لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

رسائل "الشيخ جاكسون"

رسائل "الشيخ جاكسون"

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:00 م الإثنين 18 ديسمبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كان فيلم شيخ جاكسون من الأفلام التي لم أتردد للحظة أن أشاهدها حين وجهت لي دعوة عزيزة لمشاهدته، وما يتضمنه مقالي هنا ليس له علاقة بالنقد الفني، فأنا لست ناقدة فنية، وليس له علاقة بكوني خبيراً متخصصاً في الدراسات الأمنية، وإنما بكوني مشاهداً عادياً لفيلم يحوي العديد من الرسائل الإيجابية.

الرسالة الأولى التي قدمها الفيلم هي أن التحول الذي يطرأ على شخصية الفتى المصري العادي بسبب الأسرة والرفاق، قد لا يصاحبه بالضرورة إدراك الفتى نفسه أنه ينتقل من حالة إلى أخرى تتطلب تغييرًا في مظهره، حيث يصور الفيلم كيف تحوّل الفتى المعروف باسم جاكسون من كونه يحب سماع موسيقى مغني البوب الشهير التي كانت أمه تحب سماعها، وأنه تعلم الرقص عليها بتأثير من إحدى زميلاته في المدرسة، إلى تبني الفكر السلفي بتأثير من خاله الذي انتقل للعيش معه بعد وفاة والدته، وأنه تدريجيا تخلى عن سماع مغنيه المفضل دون أن يشعر ودون أن يدرك أنه بذلك يتخلى عن مصدر سعادته.

الرسالة الثانية، أن اتجاه الفرد للتدين لا يعني بالضرورة تخليه عن أمور تبعث السعادة في نفسه، أو إجباره أبناءه على التخلي عن سماع الموسيقى أو الأغاني التي تشعرهم بنوع من الارتياح والاسترخاء النفسي، وأن جمعه بين مظاهر التدين وبين سماعه الموسيقى التي يحب، والتي في هذه الحالة هي موسيقى مايكل جاكسون بل وإتقانه الرقص على أنغامها قد يخلق صورة غير مألوفة، وهي الصورة التي عبر عنها المشهد الأخير في الفيلم والذي يجمع فيه أحمد الفيشاوي بطل الفيلم بين الزي السلفي وبين رقصه على أنغام ملك البوب.

وتنصرف الرسالة الثالثة إلى أهمية التسامح واحترام تفضيلات الآخرين في الحفاظ على سلاسة العلاقات، وكيف أن تجنب الحكم عليهم بالنظر إلى ما يحبونه وما يحبون سماعه يوفر مساحات للثقة والمشاعر الإيجابية، وهذا ما أدركه بطل الفيلم في علاقته مع والده، حيث أصبح أكثر تقبلا للتعامل معه حين قرر أولا أن يسمع مغنيه المفضل ويرقص متى تسنى له ذلك على أنغامه، وثانيا أن يسمح لابنته أن تسمع ما تحبه من موسيقى غربية بمتابعة منه، وثالثا أن يتقبل حقيقة أن والده تزوج بعد وفاة والدته وبنى حياة مختلفة عن تلك الحياة المحافظة التي يعيش فيها بطل الفيلم.

هذه الرسائل الثلاث أرجو أن تكون في تقدير كل من يسعى لحجب عرض هذا الفيلم تحت دعوى "ازدراء الأديان"، خاصة أنها تقدم رداً فنياً على دعاوى التطرف التي يعج بها الكثير من الوسائط الإعلامية واسعة الانتشار هذه الأيام.

إعلان

إعلان

إعلان