأمور بهذا، أما غير المسلم إذا تزوج من مسلمة فإنه لا يحترم عقيدتها ولا يساعدها على إقامة شعائرها، هذا تمشيا مع الآية (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلًا)، وأن الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه، والزواج قوامة للرجل على المرأة تضيع إذا كان الرجل كتابيًّا على امرأة مسلمة، لأن النساء يتبعن الرجال على دينهم".

ونرد على هؤلاء بالآتي:

أولًا: تحريم زواج المسلمة من أهل الكتاب ليس حكمًا شرعيًّا، لكنه اجتهادٌ فقهيٌّ، فليس هناك نصٌّ واضحٌ وصريحٌ يحرّم زواج المسلمة من كتابي، والاجتهاد مقبولٌ ومسموحٌ فيما لم يرد فيه نصٌّ واضحٌ وصريحٌ، وهو أيضًا غير ملزم، وقد يكون مقبولًا أو صائبًا في حينه، وغير مقبول في حين آخر، وقد يكون له ظروف وملابسات وضرورات ومعطيات خاصة في زمان ومكان، قد تختلف عن مثيلاتها في زمان ومكان آخر، مما يجعل تغيير الفتوى أمرًا جائزًا ومسموحًا. فقد أفتى أحد المشايخ بضرورة انفصال المرأة التي دخلت الإسلام عن زوجها غير المسلم في زمن مضى، ثم تراجع من أفتى بهذا، وأجاز استمرارها في كنَف زوجها غير المسلم للضرورة، فقد تشرّد الأبناء دون أبيهم وفقدوا مورد الرزق والأمان، فقد رأى أمرًا فيه خطأٌ وضررٌ، فعدّله وصوّبه.

ثانيًا: على الرغم من وجود نصوص تؤكد أن المسلم لا يكون مسلمًا، إلا إذا آمن بالرسل جميعهم، وبكتبهم السماوية لا يفرق بين أحد منهم "ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، فقد ضل ضلالًا بعيدًا"، والإيمان بالرسل والكتب السماوية "معلوم من الدين بالضرورة"، وإنكارُها كفرٌ، إلا أن الواقع يؤكد أنه ليس في صالح غير المسلم في البلاد الإسلامية، وفي صالح المسلم في البلاد غير الإسلامية (العلمانية)، فلقد أجمع الكثير من الفقهاء منهم (الأئمة الأربعة وأهل السنة جميعهم) على كفر غير المسلم، ومنهم كثيرون أجازوا إذلالهم وتحقيرهم ومنعهم من إقامة كنائسهم بحديث "لا قبلتين في أرضٍ واحدةٍ"، ومنعهم من إقامة شعائرهم الدينية وأعيادهم، هذا واضحٌ ومخالفٌ لما يقولونه عن روح الإسلام، وفي البلاد غير المسلمة لا يُمنع المسلمون من إقامة مساجدهم أو صلواتهم أو طقوسهم الدينية، ويتمتع المسلمون في بلادهم بحرية العقيدة والعبادة، ويلزم القانون المجتمع بهذا تمامًا، ويحصن القانون حقوق المسلمين في بلادِهم، وللأسف لم يحصن الشرع حقوق غير المسلمين في بلادِنا، فيكون السبب الذي به قامت الفتوى قد سقط تمامًا وانتفى.

ثالثًا: الآية التي حرمتْ المسلم من الزواج من مشركة، هي نفسها قد حرمت زواج المسلمة من مشركٍ، ولو كان التحريم ممتدًّا لغير المشركين من أهل الكتاب، أو أجاز زواج المسلم من الكتابية وحرّم على المسلمة الزواج من الكتابي، لصرّح به الله صراحة في قرآنه امتدادًا للحكم وشموله واستكماله، ولما كان الحكم على المشركين فقط، ولم يتناول تحريم الزواج من الكتابي والكتابية، يصبح الحكم هو الإباحة لهما. لأن الأصل في الحكم هو الإباحة ما لم يصدر حكمٌ واضحٌ كاشفٌ يمْنع أو يُحرّم .

رابعًا: أما عن القوامة فهي ليست قوامة النوع أو القوة، بل قوامة الصرف والإنفاق، فكانت للرجال في زمن مضى، لكن المرأة قد تقاسمتها مع الرجال، أو انتقلت كاملة إلى البعض مِنهُنَّ، فهناك نساءٌ مسلماتٌ كثيراتٌ يُنفقْنَ على الأسرة كاملة برجالها، أو يُشاركْنَ الرجال بنسبة في الإنفاق، ولقد أجاز العلماء زواج المسيار وأهم شروطه أن يتنازل الرجل عن القوامة كاملة للمرأة، وما يسري على الرجل المسلم في القوامة إذا تزوج من مسلمة يسري عليه إذا تزوج من كتابية، والمرأة المسلمة كذلك.

الخلاصة: الحكمُ غيرُ مُلزم، ولكلّ مجتمعٍ ظروفه الخاصّة "فقه الضرورة" وضروراته واحتياجاته، وإن لم يسمح به يومًا باجتهاد العلماء، سيجاز دون اللجوء إليهم! ولكم الحق في مراجعة موقف الرسول، وموافقته استمرار علاقة زواج ابنته زينب، من العاص بن الربيع ابن خالتها هالة بنت خويلد أخت خديجة، وهي على الإسلام وهو على غيره، وفدته بقلادة أمها خديجة بعد أسره في موقعة بدر، وكان في صفوف قريش يقاتل أباها، وعودته.

إعلان

إعلان

إعلان