لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تحويل القبلة وتمحيص المؤمنين

01:16 م الإثنين 01 يونيو 2015

تحويل القبلة وتمحيص المؤمنين

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

بقلم – هاني ضوَّه :

ظل المسلمون بعد الهجرة إلى المدينة المنورة يتوجهون في صلاتهم إلى بيت المقدس، وظل ذلك إلى ما يقرب من سبعة عشر شهرًا، ولكن قلب الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله كان متعلقًا بالبيت الحرام، فقال يومًا لأمين الوحي جبريل عليه السلام: "وددت أن يصرف الله وجهى عن قبلة اليهود"، فقال جبريل:إنما أنا عبد فادع ربك و اسأله. 

فظل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقلب وجهه الشريف في السماء داعيًا الله سبحانه وتعالى أن يجعل قبلة المسلمين هي الكعبة المشرفة، أول بيت وضع للناس، حتى أنزل الله سبحانه وتعالى عليه قوله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِك فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}.

ففرح قلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكان ذلك يوم 15 من شعبان على أصح الأقوال، وجاء الأمر الإلهي بتحويل القبلة أثناء آداء النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين لصلاة العصر وقيل الظهر، وكان قد صلى ركعتين، فاستدار النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو راكع، واستدارت الصفوف خلفه ثم أتم الصلاة.

وكان تحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة اختبار وتمحيص للمسلمين والمؤمنين لتصفية صفوف المسلمين من المنافقين وضعيفي الإيمان، لأنهم كانوا مقبلين على تحديات كبيرة وغزوات لا يصلح فيها إلا أصحاب القلوب المؤمنة الصادقة المخلصة.

وكان موقف المسلمون الصادقون واضحًا جليًا قولًا وفعلًا، قولًا عندما علموا بتحويل القبلة كان قولهم: سمعنا وأطعنا، وقالوا: آمنا به كل من عند ربنا. وفعلًا بأن تحولوا دون تردد في قبلتهم إلى الكعبة أثناء صلاتهم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد أن علموا بذلك، فأصبحوا هم الذين هدى الله ولم يكن الأمر كبير عليهم.

أما بعض ضعيفي الإيمان والمنافقين من المسلمين فأصابهم الشك والحيرة واستكبروا الأمر وقالوا: ما ندرى محمد أين يتوجه إن كانت الأولى حقا فقد تركها، وإن كانت الثانية هي الحق فقد كان على باطل، وكثرت أقاويل السفهاء من الناس وكانت كما قال الله تعالى: {وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ}.

وكان بعض المسلمين قد ماتوا قبل تحويل القبلة، فقال المنافقون: وددنا لو علمنا من مات منا قبل أن نصرف إلى القبلة (أي: المسجد الحرام) وكيف بصلاتنا نحو بيت المقدس؟ فأنزل الله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ}.

وأما المشركون فقالوا:كما رجع إلى قبلتنا يوشك أن يرجع إلى ديننا، وما رجع إليها إلا أنه الحق.

وهنا وجد اليهود الفرصة سانحة ليشككوا المسلمين ويثيرون حالة من الجدال عقب تحويل القبلة، فقالوا: خالف قبلة الأنبياء قبله ولو كان نبيا لكان يصلى إلى قبلة الأنبياء، وذهبوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وقالوا له: "يا محمد، ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها، وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه؟ ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك، فنزل قول الله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.

وقال تعالى: {وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ). وقال تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ}.

وقد فطن أهل الإخلاص واليقين من المسلمن أن الله سبحانه رب الأمكنة والأزمنة جميعًا، ولقد كانت عودة المسلمين إلى الكعبة رجوعًا إلى الأصل الذي بناه أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام فتوجه المسلمون بعد ذلك إلى مكة كل يوم في صلاتهم خمس مرات، وكان تحويل القبلة في العام الثاني من الهجرة، وفي ذلك العام فرض الله الصوم والزكاة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان