إعلان

مصطفى محمود.. فيلسوف المتصوفة وصوفي الفلاسفة

مصطفى محمود.. فيلسوف المتصوفة وصوفي الفلاسفة

06:50 م الإثنين 31 أكتوبر 2011

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تقرير - إمام أحمد :

تحل علينا الذكرى الثانية لرحيل رجل ''العلم والإيمان''، وصاحب رحلة ''الشك إلى اليقين''، الدكتور مصطفى محمود، فيلسوف المتصوفة وصوفي الفلاسفة، الذي ودّع دنيانا مع صباح السبت الموافق 31 أكتوبر 2009 ، عن عمر ناهز 88 عامًا.

تخرج مصطفى محمود من كلية الطب؛ حيث كان ذو نزعة علمية منذ نعومة أظافره للدرجة التي دفعته لإنشاء معملاً صغيرًا في منزل والده لتشريح الحشرات وكان عمره لا يتعدى الأربعة عشر عامًا. نزعته العلمية وتأملاته في الموتى - إنسًا وحيوانًا - أوجدت عنده بُعدًا فلسفيًا انطلاقًا من تساؤله: ''ما هي الحياة، ومن نحن، ومن أين أتينا، وإلى أين نذهب؟''، هنا كانت البداية التي أسفرت عن أحد أكبر الفلاسفة والمفكرين في عصرنا الحديث.

ألَّف 89 كتابًا، منها الكتب العلمية والدينية والفلسفية والاجتماعية والسياسية، أبرزها ''الله''، ''تفسير عصري للإسلام''، ''ألعاب السيرك السياسي''، ''أينشتين والنسبية''، إضافة إلى القصص كمجموعة ''عنبر 7'' والمسرحيات كـ''زيارة إلى الجنة والنار'' ورايات كـ''رجل تحت الصفر'' التي حازت على جائزة الدولة في 1970، فيما كشف عن خلاصة رحلته في كتابه الشهير: ''رحلة من الشك إلى الإيمان''، بينما اختار هو أفضل كتابًا مقربًا إلى قلبه عندما سُئل عن ذلك، مُجيبًا: ''الصوفية.. السر الأعظم''.

وانتقد الدكتور مصطفى محمود بشدة كافة الأفكار الماركسية والشيوعية. كما هاجم ما اصطلح في الثمانينات بـ''اليسار الإسلامي''، ورفض استخدام الدين في السياسة؛ معتبرًا أن نقاء الأول لا يجب تدنيسه بقاذورات الثانية من موائمات وصفقات وصراعات تناحرية بين الأحزاب والساسة.

قدم واحدًا من أشهر البرامج التلفزيونية في عصره ''العلم والإيمان''، انطلاقًا من عبارته الشهيرة: ''لن تكون متدينًا إلا بالعلم، فالله لا يعبد بالجهل'' ووصلت عدد حلقات البرنامج إلى 400 حلقة، كما أنشأ عام 1979 مسجد ''محمود'' في القاهرة والذي أطلق عليه اسم والده؛ ويتبع المسجد ثلاثة ‏مراكز‏ ‏طبية‏ تهتم بعلاج الفقراء، ويضم أيضًا أربعة ‏مراصد‏ ‏فلكية‏، ‏ومتحفًا ‏للجيولوجيا‏، يقوم عليه أساتذة متخصصون.

ولد مصطفى محمود الذي ينتهى نسبه إلى علي زين العابدين، في 27 ديمسبر عام 1921 بقرية شبين الكوم بمحافظة المنوفية، وتوفى في الساعة السابعة والنصف من صباح السبت 13 أكتوبر 2009 بعد صراعٍ مع المرض وتم تشييع جنازته من مسجده بالمهندسين وسط الآلاف من الفقراء ومريديه في جنازة غاب عنها أي تمثيل رسمي للدولة أو شخصيات عامة.

تحدث كفيسلوفٍ عن الحياة والموت قائلاً: ''كلما أمسكت بحالة من حالاتي و قلت هذا هو أنا.. ما تلبث هذه الحالة أن تفلت من أصابعي و تحل محلها حالة أخرى.. هي أنا أيضاً''، وتحدث كصوفيٍ عن السر الأعظم - على حد وصفه - قائلاً: ''الصوفية هي في حقيقتها تذوق لما ينقال، فهي تعبر بالإشارة والإيحاء.. فمن وهبه الله الذوق التقط الإشارة وترجم العبارة. ومن حُرم الذوق فاتتهالإشارة وأبهمت عليه العبارة.. ولو أحببتم كما أحببنا؛ فهمتم كما فهمنا''.

وكداعي إلى الحرية يتحدث د.مصطفى محمود محذرًا: ''إن اخطر ما يهدد حريتنا ليس السجن..ولكن مشنقة في داخلنا أسمها القلق''، وكواعظ ديني يقول: ''إنما تبدأ عبادة الله بمعرفة الله ومقامه الأسمى، وتبدأ معرفة الله بمعرفة النفس ومكانها الأدنى''، ومنبهًا على قيمة العقل وأهميته يشدد: ''لابد أن نضع على عقولنا مصفاه ناقده ترشح وتنقى وتجادل وتناقش كل ما يلقى إليها''.

أخيرًا يوضح لنا الدكتور مصطفى محمود فلسفته في ضرورة الجميع بين العلم والإيمان، قائلاً: ''أنت تجد في الشرق أحد اثنين. تجد من يرفض العلم اكتفاءً بالدين والقرآن، وتجد من يرفض الدين اكتفاءً بعبادة العلم المادي والوسائل المادية''، متابعًا: ''كلا الاثنين سبب من أسباب النكبة الحضارية في المنطقة، وكلاهما لم يفهم المعنى الحقيقي للدين، ولا المعنى الحقيقي للعلم''.

في ذكرى وفاته الثانية.. رحم الله الفيلسوف والمفكر والواعظ والصوفي والأديب والطبيب مصطفى محمود، الذي قال قبل وفاته مودعًا الدنيا أو ''الفصل الأول من الرواية'' كما يحب أن يصف: ''قيمة الإنسان هي ما يضيفه إلى الحياة بين ميلاده وموته''.

اقرأ أيضا :

العلم والايمان للدكتور مصطفى محمود اللغز ... - مصراوى فيديوهات - مصراوي

إعلان

إعلان

إعلان