لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

وجهة نظر: الرمادي وسيناريو انهيار العالم العربي

سيناريو انهيار العالم العربي

وجهة نظر: الرمادي وسيناريو انهيار العالم العربي

10:23 ص الأربعاء 20 مايو 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - راينر زوليش:

النزاع بين السنة والشيعة يجعل مهمة طرد تنظيم ''الدولة الإسلامية'' من مدينة الرمادي العراقية أمرا صعبا، بل إنه يساهم أيضا في انهيار المنطقة برمتها، كما يرى راينر زوليش في تعليقه التالي. يعتبر سقوط مدنية الرمادي العراقية ''انتكاسة'' جديدة في الحرب ضد تنظيم ''الدولة الإسلامية'' الإرهابي، كما يشرح ستيف وارن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية ''البنتاغون''، مشيرا إلى ضرورة '' عدم تقييم ذلك بشكل مبالغ فيه.'' وأضاف ستيف وارن أن ما ينبغي فعله الآن هو ''استعادة'' المدينة. من جهته عبر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن اعتقاده المتفائل، مؤكداعلى أنه ''واثق جدا'' بأن استعادة السيطرة على مدينة الرمادي سيحدث بالفعل في الأيام المقبلة.

من الناحية الاستراتيجية العسكرية قد يكون تحليل الرجلين صحيحا: فثمانية أشهر من غارات التحالف ساهمت بالتأكيد في إضعاف تنظيم ''الدولة الإسلامية'' بشكل ملحوظ. إذ تراجعت الموارد المادية غير المشروعة للإرهابيين. بالإضافة إلى هزيمتهم في معركة السيطرة على مدينتي عين العرب ''كوباني'' وتكريت وربما لن يستطيع التنظيم الإرهابي السيطرة على مدينة الرمادي لوقت طويل. ولكن بأي ثمن؟

أرواح الأبرياء تدفع الثمن

في كل الحالات، يدفع المدنيون الأبرياء ثمن الحرب. فقد أسفرت الاشتباكات في مدينة الرمادي عن مقتل 500 شخص على الأقل ونزوح أكثر من 25 ألف آخرين. وقد ترتفع الحصيلة أكثر إذا قام تنظيم ''الدولة الإسلامية'' بذبح ما يسميهم ب ''الخونة'' أو إذا رافقت الغارات الجوية الأمريكية تدخلات عسكرية للميليشيات الشيعية لتحرير مدينة الرمادي ذات الغالبية السنية من سيطرة تنظيم'' الدولة الإسلامية''. في هذه المنطقة التي يتم فيها استغلال الاختلاف المذهبي بين السنة والشيعة منذ سنوات عديدة لتأجيج صراع مفتوح على السلطة واستخدام الطائفية كذريعة لأعمال الإرهاب والصراع الدموي والعنف والانتقام. إن ذلك يعتبر أكثر من مجرد لعب بالنار، فهي مغامرة خطرة للغاية يصعب التكهن بعواقبها.

من المتوقع هزم تنظيم ''الدولة الإسلامية'' في المستقبل القريب ك ''دولة'' إقليمية، سواء في العراق أو في سوريا. ولكن ما الذي سيتبقى من البلدين؟ هذا أمر غير واضح بشكل تام.

0,,17589956_403,00

لكن الواضح هو أن تنظيم ''الدولة الإسلامية'' سيظل قائما على الساحة كميليشيا قوية وكمجموعة إرهابية، حيث إنه يجيد - مع الأسف- العزف على وترالعداوات والصراعات الدينية،التي تحدد النغمة السائدة في جزء كبير من المنطقة، في الوقت الراهن وفي المستقبل أيضا - سواء عند النخبة السياسية أو حتى لدى جزء كبير من المواطنين الخائفين. سوريا والعراق وليبيا واليمن، أي دولة عربية تلو الآخرى فشلت في تدبير النزاعات الطائفية أوالعرقية أوالقبلية على السلطة - ولايلوح في الأفق حتى الآن حل لهذه النزاعات. وفي ظل تزايد التفكك الداخلي لهذه الدول، سيعمل تنظيم '' الدولة الإسلامية'' وتنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى على نشر الخوف والرعب، حتى وإن لم تكن هناك مناطق وحدود خاصة خاضعة للسيطرة.

مشاعر الاستياء المتبادلة بين مختلف الطوائف لا تأتي من فراغ. فعلى الرغم من مرور عقود من التعايش السلمي بين الجماعات المختلفة في العديد من البلدان العربية، فقد كانت هناك خلافات طائفية حاضرة لفترات طويلة، وكانت تستخدم من قبل الدكتاتوريين السابقين، الذي كانوا يقمعونها تارة أو يستغلونها كأداة لتحقيق أهدافهم السياسية تارة أخرى. ونتيجة لفشل ''الربيع العربي'' فقد زاد الخيار الثاني، الذي أصبح يحدد معالم الوضع السياسي في العديد من المناطق. هذا بالإضافة إلى المشاكل الاقتصادية الضخمة وتفشي البطالة بين الشباب بشكل مهول في كثير من البلدان. وهو ما يشكل مزيجا خطيرا يهدد بجر كل المنطقة إلى مزيد من الفوضى والدمار.

نواقيس الخطر تظل صامتة

الشباب هو مستقبلنا – كما يقول السياسيون العرب أيضا. ولكن إذا تم ترك هؤلاء الشباب يتسكعون في الشوارع دون آفاق، ينتظرون في أوضاع محبطة قوارب الموت التي تنقلهم إلى أوروبا أو يتم استغلالهم كوقود حرب في النزاعات المسلحة، فينبغي حقا أن يدق ناقوس الخطر.

ولكن نواقيس الخطر في العالم العربي، لا تزال صامتة بشكل مخيف – سواء عند حكام الدول الفقيرة، مثل رئيس مصر عبد الفتاح السيسي الذي يواجه معارضيه بقبضة من حديد، أو حتى في دول الخليج الغنية، التي ليست أقل قمعا، علما أن الواقع الاقتصادي والاجتماعي في دول الخليج يوفر نسبيا شروطا ملائمة لإرسال إشارة سياسية قوية ضد انهيار العالم العربي. هناك حاجة الى طموح لخلق شكل جديد للتعاون الإقليمي - بما في ذلك إشراك الدول غير العربية مثل إيران وتركيا، بهدف الخروج من دائرة الندية والكراهية وتبادل أعمال العنف- ونهج مبادرة مشتركة تساعد على السير قدما في التطور والتعليم والحرية والازدهار.

المنطقة بأسرها تعاني من مشاكل مماثلة، والمنطقة كلها في حاجة ماسة إلى رؤية جديدة. ولكن الحكام السنة في الخليج فشلوا تماما في تحمل هذه المسؤولية حتى الآن. فهم ينظرون من يوم لآخر بقلق كبير لإيران فقط، منافستهم الشيعية الكبيرة، والتي تقترب من إبرام اتفاق تاريخي مع الولايات المتحدة الأمريكية، الحليف التقليدي للسعودية ولدول الخليج. كما أنهم يخشون في نفس الوقت احتمال حدوث حراك شعبي داخل بلدانهم. ولهذا يتم استغلال التوترات الطائفية في المنطقة من أجل الحفاظ على السلطة، بما في ذلك استخدام القوة وقصف اليمن، أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية. وليس هناك من رؤية واضحة لما قد يحدث من عواقب مستقبلية. لا في الخليج ولا في الرمادي.

* راينر زوليش: خبير وصحفي ألماني متخصص في شؤون العالم العربي

إعلان