من حكم الصيام

مقال بقلم د. عبد الحليم إبراهيم كرسون
عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية

يقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" [البقرة : 183]

ذكر ابن كثير فى تفسيره أن الله تعالى يخاطب المؤمنين من أمة الإسلام آمرًا إياهم بالصيام ، وهو : الإمساك عن الطعام والشراب والجماع بنية خالصة لله عز وجل ، لما يترتب عليه من زكاة النفس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة.

فحقيقة الصوم فيها تزكية للبدن وتضييق لمسالك الشيطان ولهذا ثبت في الصحيحين : " يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ".
ويعد الصوم من الأوامر التي تتحقق فيها مصلحة للخلق في كل زمان.
وفيه تنشيط لهذه الأمة بأنه ينبغي لها أن تنافس غيرها فى المسارعة إلى صالح الاعمال والخصال، ثم ذكر الله تعالى حكمته في مشروعية الصيام فقال: { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى لأن فيه إمتثال لأمر الله واجتناب نهيه. فمما اشتمل عليه من التقوى: أن الصائم يترك من الأكل والشرب والجماع ونحوهم وهذه الأشياء هى التي تميل إليها نفسه متقربا بذلك إلى الله راجيا بتركها ثوابه، فهذا من التقوى.
ومن الحكم أيضًا: أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى, فيترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه لعلمه باطلاع الله عليه.
ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان الذى يجري من ابن آدم مجرى الدم فبالصيام يضعف نفوذه، وشوكته، وتقل المعاصي من ابن آدم.

ومنها: أن الصائم في الغالب تكثر طاعته وأعماله الصالحة والطاعات من خصال التقوى.

ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع أوجب له ذلك مواساة الفقراء المعدمين وهذا من خصال التقوى.