لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تحليل نفسي- المواطن المصري بين الإحباط والقهر وفقدان الرؤية

تحليل نفسي- المواطن المصري بين الإحباط والقهر وفقدان الرؤية

04:37 م الأحد 21 يوليو 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تقرير – هند بشندي:

مما لا شك فيه أن المشهد السياسي المتصارع ينعكس بالطبع على الحالة النفسية للمواطن المصري، وما يصاحب ذلك من انتشار موجه من الكراهية والانقسام بين طرف مؤيد للرئيس السابق محمد مرسي وطرف آخر مؤيد لتظاهرات 30 يونيو وما تابعها، وطرف ثالث يقف موقف المشاهد، متأثرا بحالة الاتهامات المتبادلة والشائعات الرائجة.

مراحل نفسية
ترى الدكتورة نهلة ناجي، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس، أن المواطن المصري في هذه المرحلة يتعرض لهزات نفسية عنيفة. وترصد ''الفترات النفسية'' المختلفة التي مر بها المواطن المصري مؤخرا، وتقول ''فترة حكم الدكتور محمد مرسي كان يشعر خلالها المواطن بإحباط شديد، لأنه كان يتطلع لمتطلبات ويرى أن الحكومة عاجزة عن تحقيقها، وكانت لديه مطالب بالتغيير لا تلقى استجابة أو رد فعل مما سبب له في حالة من الإحباط الشديد''.

وتضيف في حديثها مع مصراوي: ''مر المواطن المصري بمراحل متصاعدة من الإحباط وصلت لمرحلة الانفجار في 30 يونيو، المشهد الذي كان أكبر من التوقعات؛ فمن مطالب بتغيير الحكومة وتعديل دستور أو انتخابات رئاسية مبكرة تطور الأمر لأرحل''.

وتكمل أستاذة الطب النفسي ''بدأت الناحية النفسية للمواطن تتحسن بعض الشيء، صاحب ذلك حالة من التفاؤل الشديد مع آمال عريضة جدا، ليصطدم بأنه لا يزال هناك عدوان في الشوارع وفوضى وخروج عن القانون ومازال هناك مصابين وقتلي، ليكتشف أن هناك أحلام كبيرة، ومشاكل كبيرة أيضا تحتاج لوقت حتى يتم إصلاحها''.

فقدان الرؤية
وتشير إلى أن هذه الحالة من التخبط تضع المواطن في انفعالات متضاربة، فهو يوم محبط ويوم متفاءل، لكن النتيجة النهائية أنه فقد الرؤية، وتصف المرحلة الحالية بأنها مرحلة تسمى ''فرقعات''، وهي مرحلة تحتاج لعمل متواصل لتحقيق ما يصبو إليه المواطن، مشددة على أن الحكومة عليها أن تضع الناس على بداية طريق الإنتاج.

وتؤكد ناجي أهمية دور الإعلام في نشر التوعية بدلا من دوره الحالي في الشحن لحرب أهلية، مضيفة أن على المواطن أن يعي أن الاختلاف سياسي وليس ديني، والاختلاف لا يعني ان نقتل بعضا، موضحه أن على باقي المجتمع أن يتقبل الطرف الثاني الذي يشعر أنه كان يملك مكاسب وانتزعت منه بغير وجه حق من وجهة نظره.

ونوهت بخطورة وصف طرف بانه ''كاذب ومتاجر وجاهل ومغيب''، معتبره أن هذا لا يؤدي إلا لمزيد من الشحن الذي يجلب العنف و''ندفع كلنا حياتنا ثمنا لذلك''، موضحة أن الخطأ يقع على الطرفين، فهناك طرف يهاجم وآخر يدافع ويصل دفاعه لحد العدوان.

الإحباط يولد العنف
يصف الدكتور محمد عبد الفتاح، أستاذ الطب النفسي، المشهد الحالي بأنه مرتبك بشكل كبير، الجانب النفسي فيه يغلب عن الجانب السياسي وأن الشعب بات في حالة ''انقسام''.

واعتبر ان المشكلة الكبرى التي حدثت هي ''انهيار المعايير'' داخل المجتمع، موضحا ''لا يوجد معاير نستطيع أن نحكم بها حاليا، لا معاير أخلاقية ولا معاير قانونية ولا معاير دستورية ولا معيار قيمية.. فمن تراه جيد يراه الفريق الآخر سيء ومن اعتبره بلطجي يعتبره آخر يدافع عن الحرية''، محذرا ان ذلك وللأسف ''جزء من انهيار الدولة''.

وأرجع أستاذ الطب النفسي في تصريحات لمصراوي، حالة فقدان المعاير التي اصابت المواطن المصري لانهيار الآليات الديمقراطية بشكل مفاجئ، بعد عزل الرئيس، مع غياب معايير ثابتة للاعتقال ومصادرة الأموال، يقابلها شعور المواطن أنه يستطيع أن يقتل أو يخرب.

ويوضح ان الانقسام السياسي الذي يحدث يأتي على الشعب المصري انعكاسات خطيرة، حين يري ان المشهد غير منطقي، يجعل فئات من المجتمع تشعر بالقهر الداخلي وهو ما حدث في سيناء من تفجيرات أمام أقسام الشرطة؛ حيث يرى هذا المواطن ان مؤسسات الدولة من وجه نظره أخدت حقوقه فيتحول عدد منهم، خصوصا من لديه خلفية ايدلوجية تؤهله لذلك، لحالة من للعدوان الشديد تجاه هذه المؤسسات.

تلاشي دور المواطن
''لنا ان نتخيل ان يشعر مواطن بهذا الإحساس نحو مؤسسات الدولة، وهو أمر شديد الخطورة''، أضاف عبد الفتاح، منوها بأن أخطر ما قد تسببه الأحداث هو تلاشي دور المواطن الذي كان سعيدا أنه اختار أعضاء مجلسي الشعب والشورى ودستور ورئيس بغض النظر عن صحة أو خطأ اختياره، لكنه يشعر بفقدان القدرة على التغيير في المجتمع مما يسبب له إحباط شديد، ويشعر أن ليس له دور، متسائلا: هل من الممكن أن يقف المواطن في الطوابير الانتخابية بعد ذلك؟

يشير الدكتور محمد عبد الفتاح لمقولة شهيرة في علم النفس وهي أن ''الإحباط يولد العدوان''، قائلا أن هناك خوف من أن تتحول التظاهرات السلمية لعنف، عندما يشعر مواطنون ان خروجهم السلمي لا فائدة منه، وأنهم ينادون بعودة رئيسهم في وقت تتم فيه انتخابات برلمانية أو رئاسية، فيتحول هنا السلوك لعدواني نتيجة الإحباط الشديد.

ويضيف عبد الفتاح أن هذا المواطن يبني عدوانه على أساس دفاعه عن قيم، لذا سيكون عدوان ممنهج يستمر لفترة طويلة، مدللا على ما حدث في ثورة يناير عندما تم إحراق مقرات الحزب الوطني، وهو أمر مماثل تكرر بإحراق مقرات الحرية والعدالة.

واستبعد أستاذ علم النفس قدرة المواطن العادي من تقليل حالة الشحن والغضب، معتبرا ان الحل سياسي يتطلب مصالحة وطنية صادقة وليست إجبارية يتحدد على أساسها آليات ديمقراطية.

إعلان