بعد جدل الرقم 19.. الإعجاز العددي في القرآن الكريم حقيقة أم أسطورة؟
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
كتبت – آمال سامي:
الإعجاز العددي للقرآن الكريم، ومعجزة رقم 19 التي تثير الجدل بين الآونة والأخرى، تقتضي البحث حول أصله ونشأته وكيف ظهر ورأي العلماء فيه، ولعل أيسر تعريفاته ما ذكره الباحث عبد الدائم الكحيل، وهو أحد أبرز من تحدثوا في الاعجاز العددي للقرآن بأنه: "العلاقات الرقمية بين حروف القرآن وكلماته وآياته و سوره والتي أودعها الله في كتابه لتكون برهاناً مادياً ملموساً لأولئك الماديين والشاكين بكتاب الله تعالى على صدق هذا القرآن وصدق رسالة الإسلام...لكن هل هناك حقًا ما يسمى بالإعجاز العددي للقرآن الكريم؟
رشاد خليفة...هو صاحب أشهر الأبحاث في الآونة الأخيرة حول الإعجاز العددي للقرآن الكريم، أبرزها واشهرها ما تعلق برقم 19، وتوصل خليفة لحقيقة هذا الإعجاز عندما أدخل حروف القرآن الكريم على الكومبيوتر ليكتشف تلك المعجزة وأصدر كتابًا اسماه "معجزة القرآن".
ورشاد خليفة هو مصري مولود في كفر الزيات في نوفمبر عام 1935 وهاجر لأمريكا للدراسة عام 1959م وحصل هناك على الجنسية الأمريكية، لكن على الرغم من نشأته الصوفية، إذ كان والده أبرز شيوخ الصوفية، إلا أنه اتجه إلى دراسة القرآن الكريم بشكل علمي حين هاجر لأمريكا ليخرج بهذه النظرية التي ادت به في النهاية إلى ادعائه النبوة!
هل هناك ما يسمى بـ "الإعجاز العددي للقرآن"؟
في نهاية شهر مارس لعام 2018 خصصت حلقة كاملة من برنامج "والله اعلم" مع الدكتور علي جمعة، مقتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، للحديث حول الإعجاز العددي للقرآن الكريم، وهل هناك حقًا ما يسمى بذلك، ليقول جمعة أنه لا يرى أن الأمر يمكن أن يوصف بـ "الإعجاز" إذ يستدعي الاعجاز المقارنة ولكن في نفس الوقت حين يطالع المرء القرآن الكريم يجد منظومة متكاملة في علم الميراث، أو منظومة متكاملة في علاقات الاجتماع البشري، "فكل هذا اعجاز لأنه صدر عن نبي أمي لا يعرف القراءة والكتابة ويأتي بكل الحقائق..".
موقف الإفتاء من "معجزة الرقم 19"
في عام 2001 أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى رسمية حول معجزة القرآن الكريم والعدد 19 حين سئلت الدار عنها، ليجيب الدكتور نصر فريد واصل، مفتي الجمهورية حينها، قائلًا أن معجزة القرآن الكريم في لفظه ومحتواه ولا يمكن لبشر الإحاطة بإعجازه ولهذا الاعجاز مظاهر كثيرة، إلا أنه رد بشكل قاطع على بحث رشاد خليفة في نقاط محددة:
أولًا: إن هذا البحث يغلب عليه الفكر البهائي وتقديسه للعدد تسعة عشر.
ثانيًا: إن الباحث ركز على الرقم تسعة عشر، وحاول أن يخضع كل آيات القرآن إليه بدون ضابط محدد، فمرة يضرب عدد كلمات الآية أو حروفها في العدد أربعة، ومرة يضربه في ثلاثة، ومرة في اثنين، ومرة في خمسة، ومرة في ستة... إلخ، وكل ذلك محاولة منه لإيجاد الرقم تسعة عشر، وهذا في جميع البحث من أوله لآخره.
ثالثًا: إن الباحث من أجل أن يثبت نظريته في تقديس العدد تسعة عشر فإنه يشكك في كتابة المصحف وفي الرسم العثماني الذي بلغنا من عهد الصحابة إلى عصرنا الحاضر بطريق التواتر، وذلك في البند 29 من البحث، والذي يقول فيه: إذا عددنا الحرف (ن) في السورة الوحيدة التي تفتتح بهذا الحرف وهي سورة القلم نجد أن هذه السورة تحتوي على 133 حرفًا (ن) وهذا العدد = 19 آخذين في الاعتبار أن الحرف (ن) يكتب في الرسم العثماني للمصحف الأصيل ثلاثة حروف هكذا: نون. وهذا خطأ بيِّن من الباحث؛ لأن القرآن وصلنا بطريق التواتر على هذا الرسم المذكور في المصاحف الآن.
وفي النهاية يقول واصل في فتواه أن هذا البحث لا يرقى حتى إلى درجة البحث العلمي المفيد، وإنما هو ترجمة لفكر صاحبه وتأثر بمذهب البهائية المنحرف، ليؤكد أنه لو أن باحث آخر استخدم أي رقم غير 19 ووفق عليه آيات القرآن بنفس طريقة كاتب هذا البحث التي وصفها بأنها خالية من الضابط، فسيصل للنتيجة التي وصل إليها الباحث عن العدد 19، ليقول واصل في نهاية فتواه: "ويجب على المسلم أن يكون فطنًا ولا يشارك في نشر مثل هذه الأبحاث حتى لا يرتكب إثمًا ويضر بنفسه وبغيره من المسلمين من عامة الناس أو غير المتخصصين من العلماء المسلمين".
"لا أحب أن اسميه بالاعجاز"
هكذا يرى جمعة "الإعجاز العددي" فهو يرى أن القرآن الكريم به الكثير من الأعداد، في كلماته وحروفه، مما لا يتيح لنا تطبيق الاعجاز عليها، وهو ما يسمى في علم الإحصاء بنظرية "الأعداد الكبيرة" ووصفها جمعة بـأنها نظرية مركبة، ويبدو أن جمعة يشير إلى "قانون الأعداد الكبيرة" وهو قانون إحصائي ينص أنه كلما زاد عدد الوحدات التي يجرى عليها التجربة كلما آلت نسبة الإحتمالات المتوقع إلى الإحتمال المحقق لهذه التجربة إلى الواحد الصحيح بمعنى أن يصبح الأحتمال المتوقع مساوياً أو قريباً من الإحتمال المحقق.
ورد جمعة على ادعاء ان القرآن بني على عدد 19 بأن ما انطبق على هذا العدد انطبق على غيره وفق نفس النسق الذي يسير عليه أصحاب الاعتقداد بـ "الإعجاز العددي للقرآن"، فيقول جمعة أن صاحب نظرية الرقم 19 يقول بأن السملة 19 حرف واسماء الله الحسنى في القرآن الكريم 152 وهي تقبل القسمة على 19، وأضاف جمعة ان صاحب هذه الفكرة اعترف بالإسلام، ثم ذكر انه صاحب دين جديد، ثم ادعى الألوهية، ولكن شخصًا آخر خرج من هذه الفكرة بأن رقم 11 مثل رقم 19 وتنطبق عليه نفس الأفكار وأثبت ذلك، وكذلك رقم 21 و7 وهكذا، وبدأ يكتب جداول احصائية لاثبات ذلك، وظل يتابع البحث حول ارقام القرآن وكتب خمسة مجلدات في هذا الأمر، يقول جمعة: "تطلع بأيه من دا؟ أن 19 طلعت مش هي الرقم الوحيد"، ليس هذا الأخير، فيروي جمعة قصة رجل آخر تركي الأصل خرج بفكرة المصحف التوافقي، وهو أن كل صفحتين في القرآن متوافقتين، فكتب القرآن بسورة توافقية، وطبع في تونس واستنابول، "مش هسميه اعجاز دي مبهرات او عجائب أو لطائف...في ناس بتزعل وبتقول دا اعجاز"، يقول جمعة مؤكدًا على موطن الإعجاز الحقيقي: "لكن هل يمكن لبشر أن يصنع كتاب في 23 سنة به 1620 كلمة لا تتكرر؟"، يقول جمعة أن هذا امر فوق العقل، فكافة الأدباء العظماء لم يستطيعوا فعل ذلك، "الأمر فيه عجائب ولطائف تستدعي الاعجاب والانبهار"، والذي يبدو في النهاية لا يصل إلى حد "الإعجاز" كما يرى جمعة.
فيديو قد يعجبك: